1 اعذروني .. اليوم سأكتب مقالاً سياسياً، أو على الأقل محسوباً على السياسة، فالاعتداء الهمجي على «أسطول الحرية» أول من أمس، لم يجعل لأي كاتب الحرية في أن يكتب في ما يشاء! 2 اشتهرت إسرائيل بسيناريواتها الذكية أو المتذاكية، التي تضعها دوماً عقب كل اعتداء همجي تقوم به قواتها الوحشية. لكن السيناريو الذي أعلنته أمام العالم تبريراً لاعتدائها على «أسطول الحرية»، كان غاية في الغباء أو ربما في التغابي، فمن يمنع إسرائيل من أن تتذاكى أو تتغابى على عقول العالم كما تشاء؟! أعلن الجيش الإسرائيلي أن الناشطين الذين كانوا على متن قافلة سفن الاغاثة (في عرض البحر) هم الذين اعتدوا على الجنود الإسرائيليين (الآمنين) بالسكاكين والعصي مما اضطر الجنود الآمنين الى التحول إلى جنود مقاتلين للدفاع عن أنفسهم .. فكانت المذبحة! طبعاً، ليست جديدة اليوم التأكيدات بأن السفن كانت في المياه الدولية، وأنها كانت تحمل أعلاماً بيضاء، وأنها كانت خالية من أية أسلحة قد تستخدم «لإيذاء» الجنود الإسرائيليين «الآمنين»، الذين قفزوا على السفن من طائرات مروحية في عملية (الفجر الدامي)! هذا بشهادة صحافيين غربيين على متن السفن. القافلة كانت عملاً نوعياً للتعاطف مع المظلوم ضد المحتل، وتميزها آتٍ من نوعية المشاركين فيها من برلمانيين أوروبيين وإعلاميين أحرار، لم تثنهم عن المبادرة النبيلة مهاترات الفصائل الفلسطينية أو مماحكات المتحيزين أو فذلكات المتلاعبين بكرامة الإنسان من أجل كرامة الكرسي! جاءت القافلة لتكسر الحصار الوحشي على غزة، الذي أعلنت الأممالمتحدة أن كمية ما تسمح به إسرائيل لإدخاله من مؤن إلى قطاع غزة أسبوعياً لا يمثل سوى ربع ما يحتاجه سكان القطاع. وجاءت القافلة لتكسر ما تبقى من الصورة المسالمة الوديعة لإسرائيل، بإنزالها للكوماندوس المتوحش الذي عبّر أحد أفراده من الجنود الإسرائيليين عن عتبه على قادة الجيش لأنهم «لم يحضّرونا لسيناريو من هذا القبيل، حضّرونا لمواجهة بعض البصاق والشتائم»! لكن الجندي الإسرائيلي الذي رضع الكذب في المدرسة العسكرية الإسرائيلية، الذي كان ينتظر البصق على وجهه، فوجئ بأسلحة الدمار الشامل في حوزة ركاب سفينة الإغاثة، مما اضطره متألماً لاستخدام الأسلحة «الخفيفة» التي بحوزة قوات كوماندوس إسرائيلية للدفاع عن هيبة إسرائيل! 3 كذبة الأسلحة لا تكفي لتبرير الهجوم الإسرائيلي الوحشي، لذا كان لا بد من الانتقال الى الكذبة المنتظرة الأخرى، وهي التي أعلنها نائب وزير الخارجية الإسرائيلي بأن منظمي الأسطول لهم «علاقات طويلة مع حماس والقاعدة». هذه الكذبة بالذات لا حاجة لتأكيدها من لدن الحكومة الإسرائيلية، إذ سيخرج غداً الكاتب العربي «المتخصص في شؤون ربط حماس والقاعدة بأي عمل رجولي»، ليثبت بالشواهد والأدلة هذه التهمة التي قد لا تستطيع إسرائيل إثباتها. انتظروه .. غداً سيخرج .. انتظروه! * كاتب سعودي [email protected]