يبذل المسؤولون الفرنسيون جهوداً تكاد تكون يومية، لطمأنة المواطنين حيال الوضع الاقتصادي، ويركزون على تبديد المخاوف المرتبطة باليورو وتراجع قيمته في مقابل الدولار. وأكد وزير الموازنة الفرنسي فرانسوا باروان في هذا الإطار أن اليورو ليس في خطر «نظراً إلى العزم البالغ الذي تبديه دول منطقة اليورو» للدفاع عن العملة الموحدة. وكانت وزيرة الاقتصاد والمال الفرنسية كريستين لاغارد، أكدت بدورها أن اليورو «لا يواجه أي خطر على الإطلاق» وانه عملة «صلبة وذات صدقية أمنت الاستقرار» في الدول التي تعتمدها منذ عشر سنوات. لكن على رغم هذه التصريحات والإجراءات التي تواكبها على المستويين الأوروبي والمحلي، فإن سعر صرف اليورو يشهد تقلبات مستمرة بعد أن تراجع الى أدنى مستوى له منذ 4 سنوات وهو 1.22 دولار. ويعتبر مدير المركز الأوروبي جان بيزاني، أن ليس في هذا التراجع ما يدعو الى الهلع، وأن تراجع قيمة اليورو طبيعي في هذه الفترة، في ظل أوضاع اقتصادية متردية تشهدها دول منطقة اليورو، وما يترتب عليها من برامج تقشف تعتمدها الحكومات لخفض العجز في موازناتها. وفي انتظار النتائج التي ستترتب على إجراءات دول منطقة اليورو لدفع أوضاعها المالية نحو مزيد من العافية، يؤكد خبراء اقتصاد، أن المستثمرين سيفضلون الدولار على العملة الأوروبية الموحدة، وبعد أن بلغ اليورو أوج قوته وصولاً الى 1.50 دولار، فإن الفترة المقبلة ستكون فترة اليورو الضعيف. وقد لا ينطوي هذا الضعف في قيمة العملة الموحدة فقط على سلبيات، بل العكس، فإنه يساعد في إنعاش قطاعات كانت تأثرت الى حد ما من اليورو القوي. ومن بين القطاعات التي يمكن أن تتأثر إيجابياً من تراجع سعر صرف اليورو، القطاع السياحي الفرنسي الذي يُرتقب أن يسجل مزيد من العائدات مقارنة مع السنوات السابقة، حيث تقلّص السواح المتوسطو الحال من خارج منطقة اليورو تقلصاً ملحوظاً. ومن شأن اليورو الضعيف أن يعزز القدرة التنافسية للمنتجات الفرنسية، وأن يساهم في رفع حجم الصادرات، وهو ما يصفه رئيس الكونفيديرالية العامة للمؤسسات الإنتاجية المتوسطة والصغيرة جان فرانسوا روبو بأنه متنفس فعلي. وينطبق الأمر ذاته على المجموعات الإنتاجية الكبرى ومنها مثلاً مجموعة «أو آدي أس» التي شهدت نتائجها تراجعاً بقيمة 3 بلايين دولار على مدى ثلاث سنوات بسبب ارتفاع قيمة اليورو. ويُرتقب أن تسجل المجموعة تحسناً في نتائجها، في ظل اليورو الضعيف، كونها تتمكن من خفض أسعار بيع طائرات «آرباص» التي تنتجها. وبما أن 75 في المئة من الصادرات الفرنسية موجه الى دول خارج منطقة اليورو، فإن تراجع قيمته لا بد أن ترتد إيجاباً على مجمل السلع الفرنسية المعدة للتصدير باستثناء قطاع السيارات الذي يصدر في شكل أساسي نحو أوروبا. وبالتالي فإن اليورو الضعيف قد لا يضفي أي انتعاش على صناعات السيارات الفرنسية، لا بل يؤثر سلباً عليها، نتيجة ارتفاع أسعار الوقود. لكن المطلوب في إلحاح من أصحاب مؤسسات الإنتاج الاستقرار في سعر صرف اليورو وتوقف التقلبات التي يشهدها، ليتسنى لهم تسعير منتجاتهم بطريقة تضمن لهم أرباحهم عند تسليمها للزبائن.