يُتوقَّع أن تشهد المنطقة العربية عموماً والخليج خصوصاً طفرة عقارية جديدة في غضون 12 إلى 24 شهراً مع تحول المستثمرين عن الأسواق التقليدية والمتقدمة إلى الأسواق الناشئة والنامية ومن الأدوات المالية المعقدة إلى الأصول الحقيقية وفي مقدمها العقارات. هذا ما أفادت به «المزايا القابضة» التي أضافت في تقرير أن أزمة المال العالمية التي تحولت سريعاً إلى أزمة اقتصادية، أوجدت حالاً من الفراغ بين الدول ذات المديونيات الضخمة، خصوصاً في أميركا وأوروبا، وبين الدول المصدِّرة للائتمان ذات الأرصدة النقدية والمالية والتي تتمتع بتدفق نقدي سليم. وأضاف التقرير أن النفط سيعود من جديد لتصدر واجهة الأحداث مع عودة النشاط الاقتصادي في شكل معتدل وارتباطه بالتضخم الناجم عن التوسع الحكومي حول العالم في الإنفاق لحفز الاقتصاد وتأمين مظلات اجتماعية لمعالجة آثار الأزمة على مجتمعاتها. وتوقع معدو التقرير الأسبوعي أن ينتقل المستثمرون، في ظل بحثهم عن الفرص الاستثمارية التي تحقق عوائد إيجابية، من الأسواق التقليدية إلى أسواق المنطقة في شكل تدريجي، فيما تبدأ المنطقة في فك الارتباط مع الاقتصاد العالمي المتراجع وتسير في اتجاه مختلف. ورأت «المزايا» أن هذا التوجه سينعكس إيجاباً على أسعار الأصول مثل النفط والعقارات وغيرها من الأصول الجيدة في المنطقة، مضيفة أن الأزمة الأوروبية تشكل إنذاراً في حال استمرارها بتناقص إيرادات الدول المصدّرة للنفط وتباطؤ النمو في صناعاتها البتروكيميائية، والضغط في أسعار الذهب كملاذ آمن للاستثمارات، إلا أن تدفق الاستثمارات العربية والعالمية إلى المنطقة وعودة النمو المعتدل إلى الأسواق العالمية سيعيد أسعار النفط إلى مستويات مقبولة تفوق تلك التي قدّرتها الدول الخليجية في موازناتها. وربط التقرير بين ارتفاع أسعار الذهب والنفط فشدد على أن ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من مئة دولار للبرميل وارتفاع الذهب إلى أكثر من 1500 دولار للأونصة، وهما أمران مرجحان، سيعززان من فرص العقارات الخليجية والإقليمية للانتعاش. وحضّ الدول على أخذ هذه السيناريوات في الحسبان والتعامل معها للحيلولة دون تكوّن فقاعة أصول جديدة من الأموال الساخنة المتوقعة، خصوصاً في حال تأثر اليورو بالأزمة الأوروبية في شكل كبير يعيد الدولار إلى المكانة الأولى كعملة الاحتياط العالمية. وشددت «المزايا» على أن التوسع في الإنفاق أيام الطفرة الاقتصادية السابقة للأزمة والإنفاق غير المسبوق في تغذية الاقتصاد العالمي بحزم الإنقاذ أوجد أزمة مستعرة بدأت تنهش في جسم الدول وهي أزمة الديون السيادية، إذ إن الدول سعت إلى الاقتراض لتمويل الطفرة وإلى الاقتراض أيضاً لمعالجة آثار ديون الطفرة، ما أدى إلى فقدان الثقة من قبل المقرضين ومانحي الائتمان في الدول، لا الشركات أو المؤسسات. ورجّح التقرير أن يثير الأمر كثيراً من التساؤلات حول قدرة بلدان كثيرة حول العالم على الوفاء بالتزاماتها وخدمة ديونها، مشيراً إلى اليونان ودول أوروبية أخرى كأمثلة. ولفت التقرير إلى أن مستويات الديون في الاقتصادات المتقدمة تشهد ارتفاعات متوالية، ما قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية ثانية قد تكون أشد خطورة من الحالية. وإن كانت اليونان تورطت في حجم ديون تصل إلى 113 في المئة من ناتجها المحلي الإجمالي، تواجه الولاياتالمتحدة ارتفاعاً سريعاً في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 161 في المئة عام 1980 إلى 362 في المئة نهاية عام 2009، مقارنة ب 186 في المئة عندما وقعت الولاياتالمتحدة في الركود الكبير عام 1929. وإن لم تتمكن واشنطن من خدمة الدين، أضاف التقرير، سيتعرض الاقتصاد العالمي والأصول المسعرة بالدولار إلى هزة كبرى، فالديون السيادية الضخمة تمتص الأموال المفترض تسخيرها في نشاطات تجارية. وفي ظل تصاعد الأزمة في اليونان، أضاف التقرير، بات العجز الضخم للحكومات ومدى قدرتها على خدمة الديون تحت المجهر، إذ إن هناك حالاً من القلق المتزايد من دخول دول أخرى في منطقة اليورو (خصوصاً إرلندا وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا)، في خطة برامج الإنقاذ في المستقبل المنظور. ويُعَد خفض وكالة التصنيف المالي «ستاندرد أند بورز» أخيراً تصنيف كل من البرتغال واليونان وإسبانيا دلالة على الانتشار المحتمل لعدوى العجز عن تسديد الديون السيادية. واستعرضت «المزايا» السيناريوات المحتملة لأسعار النفط وأثرها في الاقتصاد العالمي والإقليمي، إذ يميل محللون إلى توقع ارتفاع السعر إلى 125 دولاراً للبرميل قبل نهاية السنة، خصوصاً أن منظمة «أوبك» توقعت في أيار (مايو) الجاري أن يرتفع الطلب العالمي على النفط بمعدل 950 ألف برميل يومياً هذه السنة، مع بلوغ متوسط الطلب السنوي على النفط عام 2010 ما يقارب 86 مليون برميل يومياً. وأشار التقرير إلى وصول الذهب في الأسابيع الأخيرة إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، ليس فقط في مقابل الدولار، بل كذلك أمام عدد من العملات الأخرى، مثل الجنيه الإسترليني والفرنك السويسري والين الياباني والروبية الهندية واليوان الصيني. ولفت التقرير إلى أن الأسعار ظلت عند مستوى 255 دولاراً عام 2001، لتصل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق خلال الأسابيع الأخيرة، عندما لامست حاجز 1250 دولاراً للأونصة، متوقعاً ارتفاع الذهب في شكل أكبر ليصل إلى 1500 دولار للأونصة، الأمر الذي قد يعيد التألق للعقارات كمخزن مثالي للقيمة في أوقات الشك وعدم اليقين. وتابع التقرير أن اقتصاديين خليجيين يتوقعون مشاكل في الاقتصاد العالمي لأن مديونيات الدول الكبرى وعلى رأسها الولاياتالمتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وكندا وإيطاليا تجاوزت 32 تريليون دولار، ويُتوقّع أن تتجاوز 36 تريليوناً السنة المقبلة وأن تلامس 50 تريليوناً في أقل من خمس سنوات. وتوقع معدو التقرير أن تلجأ الدول إلى سياسات نقدية ومالية تعزز من التضخم الفائق وتشل الأسواق وتعزز تذبذب أسعار الأصول والأوراق المالية، ما يدفع المستثمرين إلى الأقاليم التي تستطيع فك ارتباطها بالأسواق المتأثرة بالأزمة المقبلة. ولاحظوا أن الفرص القائمة للاقتصادات الناشئة مثل الصين والهند والبرازيل وروسيا واستراليا ودول الخليج ستكون أفضل من الدول الكبرى التي ستعاني لبعض الوقت من أزمة الديون السيادية.