واشنطن - أ ف ب - تشارك بعثة حكومية أميركية مهمة اعتباراً من غد في «الحوار الاستراتيجي والاقتصادي الصيني - الأميركي» في بكين، في مسعى للتحاور بصراحة في شأن التوتر التجاري بين القوتين العظميين. ولدى واشنطن دوافع عدة للاستياء، تتعدى الحفاظ على سعر صرف ثابت بين اليوان والدولار منذ صيف عام 2008. وذكرت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في الأسابيع الأخيرة أنها ترغب في أن تحرز الصين تقدماً في مكافحة تقليد البضائع والانفتاح أمام الشركات الأجنبية، وهما موضوعان خلافيان متكرران بين البلدين. ونشرت بكين في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي مذكرة تطلب من المرشحين إلى الصفقات العامة في ستة قطاعات، بينها المعلوماتية والاتصالات والطاقة «شهادات اعتماد» تؤكد أنهم استعانوا بتكنولوجيات صينية. وأفاد وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر بأن «الشركات الأميركية قلقة لأن هذه الإجراءات تنطوي على احتمال تمييز ضد السلع المصنّعة في الخارج، وقد تسيء إلى المصدرين والمستثمرين الأميركيين في إطار التنافس مع الشركات الصينية». وسعى وزير التجارة الأميركي غاري لوك إلى إبداء حسن نية الولاياتالمتحدة، مؤكداً عند وصوله إلى بكين أن بلاده تنوي رفع القيود عن الصادرات ذات التقنية العالية إلى الصين اعتباراً من الصيف المقبل، بعد أن فرضتها عام 1989. وتابع لوك: «على رغم أن تحويل أي خلاف بين الولاياتالمتحدة والصين إلى حرب تجارية معلقة بات هواية شائعة، فإن الخلافات لا تشمل إلا قسماً بسيطاً من التجارة بين البلدين فعلياً». واعتبر محللو مكتب «ستراتفر» الاستشاري في العلاقات الدولية أن «الولاياتالمتحدة تأتي إلى الحوار بموقف أكثر مرونة مما كانت عليه في مطلع السنة، عندما كان موضوع إعادة تسعير العملة موضوعاً ساخناً». وتابعوا: «لكن إن أحجم الصينيون عن مقابلة التنازلات بمثلها، تملك واشنطن عدداً من الوسائل التي يمكنها استخدامها لمضاعفة الضغوط على الصين سريعاً». ولا تزال مسألة سعر صرف اليوان في حاجة إلى حلّ، كما أدت الأزمة المالية في أوروبا إلى رفع قيمة اليوان أمام اليورو، ما جعل الصادرات الصينية اقل تنافسية في السوق الأوروبية، وزاد الوضع تعقيداً. وقال مدير «مركز الدراسات الأميركية» في جامعة رنمين في بكين، شي ينهونغ: «أعتقد أن الولاياتالمتحدة لا تزال تريد الضغط على الصين، لا بل إقناعها بزيادة سعر صرف اليوان، لكن الصين ستبقى مترددة في هذه المرحلة في اتخاذ أي إجراء فوراً» ولا تنوي الولاياتالمتحدة العودة إلى سياستها القاضية بتقييد الصادرات الصناعية الصينية إليها، التي تعتبر أنها تتمتع بدعم الدولة. ولاتزال لائحة السلع المعنية تطول منذ سنة على رغم الاحتجاجات الصينية على النزعة «الحمائية» الأميركية. وأصبح مصيرا الاقتصادين الأول (الأميركي) والثالث (الصيني) عالمياً مرتبطين اكثر من أي وقت مضى. ففي 20 سنةً، ازدادت الصادرات الأميركية إلى الصين ب 12 ضعفاً، وفي الاتجاه المعاكس ب 30 ضعفاً.