عادت توقعات النمو الاقتصادي في المغرب إلى الارتفاع بعد عودة الأمطار والثلوج التي غطت مناطق شاسعة على مدى أربعة أسابيع، روت الأراضي بعد شهور من الشح. وتوقعت دراسات أن تزيد معدلات النمو على 2 في المئة في الربع الأول من العام الحالي، في مقابل توقعات متشائمة كانت حصرت النمو بنحو 1.6 في المئة بسبب ضعف الإنتاج الزراعي. وأفادت مصادر من وزارة الزراعة والصيد البحري بأن 80 في المئة من الإنتاج الغذائي لم تتضرر بنقص أمطار الخريف الأخيرة التي انحصرت في مناطق الجنوب والوسط، كما أن تربية الماشية التي تشكل نصف النشاطات الاقتصادية في الأرياف لم تتأثر بتأخر موسم الشتاء، بعد تسجيل موسم جيد العام الماضي. وتمثل النشاطات الزراعية وتوابعها نحو 16 في المئة من الناتج الإجمالي ويعيش عليها 33 في المئة من السكان. وأفادت المصادر بأن زراعة الحبوب والقمح التي كانت تغطي 30 في المئة من إجمالي الأراضي الزراعية المقدرة بنحو خمسة ملايين هكتار، تراجعت بفضل مشاريع «المغرب الأخضر» إلى ما دون 20 في المئة، في حين زادت مساحات زراعات الفواكه والخضار والأشجار المثمرة والزيوت النباتية والأعشاب الصيدلانية، نحو 4.5 في المئة في المتوسط. ويحقق المغرب اكتفاء ذاتياً في معظم الزراعات الغذائية خصوصاً الحبوب والفواكه والحمضيات والخضار والزيوت التي يصدر منها إلى دول الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة وكندا. ولم تتأثر الصادرات الزراعية المغربية نحو أوروبا بقرار المحكمة الأوروبية القاضي بالطعن في اتفاق التبادل الزراعي والصيد البحري، الذي يشمل الأقاليم الصحراوية المعروض نزاعها على الأممالمتحدة، وهي جزء من المملكة المغربية منذ العام 1975. وقالت المفوضة الأوروبية لشؤون السياسة الخارجية فيديريكا موغيريني الأسبوع الماضي في الرباط خلال لقاء نظيرها صلاح الدين مزوار: «المغرب بلد مهم في المنطقة المغاربية والمتوسطية والأفريقية والعربية، وله دور في أوروبا ويتمتع بوضع متقدم ولا يمكن التخلي عنه، والعلاقات والاتفاقات مع المملكة تستجيب للمعايير الأوروبية والقوانين الدولية وهي سارية المفعول بشكل طبيعي»، معربة عن أسفها لقرار المحكمة الأوروبية التعرض لاتفاق التبادل التجاري الزراعي الذي صادق عليه البرلمان الأوروبي عام 2012 ودخل حيز التنفيذ في 2013. ويُنتظر أن تحتضن بروكسيل جولة جديدة من المفاوضات المغربية - الأوروبية حول اتفاق التبادل الزراعي وموقف المحكمة الأوروبية. وصرحت مصادر ديبلوماسية ل «الحياة» بأن «الاتصالات معلقة مع مجموع مؤسسات الاتحاد الأوروبي باستثناء ما يتعلق بموضوع الاتفاق المعروض على المحكمة الأوروبية، لكن العلاقات الثنائية متواصلة». واعتبرت مصادر مستقلة أن عودة الأمطار وتحسن الإنتاج الزراعي يدعمان موقف المغرب ويحسنان أداءه الاقتصادي، ويسمحان بتوسيع دائرة التصدير خصوصاً نحو روسيا التي أعربت عن رغبة في زيادة وارداتها من المغرب لسد الفجوة الغذائية الناجمة عن العقوبات الاقتصادية الأوروبية بسبب أزمة أوكرانيا. ويتوقع ان تشهد العلاقات بين موسكووالرباط مزيداً من التقارب في الأسابيع المقبلة.