شكل القطاع السياحي أحد أهم القطاعات الاقتصادية التي ساهمت بقوة في النشاط الاقتصادي والنمو المتسارع ضمن القطاعات الخدمية ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة، وكان لها دور كبير في الحفاظ على وتيرة النشاط العقاري مرتفعة منذ العام 2000 وحتى اللحظة. وعلى رغم الهزات والأزمات المالية، إلا أن القطاع الفندقي والسياحي بقي متماسكاً وقادراً على التكيّف مع عوامل الضغط والتراجع، بل على العكس أظهر تسارعاً في معدلات النمو، ورفع مساهمته في إجمالي الناتج المحلي لدى دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً، ودول منطقة الشرق الأوسط عموماً. وأشار التقرير الأسبوعي لشركة «المزايا القابضة» إلى أن «مستوى المشاريع الفندقية الجديدة قيد التنفيذ، إضافة إلى إنجاز عدد كبير من المشاريع المتعلقة بالقطاع، بات يُحتّم إعادة تقييم المشاريع كماً ونوعاً ومقارنتها بوتيرة النشاط الاقتصادي في العالم، والمقدرة على المنافسة مع الوجهات السياحية المفضلة، إذ إن ارتفاع مستوى المنافسة حول العالم سيعمل على إضافة تحديات عديدة على وتيرة النشاط والعوائد لدى الدول كافة، وبالتالي فإن القطاع الفندقي قد يواجه مزيداً من الضغوط إذا ما استمر التشييد من دون تصوّر واضح للمؤشرات الرئيسة المتعلقة بالطلب وتطوراته». ولفت إلى أن «للتنويع السياحي أهمية في التقليل من حدة التنافس وتأثيره السلبي، إذ تعتمد كل سوق من أسواق المنطقة على معطيات ونقاط قوة تميزها عن السوق المجاورة، حيث أن القطاع السياحي لدى المملكة العربية السعودية يستحوذ على استثمارات ضخمة تشمل الاستثمارات الفندقية ذات العلاقة بالسياحة الدينية وسياحة الأعمال والاستجمام والسياحة الداخلية، في حين تستهدف الاستثمارات الفندقية في قطر إلى الاستعداد لاستضافة بطولة كأس العالم في كرة القدم عام 2022». وأضاف: «تتطلب السوق الكثير من الاستثمارات استعداداً للحدث الأبرز على مستوى المنطقة، في المقابل فإن القطاع الفندقي في البحرين يُعتبر من أقدم الأسواق السياحية على مستوى المنطقة، حيث تتوالى الاستثمارات فيه ولن تتوقف نظراً إلى استمرار الطلب على خدمات القطاع». وفي الإمارات، فإن خطط واستراتيجيات القطاع تتطلع إلى مزيد من التنافسية على مستوى العالم وليس على مستوى الإقليم، وذلك بمزيد من الانجازات والمشاريع الفندقية المبتكرة ذات الطابع الفريد والذي يلاقي إعجاباً متواصلاً، فيما تحقق الدولة إنجازات كبيرة على مؤشر التنافسية العالمي وعلى مؤشر الوجهات الأفضل على المستوى العالمي. وأضاف التقرير: «عند هذا المستوى من التشغيل والتوقعات الايجابية، يمكن القول إن الاستثمار المبني على التخطيط طويل الأجل بات ضرورة ملحة لتفادي الدخول في تحديات تراجع جدوى المشاريع وعوائدها إذا ما حدث تراجع كبير على حركة السياحة إلى دول المنطقة». وتبعاً لمستوى النشاط والاستثمار والتشغيل والتنافسية، لا يمكن الحديث عن الانجازات لدى القطاع الفندقي من دون التطرق إلى الإنجازات والنجاحات التي حققها القطاع في دولة الإمارات عموماً وإمارة دبي خصوصاً، حيث يقدر عدد الغرف الفندقية قيد الإنشاء بأكثر من 20 ألف غرفة، تشكل الطاقة الاستيعابية لنحو 63 فندقاً قيد التنفيذ، في حين وصل إجمالي عدد الغرف الفندقية في الإمارة إلى أكثر من 96 ألفاً نهاية عام 2015، مقارنة ب92.3 ألف غرفة فندقية نهاية عام 2014، وفقاً للبيانات الصادرة عن دائرة السياحة. ولفت التقرير إلى أن «هذا الحراك يأتي في ظل أهداف إستراتيجية عليا لدى الإمارة تعمل على تحقيقها، إذ يستعد القطاع لاستقبال 20 مليون سائح بحلول عام 2020، فضلاً عن الاستعدادات التي تسبق استضافة أكثر من 25 مليون زائر للإمارة خلال انعقاد معرض إكسبو 2020». وأضاف: «مع تراجع متوسط أسعار الغرف الفندقية خلال العام الماضي، والتي وصلت في بعض الأحيان إلى 10 في المئة، عكس القطاع تحسناً كبيراً على مؤشرات التنافسية وأظهر قدرة في الحفاظ على مستويات إشغال مرتفعة تجاوزت في كثير من الأحيان 80 في المئة، لينعكس ذلك إيجاباً على العوائد الاستثمارية المتأتية والتي تقدر 26.8 بليون درهم (7.3 بليون دولار) نهاية العام الماضي، ما يعكس قوة النشاط على رغم التقلبات والضغوط التي تواجهها الأسواق الرئيسة المصدرة للسياحة». وأكد التقرير أن «النجاحات المحققة تدفع باتجاه استهداف مزيد من النجاحات على القطاع في المستقبل، إذ تستهدف البحرين رفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي إلى بليون دولار بحلول عام 2020، في ظل استمرار ارتفاع مستويات الإشغال وتزايد أعداد السياح خلال العامين الماضيين». وأضاف: «في ظل الزخم المسجل على القطاع الفندقي لدى دول المنطقة، لن تكون السوق القطرية بمعزل عن هذا النشاط واستغلاله بالطريقة الأمثل، إذ تشير البيانات المتداولة إلى ارتفاع عدد الغرف الفندقية في قطر إلى 23 ألفاً خلال العام الحالي، لترتفع بذلك الطاقة الاستيعابية خلال العام الحالي 27 في المئة، وتستهدف الدولة رفع عدد السياح إلى 9 ملايين زائر عام 2030، لتتجاوز نسبة مساهمة القطاع الاقتصاد 5 في المئة». وتعتزم قطر إنفاق أكثر من 45 بليون دولار لتطوير المنتجات والخدمات السياحية، بما يلبي المعايير العالمية والتي تعمل على تجارب سياحية فريدة ومنافسة على مستوى المنطقة والعالم. وأكد التقرير أن «على دول المنطقة الاتجاه نحو إيجاد مزيد من البدائل والابتكارات الاستثمارية التي تساهم في الحفاظ على الميزة التنافسية للقطاع الفندقي والسياحي وخلق وجهات وخدمات جديدة ومتطورة، وبات من المؤكد أن تدفع مستويات الطلب الحالية إلى توسيع الاستثمار العقاري والسياحي على السواحل والجزر المحيطة في دول المنطقة والتي تتمتع بمواقع مميزة وقابلة للتطوير وجذب مزيد من السياح، ما يعني فتح الباب أمام مزيد من فرص الاستثمار للقطاع الخاص المحلي والأجنبي». واختتم: «على رغم التطور والنجاحات الملموسة، إلا أن القطاع يحتاج إلى مزيد من الاستثمارات النوعية المحلية والأجنبية ودعم حكومي متواصل، مع التأكيد على أن الاستثمارات الحالية تتطلب مزيداً من الإجراءات على مستوى القطاع الخاص والحكومي لضمان بقائها وحمايتها من أي تراجعات أو تطورات غير متوقعة».