طويت آخر محطة انتخابية أمس تحت غطاء مظلة أمنية غير مسبوقة انتشرت على نطاق واسع في قضاءي زغرتا وبشري محولة الكثير من أحيائها ومحيط مراكز الاقتراع فيها ثكناً عسكرية ثابتة ومتنقلة ضبطاً للأمن ومواجهة أي ارتدادات محتملة قد تطيح العملية الانتخابية على خلفية جريمة مقتل الأخوين طوني ونايف صالح التي أرخت بظلالها على مناطق نفوذ تيار «المردة» و «القوات اللبنانية» بعد مخاوف من انعكاس التوتر عليها، فجرت الانتخابات في ظل هذا الانتشار بصورة شبه طبيعية تخللتها إشكالات محدودة لم تتعدَّ الصراخ والتدافع على خلفية هتافات وشعارات بين مناصري اللوائح والأطراف المختلفة لكن سرعان ما كان يتدخل الجيش ويعمل على منع الاحتكاك وإعادة الأمور الى طبيعتها. فالاستحقاق الانتخابي في مرحلته الرابعة والأخيرة أمس لا يشبه كثيراً الانتخابات التي سبقته في مراحلها الثلاث، إذ إن المشهد الانتخابي في القضاءين لم يسلك طابعه الإنمائي تبعاً لبرامج المتنافسين فتحول معركة سياسية، إذ خيضت الانتخابات في زغرتا تكريساً لزعامة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، الزغرتاوية بلدياً كما فرضت زعامته عليها انتخابات عام 2009 نيابياً، وانسحب هذا المشهد على بشري معقل «القوات» حيث لا يحتاج التنافس كثير عناء لتكريس زعامة رئيس الهيئة التنفيذية ل «القوات» سمير جعجع عليها بلدياً بعد النيابة ايضاً. وعلى رغم حشد اللوائح المقابلة وإضافة الى المنفردين في بلدات أخرى، كل الطاقات لمواجهة القوتين النافذتين في كل من زغرتا وبشري، فإن فرص الفوز أو حتى الخرق لا حظوظ لها في المدينتين، إلا ان هذا الواقع لم ينسحب على بقية بلدات القضاءين حيث حضور كل من القوى المتنافسة متقارب ومتفاوت بين بلدة وبلدة. وباستثناء 6 بلدات فوضت مصيرها للتزكية من اصل 31 عدد بلديات قضاء زغرتا (71 ألف ناخب) فإن المعركة الرئيسة، وإن لم تكن متكافئة، أجريت في المدينة بين «لائحة زغرتا» برئاسة توفيق معوض، وهو أصغر رئيس لائحة بلدية في لبنان (27 سنةً) يدعمها فرنجية و «التيار الحر» و لائحة «زغرتا إلي وإلك» التي يرأسها نعمة الله المكاري ومدعومة من رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوض و«القوات اللبنانية». وفي وقت خاضت اللائحة المدعومة من فرنجية الانتخابات بصورة الواثق من الفوز بفارق كبير حيث وفرت على نفسها رفع صور مرشحيها، فإن المعركة كانت على رئاسة اتحاد بلديات قضاء زغرتا (23 بلدية) على ما أكد النائب سليم كرم إذ ان الفائز بالعدد الأكبر في هذه البلديات يحوز رئاسة الاتحاد، إلا ان اللائحة المقابلة أدار معركتها معوض على خلفية «تحرير المجلس البلدي وتخليصه من الفساد» على ما قال. وقال اميل الجعيتاني ل «الحياة»: «هدفنا من خوض الانتخابات في زغرتا إحداث خرق في اللائحة الأخرى، لأننا ندرك ان حظوظ الفوز ضعيفة». أما ساندرا العم التي شاطرته الرأي فقالت: «ما يهمنا هو إظهار ان زغرتا ليست ملكاً لفريق واحد». وفيما غاب طابع الحدة عن انتخابات زغرتا المدينة، فإن المشهد الانتخابي الأكثر حماوة والذي قد يحمل بعض المفاجآت في النتائج بفعل الحضور الحزبي في التركيبات العائلية، كان في القضاء حيث المعركة الفعلية دارت في اكثر من عشر قرى أبرزها رشعين التي رست ام المعارك عليها وهي ثاني أكبر وأهم بلدة بعد زغرتا. وقال زخيا رستم ل «الحياة» بعد الإدلاء بصوته للائحة المنافسة ل«إنماء رشعين»: «صحيح ان لهم (المردة) حضوراً لا يستهان به لكن لن يكون لهم نصيب في بلدية رشعين والصناديق ستثبت ذلك». وأشار رستم وهو مسؤول في «حركة الاستقلال» الى «ان المعركة في بلدات القضاء تدور حول الفوز ولو بست بلديات متجاورة لتشكيل اتحاد بلدي». وفي المقلب الآخر، فإن قضاء بشري حيث أجريت الانتخابات في أجواء هادئة، فقد حسمت المعركة في بشري المدينة قبل ان تبدأ لمصلحة «لائحة بشري تتقدم» برئاسة انطوان الخوري طوق المدعومة من «القوات»، مقابل 8 مرشحين منفردين، وهذا ما أكدته عضو كتلة «القوات» النائب ستريدا جعجع التي كانت تحض الناخبين على التصويت بكثافة من دون الاعتبار ان المعركة محسومة النتائج ما دفع مناصري «القوات» الى التوجه بكثافة الى التصويت حتى بلغت النسبة نحو الثانية عشرة والنصف ظهراً ما يقارب ال30 في المئة. اما المعركة الأشد فكانت المنافسة فيها على المخاتير في القرى التي لا يسمح لها عدد سكانها ببلدية.