تتجه الأنظار اليوم إلى موسكو حيث يجري وزير الخارجية الأميركي جون كيري محادثات حاسمة مع الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره الروسي سيرغي لافروف تركز على الملف السوري، وسط آمال بأن يتمكن الطرفان من تقريب وجهات النظر وإنقاذ جولة المحادثات الحالية في جنيف من الفشل. ويجري الوزيران لافروف وكيري جولة محادثات قبل أن ينتقلا إلى الكرملين لمقابلة بوتين وإطلاعه على نتائج مناقشاتهما. وأسفرت هذه الصيغة في زيارات سابقة عن تحقيق تقدم ملموس في عدد من القضايا الخلافية. وتجنّبت موسكو إعطاء توقعات مسبقة، وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن موسكو منفتحة لمناقشة كل الملفات، مؤكداً أن الموضوع السوري سيكون على رأس جدول الأعمال. لكن روسيا استبقت الزيارة بتصعيد عبر تلويحها بتحركات أحادية الجانب في سورية في حال امتنعت واشنطن عن التنسيق معها عسكرياً، لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية. وبالإضافة إلى إثارة هذا الموضوع، يسعى كيري إلى الاطلاع عن قرب على تفاصيل القرار الروسي بالانسحاب جزئياً من سورية. في غضون ذلك أجرى لافروف، أمس، محادثات مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير أكد في ختامها ارتياح بلاده لمسار تطبيق الهدنة في سورية واعتبر انها «تجرى في شكل ناجح جداً، وتتعزز بالتزامن مع تخفيف حدة القضايا الإنسانية». وأضاف أن الطرفين تبادلا الآراء حول سبل الرد على الخروقات المنفردة للهدنة، وتناولا كيفية إحراز تقدم في حل القضايا الإنسانية بصورة فعالة. وقال لافروف أن موسكو وبرلين ترحبان بانطلاق جولة المحادثات في جنيف وتؤكدان ضرورة ضمان الطابع الشامل للحوار السوري، لكي يتحقق في إطاره تمثيل للحكومة ولكافة أطياف المعارضة، بما في ذلك الأكراد. وكان لافتاً أن لافروف استهل محادثاته مع الوزير الألماني بتوجيه انتقاد لاذع، عبر دعوته «الأوروبيين إلى التخلي عن الألعاب الجيوسياسية من أجل تضافر الجهود في محاربة الإرهاب». وأضاف الوزير الروسي أن منظمة الأمن والتعاون الأوروبي قد تلعب دوراً مهماً في هذه الجهود، لا سيما بعد تعليق قنوات التعاون في محاربة الإرهاب بين روسيا وحلف «الناتو» بمبادرة من الأخير. وزاد لافروف أن موسكو تواصل مراقبة حركة الأسلحة والمسلحين عبر الحدود السورية - التركية، مضيفاً أن «الحركة مستمرة عبر الحدود في الاتجاهين. على الرغم من أن عملية قواتنا الجوية ضد التهريب، أسفرت عن تقليص هذه الحركة في شكل ملموس». أما شتاينماير فقال، أن روسيا وألمانيا متفقتان على أن سورية يجب أن تكون دولة علمانية موحدة، تحمي مصالح كافة أعراق الدولة، موضحاً أنه «في نهاية المطاف، هذا ما اتفقنا عليه في فيينا أيضاً، وعززنا هذه الاتفاقات في ميونيخ، يجب أن نتوصل إلى اتفاق في شأن دولة علمانية موحدة في سورية، تستطيع كافة المكونات العيش فيها بسلام». وكان الوزير الألماني قال لوسائل إعلام روسية قبل اللقاء أن الرئيس السوري «بشار الأسد ليس شخصية مقبولة لجميع السوريين لشغل منصب الرئيس المستقبلي للبلاد»، موضحاً: «شخصياً لا أتصوّر، مع الأخذ بعين الاعتبار سقوط 250 ألف قتيل ونزوح 12 مليون لاجئ، كيف يمكن أن يصبح الأسد شخصية مقبولة لكل مكونات الشعب السوري». وشدد الوزير الألماني على ضرورة أن يتوصل السوريون أنفسهم إلى اتفاق في شأن المستقبل السياسي لبلدهم، مضيفاً انه «مهما كانت هوية القيادة المستقبلية للبلاد، فلن تقدر على ضمان السلام والاستقرار إلا بعد نيل تأييد واسع في أنحاء البلاد كافة». وفي الوقت نفسه، اعتبر الوزير أن سحب روسيا قواتها في شكل جزئي يمكن أن يعطي دفعة جديدة للمفاوضات السلمية في جنيف. وأعرب عن الأمل في أن يفيد النظام من هذه الفرصة «لإجراء مفاوضات جادة حول عملية سلمية للانتقال السياسي مع الحفاظ على كيان الدولة وآفاق التعايش السلمي لمختلف مجموعات السكان». على صعيد آخر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن طائرة شحن عسكرية، من نوع «إيلوشين-76»، نقلت أمس 160 عسكرياً من قاعدة حميميم (اللاذقية)، في اطار عملية السحب الجزئي للقوات، كما نقلت طائرة شحن من طراز «آن-124 روسلان» معدات عسكرية وثلاث مروحيات من طراز «مي-35» كانت تقوم بمهمات حماية قاعدة حميميم. إلى ذلك، كشفت أجهزة الأمن الروسية معطيات تفيد بمساعي 16 انتحارية للتسلل إلى روسيا من أوروبا بهدف تنفيذ اعتداءات تفجيرية. بعدما تلقين تدريبات في وقت سابق في تركيا. وأشارت المصادر الأمنية إلى أن الانتحاريات ينتمين إلى جماعة تطلق على نفسها «حج البر»، ووفق المعطيات فإن الانتحاريات الافتراضيات بدأن بمحاولة التسلل إلى روسيا منذ نهاية الشهر الماضي. وحذّرت الأجهزة الامنية في نشرة بثتها وسائل اعلام أمس من أن في مقدمة أهداف الانتحاريات محطات الحافلات ووسائل النقل العام، ومحطات مترو الأنفاق، إضافة إلى المقار العسكرية الروسية والثكنات. مقتل سادس جندي في غضون ذلك (رويترز)، قالت مجموعة من المدونين الروس أمس الأربعاء إن جندياً روسياً سادساً قتل في العملية العسكرية التي تنفذها بلاده في سورية في شهر شباط (فبراير)، لكن وفاته لم تُعلن رسمياً. وقال المدونون الذين يراقبون حملة بلادهم في سورية ويعملون تحت اسم «فريق مراقبة الصراع» على موقعهم الإلكتروني إن سيرغي تشوبوف (51 سنة) الميجر بقوات وزارة الداخلية الروسية قُتل في سورية يوم الثامن من شباط ودفن في حي بالاشيخا في موسكو. وقال المدونون إن مهمة تشوبوف في سورية لم تتضح. ونقلوا عن مدونات صغيرة على مواقع التواصل الاجتماعي نشرها معارف تشوبوف وتحدثوا فيها عن وفاته وقالوا إنهم عرفوا أين دفن. وأكد أحد المصادر المنقول عنها في التقرير وفاة تشوبوف ل «رويترز». وقال راديك بيلوف ل «رويترز»: «أعلم أن تشوبوف كان مفاوضاً في سورية وقُتل بإصابة مباشرة من قذيفة مورتر». ويقول بيلوف إنه خدم تحت قيادة تشوبوف في مفرزة استطلاع في تسعينات القرن الماضي. واعترفت روسيا حتى الآن بمقتل خمسة من أفراد قوات الأمن المشاركين في العملية في سورية.