تفيد النتائج الأولية للانتخابات البلدية، في شرق تركياوجنوب شرقها حيث أُغلقت صناديق الاقتراع مبكراً، بأن حزب العدالة والتنمية حافظ على تصدّره المشهد السياسي في البلاد، بل ربما عزّز شعبيته في محافظات. ويعني ذلك أن الناخبين لم يتأثروا بفضيحة الفساد الكبرى التي تطاول رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ومقرّبين منه، وقرروا مساندة الحزب الحاكم لاقتناعهم بأنه يواجه «مؤامرة» من جماعة الداعية فتح الله غولن تهدد الأمن القومي لتركيا، ما قد يتيح لأردوغان التفكير مجدداً في خوض انتخابات رئاسة الجمهورية المرتقبة في آب (أغسطس) المقبل. وأشارت النتائج الأولية أيضاً إلى توسّع حزب السلام والديموقراطية الكردي في محافظاتجنوب شرقي تركيا، ما اعتبره مراقبون محاولة لرسم الحدود الجغرافية للحكم الذاتي المُنتظر للأكراد. وعلى رغم أجواء التوتر السياسي الشديد التي سبقته، مرّ الاقتراع في هدوء وسلام، وإن تكررت مشاهد قتال بالسلاح الأبيض بين عائلات كبرى في ريف محافظات الأناضول والجنوب، ما أدى إلى مقتل 8 أشخاص وجرح 32. ودُعي حوالى 53 مليون ناخب للتصويت في نحو 194 ألف مركز اقتراع، في انتخابات يأمل الحزب الحاكم بأن «تردّ اعتباره» بعدما هزّته فضيحة فساد كبرى كشفها محقّقون وسارعت الحكومة إلى محاولة وأدها، تلاها تسريب تسجيلات تتضمن أيضاً اتهامات بالفساد، آخرها هزّ هيبة الحكومة، إذ كشف مضمون اجتماع أمني سري لمسؤولين بارزين، ناقش عملية عسكرية محتملة في سورية. وكانت السلطات واجهت الصيف الماضي احتجاجات اعتُبرت سابقة خلال عهد أردوغان الذي بدأ عام 2002، سقط خلالها قتلى وجرحى. وكان الحزب الحاكم نال نحو 39 في المئة من الأصوات في الانتخابات البلدية عام 2009، و50 في المئة في الانتخابات النيابية عام 2011. وعلى رغم تحذير المعارضة من احتمال تزوير الاقتراع، فإن ما سُجِّل من عمليات تزوير لم يرقَ إلى مخطط منظم في هذا الصدد، علماً أن لجنة الانتخابات العليا رفضت سعي مئات من الشبان في إسطنبول، إلى العمل مراقبين متطوعين على صناديق الاقتراع. وعشية التصويت، أوردت صحيفة «ميللييت» أن اكثر من 4 آلاف عضو في الحزب الحاكم في إسطنبول، استقالوا وانضموا إلى حزب الشعب الجمهوري المعارض، بسبب استيائهم من سياسة الحزب. أتى ذلك بعد استقالة حوالى ألف عضو من «العدالة والتنمية» في أنقرة، وانضمامهم إلى «حزب الحركة القومية» المعارض. وقال أردوغان بعد إدلائه بصوته في إسطنبول: «على رغم كل الخطابات والتصريحات غير المرغوب فيها التي ألقيت في الميادين، ستقول الأمة كل الحقائق، وما يقوله الشعب هو الحقيقة ويجب احترام قراره». وأضاف: «بمجرد فتح صناديق الاقتراع، يكون الباقي مجرد هوامش بالنسبة إلى التاريخ». وأدلى الرئيس عبدالله غل بصوته في أنقرة، قائلاً: «على الجميع ترك انتماءاتهم جانباً من أجل المصالح العليا للدولة والشعب». وشدد على أهمية «التعددية» في الديموقراطية، معرباً عن ثقته بأن الجميع سيقبل نتيجة الانتخابات بهدوء ونضج. أما رئيس «الشعب الجمهوري» كمال كيليجدارأوغلو فدعا لدى إدلائه بصوته في أنقرة إلى «تعزيز ديموقراطيتنا وتطهيرها»، مضيفاً: «سنبني ديموقراطية نظيفة، أثق ببلدي». واتهم الحكومة ب «تعريض الجمهورية للخطر»، من خلال «التستّر على الفساد وإخفاء السرقات». إلى ذلك، اعتبر رئيس «حزب الحركة القومية» دولت بهشلي أن أردوغان «أوصل البلاد إلى حال يرثى لها، حتى أصبحت مشلولة وفي عناية مركزة»، وزاد أن رئيس الوزراء «رمى البلاد في النار وأضاع هيبتها بين الدول، من أجل أن ينقذ نفسه وابنه من تهم الفساد».