عندما نجا من الموت أوّل مرّة، قرّر الهنغاري إيمري كيرتيش أن يكتب. لم يعتقد أنّ شيئاً قد يُخلّصه من جحيم معسكر المعتقلات النازية الذي انساق إليه مراهقاً إبّان الحرب العالمية الثانية، هو المولود في بودابست لعائلة يهودية عام 1929. وحين خرج من معتقل بوشنوالد نهاية الحرب بما يشبه الأعجوبة، قرّر أن يكتب، وكأنّ الكتابة معادل آخر للحياة. بدأ حياته، التي انتهت في بودابست أمس عن 86 عاماً، في الصحافة، لكنّه سرعان ما تخلّى عنها بسبب هيمنة النظام الشمولي في هنغاريا. بيد أن سطوة الكلمة لازمته، فوهب نفسه للأدب، كاتباً ومسرحياً ومترجماً. أمّا «كائن بلا مصير»، فهي روايته الأشهر على الإطلاق. كتبها بعد سنوات من التفكّر والتأمّل في تجربته وتجارب المحيطين به. صدرت عام 1975، وتحولّت إلى فيلم من إنتاج ألماني- هنغاري في العام 1998. تغوص الرواية في عالم المعتقلات والعنف والهولوكوست على لسان فتى في الخامسة عشرة، هو ليس إلا قرين الكاتب نفسه. واستقى كيرتيش عنوان روايته من إحساس داخلي عاشه خلال تلك المرحلة بأنّه إنسان مُجرّد من مصيره، والأصح قولاً من إنسانيته بالمعنى الأوسع. عُرف عن الكاتب عشقه لألبير كامو الذي يجد فيه صورة المفكّر الشاب والمتمرّد وممثّل الرواية الفلسفية الحقيقية، وأعجب بأعمال نيتشه التي اشتغل على ترجمتها. حاز كيرتيش جائزة نوبل للآداب عام 2002، قبل أن يعتزل الكتابة عام 2012. من أهمّ أعماله: «الهولوكوست»، المحضر»، «شخص آخر»، «التصفية»، «لحظة صمت»، «اللغة المنفية»، «ملفاك».