«شيخ الشباب» كما يسميه الممثلون العرب الراغبون في العمل في السينما الأميركية، هو مواطن أميركي من أصل عراقي يتخذ لنفسه مهنة تنظيم العلاقة بين هؤلاء الممثلين وهوليوود. وهو أمر خطير ومهم في آن. فالمسألة تتعدى إمكانات شخص ما، مهما امتلك من مواهب إدارية وتنظيمية ونوايا حسنة، بخاصة أن العناصر العربية، كما ظهرت أخيراً في برنامج «محطات» على شاشة «العربية»، لا يمكنها بسبب وضعها الاستثنائي من اختراق الحصن الهوليوودي إلا من خلال الاستئثار بأدوار ثانوية. ف «تحقيق الحلم الأميركي قد يأخذ ربع قرن من حياة الممثل»، كما يقول هاني نعيمة، وهو ممثل أميركي من أصل لبناني. «وربما يظل ممثلاً في الباك غراوند، وخلف البطل دائماً». نعيمة محظوظ إلى حد ما. فبعد مرور عامين على إقامته في الولاياتالمتحدة تمكّن من الحصول على بعض الأدوار القصيرة، «وإن كان الحصول على عضوية نقابة الممثلين المعروفة اختصاراً باسم «ساغ» في هوليوود ليس بالأمر الهين». هذا ما تؤكده الفلسطينية دينا دواني التي تمكنت من الحصول على دور لها كممثلة في فيلم لمخرج فلسطيني اسمه جوزيف عاصي بعد سنتين من إقامتها في لوس انجليس. ومع هذا تبدو دواني متشائمة. و «ربما تمكنت من العمل بسبب صداقتنا، إذ يبدو لي أن هناك استحالة في الحصول على عمل، على رغم أنني تلقيت دروساً في التمثيل». يمكن ل «شيخ الشباب» سام (عصام) ساكو أن يصنّف الممثلين العرب الذين يسعون الى العمل في هوليوود في خانة الباحثين عن الشهرة والمال، «حيث تتحطم أحلام معظمهم. فهوليوود مستحيلة من دون رخصة عمل». وماذا لو بدّل الممثل اسمه؟ يقول هاني نعيمة الذي تحول إلى مايكل دسانتي كي يسوق نفسه كممثل: «أحاول أن أقنع شركات الإنتاج بأنه يمكنني التحدث بالانكليزية بطلاقة من خلال التستر بالاسم». سيد بدرية، ابن مدينة بورسعيد المصرية الذي قصد هوليوود لدراسة الإخراج السينمائي قبل 25 سنة، فوجد نفسه في خضم عالم التمثيل يعمل مع كبار المخرجين ونجوم هوليوود جنباً إلى جنب، يبدو أكثر واقعية من بقية زملائه بحكم الأقدمية. فهو يرى أن «الأبواب مفتوحة في أميركا، ولم يسألني أحد ابن من أنا؟ كل ما سئلت عنه هو ما يمكنني إنجازه». ليست الصورة وردية إلى هذا الحد. فبعد الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) تحولت الصورة النمطية للعربي المسلم في الأفلام الهوليوودية من الرجل الساذج والغبي إلى الإرهابي والهمجي العنيف، كما يعلق بدرية نفسه. بل إن «شيخ الشباب» يرى أن الأدوار الإرهابية زادت بعد أيلول 2001، «وأصبح عرب كثر يعملون في السينما الأميركية بسببها». لسيد بدرية رأي مختلف ولافت ف «أنا لي نفوذ في هوليوود». ويضيف أنه حاول أن يغير شكل الإرهابي الملتحي إيماناً منه بأن السينما الأميركية نقلت حرفياً صورة الإرهابي العربي من السينما المصرية وشكله. ف «أي فيلم لعادل إمام يظهر فيه الشيوخ أغبياء ومتخلفين، والأميركيون لم يفعلوا شيئاً سوى نسخ هذه الصورة. مع أننا لو دققنا – يضيف بدرية – بمفجّر أوكلاهوما سنجده أشقر وصاحب عينين زرقاوين». الأكيد أن سيد بدرية يتبنى رسائل مهمة. وربما كانت ممكنة بهذا المعنى الاستفادة من كارثة نيويورك لتغيير هذه الصورة بالاتجاه الإيجابي، بدل فرضها نموذجاً سيئاً يستنسخ من قبل الماكينة الهوليوودية العملاقة. فبعد موقعة بيرل هاربر حين هاجم الطيارون اليابانيون السفن الأميركية في المحيط الهادي ظهر الياباني العادي شيطاناً وسادياً ومتخلفاً في الأفلام الأميركية التي أنتجت بعد الحرب العالمية الثانية. لكنّ اليابانيين لم يعملوا فرادى على رسم صورة جديدة ومشرقة لهم عبر هوليوود. ربما العقلية اليابانية الجماعية لم تكن بحاجة ل «شيخ شباب» من أي نوع، إذ دخلت مؤسسات كبيرة على خط الإنتاج السينمائي الهوليوودي، واشترت بعض الشركات الضخمة في العقر الهوليوودي المنيع، ومنه انطلقت في عملية تغيير واسعة للصورة اليابانية النمطية التي طبعت نتاجات تلك الأيام بميسمها. مع الممثلين العرب لن تصل الأمور إلى هذا الحد. فهم سيظلون بين مطرقة الصورة النمطية المرعبة التي يصنعها بعضهم بيديه وسندان «شيخ الشباب». هاني نعيمة يؤكد رفضه أربع مرات عروضاً بلعب دور إرهابي، على رغم حاجته المادية وصعوبة العيش في بلاد العم سام. وهو تمكن أخيراً من الحصول على دور مترجم للجيش الأميركي في فيلم «خزانة الألم». و «لكن هل هناك صورة جيدة للإرهابي وصورة وحشة له؟»، يتساءل الممثل المصري الشاب كريم الشيخ. ما من إجابة هنا قاطعة أو شافية. ذلك أن الممثل العربي في هوليوود لا يعيش حياة مثالية و «التقدم فيها لا تحكمه الموهبة بل مسائل أخرى».