احتفلت فرق الموسيقى العربية في القاهرة بذكرى ميلاد الموسيقار محمد عبدالوهاب، في ما أصبح تقليداً سنوياً يستمر طوال آذار (مارس)، علماً بأن موسيقار الأجيال ولد في 13 آذار (مارس) 1902. ومن أهم الحفلات التي نالت إقبالاً جماهيرياً حفلة كل من «فرقة التراث» و «الفرقة القومية»، اللتين اشتركتا في أسلوب التقديم، الذي اعتمد على تخصيص فاصل كامل لنجم واحد، فكان أمجد العطافي نجم الفرقة القومية، أما فرقة التراث فاستضافت النجم محسن فاروق. والفرقتان تابعتان لدار الأوبرا المصرية، الأولى أسستها رتيبة الحفني العام 1990 بهدف تقديم تراث مصر والبلاد العربية، وتميزت بتقديمها أغاني معاصرة وتعتمد على المطرب الفردي، أما فرقة التراث فتكونت العام 2004، وهي تقدم عروضها على مسرح معهد الموسيقى العربية في وسط العاصمة، وتضم مجموعة انبثقت من فرقة الموسيقى العربية التي أسسها الراحل عبد الحليم نويرة، وتتألف من تلاميذه وتسير على نهجه في تقديم التراث القديم والاعتماد على المجموعة. قاد حفلة فرقة التراث المايسترو فاروق البابلي، الذي اختار النصف الأول بعناية واستطاع تقديم مجموعة من ألحان محمد عبدالوهاب ذات القيمة الفنية العالية، لكن الأهم أنه نجح في اختيار الأصوات التي تناسب كل أغنية. والملاحظة العامة في النصف الأول أنه كما تفوق روّاد الفرقة كان هناك تفوق ملحوظ في الجيل الثاني، ما يؤكد أن الاحتكاك بين الأجيال يثمر نتائج إيجابية، فقد تألق مصطفى محمد وعزة نصر ومحمد شوقي ونهى حافظ وأنغام مصطفى وأحمد محسن وريم حمدي وياسر سليمان. أما أحمد جمال في أغنية «يا دنيا يا غرامي»، فأكد أنه أفضل من يؤدي عبدالوهاب على مستوى جميع الفرق في مرحلة الثلاثينات، لهذا يجب أن يخصص له فاصل يغني فيه تراث هذه الفترة، ليس لأنه يؤدي بشكل جيد فحسب، لكن لأن نسيج صوته يشبه نسيج صوت عبدالوهاب، ولهذا من الظلم سماعه في أغنية واحدة والحكم عليه على هذا الأساس. من جهة أخرى، كان تنوع في الصيغ الغنائية، وهذا أيضاً ظهر في الفرقتين، بحيث كان هناك الأغنية والقصيدة والنشيد. وتميزت فرقة التراث بالدور، وأدت ولاء رميح دور «أحب أشوفك»، وقدم محسن فاروق دور «عشقت روحك»، أما محسن فاروق فقدّم خمسة أعمال، منها «من قد إيه كنا هنا» وقصيدة «مضناك جفاه». وبشكل عام، تميزت الحفلة بأصوات قادرة ومناسبة للألحان. في حفلة الفرقة القومية على المسرح الكبير، قدم المايسترو سليم سحاب مجموعة غنية من أغاني عبدالوهاب أكثر حداثة، بما يلائم طبيعة الفرقة، وغلب فيها الغناء الفردي، ولم يكن للمجموعة دور إلا في بعض الأعمال التي كان اختيارها موفقاً وأُدّيت بجمال ودقة، مثل أغنية «ولاّ وعرفنا الحب»، التي أداها أمجد العطافي ضمن اختيارته الناجحة، التي بدأها بأغنية «أنت وعزولي وزماني» من كلمات مأمون الشناوي، كما شدا بقصيدة «همسة حائرة» والأغنية الدرامية «فاتت جنبنا». ويمتاز العطافي بأداء حساس وصوت مميز ولديه فهم خاص لتفاصيل الألحان يجعله يختار ما يناسب صوته ويُبرز جماليات اللحن. ومن الفقرات الجيدة أداء محمود درويش لقصيدة «مضناك جفاه»، التي كانت قاسماً مشتركاً بين الفرقتين، علماً بأنه اشتهر بأدائه أغاني عبدالحليم حافظ لكنه في الآونة الأخيرة بدأ يتصدى لأعمال تحتاج إلى صوت قوي وجهد في التدريب والحفظ، ونجح في ذلك. ومن الإضافات التي حققتها الفرقة قصيدة «الخطايا» للشاعر كامل الشناوي، التي أداها نجم الفرقة خالد عبد الغفار. ومن علامات التجديد في البرنامج عزف منفرد على البيانو لأغنيتي «يا مسافر وحدك» و «لا تكذبي»، حظي بإعجاب جماهيري. وتضمن البرنامج أيضا أغاني أدتها نجمات الفرقة غادة آدم ومي حسن وعفاف رضا، كما غنى أشرف وليد أغنية «توبة».