المونديال يتحوّل عند كلّ موسم في لبنان من لعبةٍ إلى قضية، ويتحوّل اللبنانيون من مشاهدين يتابعون كرة القدم إلى كرةٍ تُقذف إلى هنا وهناك. الأعلام جاهزة دائماً ترفرف على الشرفات أو من شبابيك السيارات أو حتّى تغطّي بنايات كاملة. والقبعات والقمصان التي رُسِمت عليها أعلام البلدان المشاركة في المونديال جاهزة منذ فترة... كلّ شيء جاهز ما عدا أمر واحد «بسيط»: مشاهدة المباريات! انتشر في لبنان خبر الحق الحصري الذي تمتلكه قناة «الجزيرة الرياضية» مثل النار في الهشيم، لا لأنّ الناس يهتمّون في أمر مَن حصل على الحق الحصري ومَن لم يحصل عليه، بل لأنّ هذا الواقع أدّى إلى نتيجة مخيفة هي وجوب دفع مبلغ غير قليل بالنسبة للبعض، وطائل بالنسبة للبعض الآخر، وهو مبلغ 130 دولاراً على الأقل، فقط للذين يملكون صحناً لاقطاً خاصّاً بهم. أمّا بالنسبة للأشخاص الذين يشتركون في «الكابل» مقابل مبلغٍ شهري فهؤلاء كان محكوماً عليهم أن يتناسوا المونديال والمباريات والإكتفاء بالإستماع إلى النتائج في اليوم التالي. هذه ليست المرّة الأولى التي يواجه فيها اللبنانيون هذا الأمر، ففي العام 2006 كادت المشكلة تقع لولا تدخّل دولة قطر لتفتح شاشة «الجزيرة الرياضية» أمام المشاهدين، بخاصّة أنّهم كانوا حينها يواجهون حرباً ضارية، وكان يكفيهم ما يعانون. في الأسبوعين الماضيين كثرت الاجتماعات واللقاءات لإيجاد حلّ نهائي يرضي جميع الأطراف، وعُقد الإثنين ما قبل الفائت اجتماع تحدد فيه موعد للقاء آخر بعد أسبوع، أي الإثنين الفائت. «الحياة» تحدّثت إلى رئيس «جمعية أصحاب السواتل الأرضية والهوائية» في لبنان إيلي بريخا لتطّلع منه على نتيجة اللقاء مع مسؤولين عن قناة «الجزيرة الرياضية»، فقال إنّ الإجتماع لم يتمّ لأنّ لا أحد كان مهتمّاً بملاحقة قصة المونديال في وقت كانت أخبار قافلة الحرية المتوجهة إلى غزّة تملأ الشاشات بعد تعرّضها للإعتداء من القوات الإسرائيلية. وكان السؤال الذي يردده الجميع يطرح نفسه: «هل سنشاهد المونديال هذه السنة، على الأقل باللغة العربية؟» يجيب بريخا: «كلّ المعطيات تشير إلى نتيجة إيجابية خصوصاً بعد اللقاء مع الوفد القطري الذي أكّد اهتمامه بالموضوع مركّزاً على فكرة وجوب أن يشاهد المباريات كلّ الشعب اللبناني، بخاصّة الفقير منه، لئلا يكون المونديال حكراً على الأغنياء فقط». ويوضح بريخا أنّ المشكلة الأساسية ليست من المسؤولين القطريين بل «للأسف بسبب أحد اللبنانيين الذين يسعون الى جني الأرباح الطائلة من خلال عرض هذا المونديال». ويُسأل إن كان يقصد بقوله وكيل «الجزيرة الرياضية» في لبنان محمد الخطيب الذي أطلّ في أكثر من مقابلة موضحاً وجهة نظره، فلا يتردد رئيس جمعية أصحاب السواتل الأرضية والهوائية بإعلان إسمه شارحاً أنّ الخطيب يملك عقداً غير حصري من مكتب «الجزيرة» ولا يحق له أن يلاحق أصحاب السواتل، بل يحق له ملاحقة أصحاب الفنادق والمقاهي. ويضيف: «نحن نؤيّده لأنّ هذا حقّه، ولكن ليس من حقّه أن يتّهمنا بأننا قراصنة نستولي على بث المحطات الفضائية». ويؤكّد أنّه بصفته ممثلاً أصحاب الأحوال المتواضعة الذين يشتركون بالكابل لن يقبل بالإحتكار ويرفض أن يزيد القسط الشهري على المشاهدين كي يربح فلانٌ حفنة إضافية من المال. ويضيف بريخا شارحاً وجهة نظره: «قناة «الجزيرة الرياضية» مرمّزة، وقانون البث المرمّز لم يصدر بعد في لبنان بحسب ما أكّده الوزير طارق متري، لذلك لا يمكن أحداً أن يوجّه إلينا إصبع الإتهام، على الأقل ليس قبل النظر في المحطّات المرمّزة كلها التي تجمع الأموال من دون أن تمرّ على أيّة وزارة، وهذا أصلاً منافٍ للقانون»، ويسأل: «لماذا تُسلَّط الأضواء علينا نحن بدلاً من أن تتركّز على المحطات التي تشكّل نسبة 99 في المئة من خرق القوانين؟». ونقل إيلي بريخا عن ممثل القناة في لبنان حسّان شعبان أنّه قطع وعداً بأنّ لا أحد أو شركة لبنانية ستحصل على الحق الحصري لأنّ «الجزيرة» لا تملك أهدافاً تجارية، قائلاً إنّ ال «فيفا» هي التي فرضت عليها أنّ تشفّر قناتها. وتابع بريخا: «من السهل التصديق بأنّ القطريين لا يطمحون للربح المادي من لبنان لأنّه يكفي المرء أن يقوم بحسابات بسيطة كي يكتشف أنّ مجموع الربح، مهما كان كبيراً، لن يصل إلاّ إلى رقمٍ صغير جداً لن يعادل أكثر من نسبة ضئيلة من الهبات الكثيرة التي قدّمتها قطر إلى لبنان». موعد المباراة الأولى في المونديال يقترب والجميع يعقدون الآمال ويتفاءلون خيراً منتظرين لحظة الحقيقة التي لا يمكن أحداً الشك فيها.