كانت الرحلات (الشبابية منها و الأسرية) في السابق هي المتنفس «الطبيعي» الأمثل من روتين الحياة اليومية، إذ يحدث فيها كسر موقت لذلك الروتين بإدخال نوع من الطاقة وتجديد للنشاط والشعور بأن المرء دخل إلى عالم آخر يعيد بعده ترتيب حساباته، على رغم فترتها الوجيزة جداً، ووقتها الذي يمضي بسرعة، ما بين الجلوس على الأرض أو تولي مهمة من عمليات الطبخ أو الشواء أو المشاركة في إحدى الألعاب البدائية أو مسامرة بعض رواد الرحلة، بيد أن الأمر انقلب رأساً على عقب في وقتنا الحاضر إذ إن رحلات «اليوم» التي تنظم في «البر أو البحر وحتى الزيارات العائلية الخفيفة» لم تعد كما كانت «طبيعية» من غير إقحام لأجهزة تقنية في تفاصيلها أو مقتنيات إليكترونية تمثل أحد مرتكزاتها، أو آليات لا بد من اصطحابها، فقد أصبحت الخيام في الرحلات البرية تجهز بأجهزة الاستقبال للقنوات الفضائية، بل إن الكثير من الفتيان والفتيات لم يعد باستطاعتهم الخروج من دون اصطحاب أجهزة «اللاب توب»، أو «البلاك بيري» الخاصة بهم، والذي لا يملك أحد هذه الأجهزة يكفيه جهازه الجوال المزود بخدمة الإنترنت!. وحول هذا الموضوع استطلعت «الحياة» آراء عدد من الشبان وأقاربهم ومن يعنيهم أمرهم لمعرفة ردود فعلهم وتعليقاتهم حول هذا الأمر، فكانت هذه الوقفات: بداية، علقت المدربة في التنمية البشرية حصة الزعبي بقولها: «أنا ضد خروج الشبان أثناء الزيارات العائلية وهم يصطحبون معهم هذه الأجهزة وبقائهم طول الوقت ممسكين بهواتفهم المحمولة أو أجهزتهم التقنية من دون تركيز أو انتباه مع من يحدثهم، وذلك لأنهم بذلك لم يختلفوا عن وجودهم في البيت في شيء، والإنسان إذا خرج إلى مكان يقصد به رحلة يريد الهدوء وجمال الطبيعة والاستمتاع بها ومعايشة تجربة المغامرات، وليس فعل ما يمكن فعله في البيت». بينما ترى الطالبة الجامعية ندى الزبيدي أن اتجاه الشبان والفتيات على حدٍ سواء إلى إدخال التقنيات في رحلاتهم البرية أو البحرية وكذلك زياراتهم العائلية ودخولهم جواً آخر من خلالها أثناء تلك الرحلات أو الزيارات، أمر تحتمه طبيعة المكان أو الأشخاص المحيطين، فقد يكون المكان المتجه إليه يخلو من ما يجذبهم، أو أن يكون الهدوء سيد الموقف في بعض الزيارات، لذلك يلجأون إلى تمضية الوقت في أمر يعد بالنسبة لهم برنامجاً يومياً لا داعي لكسره!. من جهتها، ترى عهود عبدالله أن اصطحاب أجهزة «اللاب توب» في بعض الزيارات العائلية، وخصوصاً زيارة الأقارب، أمر غير لائق، وكذلك إخراج الهاتف الجوال والنظر فيه لأكثر من مرة خلال الجلسة الواحدة، فمثل هذه الزيارات وقتها محدود جداً، وهناك من يظل ينتظر بالأسابيع والشهور لرؤية ابنه أو ابنته أو قريبه فيجب أن يكون الزائر مع من يقوم بزيارته، وكذلك العكس ليتحقق الهدف الحقيقي من الزيارة. وتستشهد عهود بحال أولئك الفتيات اللائي ما إن يستقر بالواحدة منهن المجلس حتى تخرج جهازاً «تقنياً» من حقيبتها وتبدأ في العبث في أزراره!!. وعلى الطرف الآخر، يرى فهد الحربي في اصطحاب أجهزة «اللاب توب»، أو تجهيز الخيام بأطباق استقبال القنوات أمراً طبيعياً، خصوصاً في الرحلات التي تستغرق فترة زمنية طويلة وتتطلب السفر والإقامة أياماً عدة. بيد أن الحربي خالف الجميع معترفاً بحمله جهاز «اللاب توب» معه في بعض الرحلات القصيرة (كالخروج للبحر على سبيل المثال)، «لكن في أحيان كثيرة لا أستخدمه، بل أبقيه في داخل السيارة، ولست الوحيد الذي أقدم على هكذا فعل، إذ إن جل مع أن أخرج معهم يقدمون على الأمر ذاته».