لم يمض أسبوعان على انتهاء المناورة العسكرية الأكبر في تاريخ المنطقة خلال القرن الحالي، وثاني أكبر حشد عسكري في تاريخ المنطقة «رعد الشمال» والتي قادتها السعودية بمشاركة 20 دولة إسلامية في مدينة حفر البطن (شمال البلاد)، حتى بدأت عاصمة القرار الإسلامي وضع اللمسات الأولية، ومسارعة الخطى للتحالف الأكبر في المنطقة. إذ بدأ التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب أمس (الأحد) خطوته التنفيذية الأولى لتفعيل دوره على أرض الواقع، وشهدت العاصمة السعودية الرياض التي ستحتضن مركز عمليات التحالف الاجتماع الأول لرؤساء هيئات أركان الدول الأعضاء، وأعلن رئيس هيئة الأركان الفريق أول ركن عبدالرحمن البنيان أن الفترة القريبة المقبلة ستشهد اجتماعاً لوزراء الدفاع. يأتي ذلك في الوقت الذي حظي فيه التحالف الذي أعلن ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان في كانون أول (ديسمبر) الماضي عن تأسيسه بتأييد دولي، وأوضح ذلك الإعلان عن آلية عمل التحالف التي تركز على أربعة محاور رئيسة (عسكري، وفكري، وإعلامي، ومالي). وشهد اجتماع أمس اتفاقاً على عدد من النقاط والمهام الأساسية للتحالف، وتقديم أوراق عمل عن كل محور من المحاور الأربعة. وأشار المستشار العسكري لوزير الدفاع العميد ركن أحمد عسيري إلى أن هذا التحالف يسعى إلى تنسيق الجهود ومناقشة عدد من المبادرات التي ستتقدم بها الدول الأعضاء، مبيناً أن الدول الأعضاء البالغ عددها 39 دولة تعمل وفق إطار دولي يتفق المواثيق والأعراف الدولية. أكد رؤساء الأركان في دول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب أهمية الدور العسكري في محاربة الإرهاب وهزيمته وتنسيق الجهود العسكرية لدول التحالف، وتبادل المعلومات والتخطيط والتدريب، وعزمهم تكثيف جهودهم لمحاربة الإرهاب من خلال تعزيز عملهم المشترك تبعاً لإمكان الدول الأعضاء، وبحسب رغبة كل دولة عضو في المشاركة في أي عملية أو برنامج ضمن إطار مركز التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب وفقاً لتنظيمه وآلياته، وبما لا يخل باحترام سيادة الدول الأعضاء. ودعا رؤساء الأركان إلى اتخاذ كل التدابير اللازمة وتطوير السياسات والمعايير والتشريعات الوقائية الرقابية الكفيلة بمكافحة دعم وتمويل الإرهاب والوقوف بحزم ضد جرائم تمويل الإرهاب. جاء ذلك في إعلان الرياض للبيان الختامي للاجتماع الأول لرؤساء الأركان في دول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي عقد في الرياض أمس. وأعرب المجتمعون عن أهمية المضي قدماً في تفعيل انطلاقة التحالف الإسلامي، وذلك من خلال اجتماع وزراء دفاع دول التحالف الذي سيعقد في الفترة المقبلة. وشدد رؤساء الأركان على أهمية العمل الجماعي والمنظور الاستراتيجي الشامل للتصدي الفعال للإرهاب والتطرف، مشيرين إلى ما يمثله الإرهاب من تهديد مستمر للسلم والأمن والاستقرار، وأن التطرف ظاهرة عالمية والإرهاب لا دين له ولا وطن. واتفق المجتمعون على أهمية تفعيل الجانب الفكري في محاربة الإرهاب من خلال تنسيق الجهود لدرس الفكر الإرهابي واجتثاثه، وترسيخ قيم التفاهم والتسامح والحوار ونبذ الكراهية والتحريض على العنف. وشددوا على الدور المهم للإعلام في محاربة الإرهاب من خلال التصدي للفتنة والفرقة والتطرف والعنف، وإرساء قيم الإسلام السمحة والامتناع عن الترويج للإرهاب من خلال توظيف الإعلام. وأشاد المجتمعون بروح التفاهم والتعاون التي سادت الاجتماع وظهور توافق في الرؤى والمواقف في محاربة الإرهاب عبر جهود موحدة ومنظمة ودائمة تكفل التنفيذ في إطار الاتفاقات ذات الصلة وتتبنى معالجة شاملة متعددة الجوانب لهذه الآفة، معبرين عن بالغ التقدير للمملكة العربية السعودية لإعلانها عن إنشاء هذا التحالف ودعوتها لهذا الاجتماع واستضافتها له، استناداً للبيان الصادر في 14 كانون الأول (ديسمبر)، والذي تضمن الإعلان عن تشكيل التحالف.