قال مصدر مطلع في الجزائر أمس أن حكومة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة تدرس تخفيض حضورها في منظمة الفرنكوفونية بسبب تدهور العلاقات الجزائرية - الفرنسية. وقال المصدر إن الجزائر تربط بين «خلافاتها مع باريس» وبين استمرار تواجدها في الاتحاد الدولي للفرنكوفونية، مرجحاً أن تظهر أولى معالم «التخفيض» في المواعيد اللاحقة لمؤتمرات هذا الاتحاد. وكان الرئيس بوتفليقة سافر إلى كيبيك الكندية لتمثيل الجزائر في القمة الأخيرة الفرنكوفونية الثانية عشرة. وهو أعطى حينها الضوء الأخضر لمشاركته شخصياً في هذه القمة بعدما شارك في قمم سابقة و «قاطع» أخرى لظروف كانت دائماً مرتبطة بوضع علاقات الجزائربفرنسا. إلا أن المستجدات تشير إلى أن التخفيض المقبل لن يتم التراجع عنه سوى بتسوية الخلافات بين البلدين. وظلت الجزائر تشارك في المنظمة الفرنكوفونية كعضو مراقب منذ قمة لبنان سنة 2002، وهي رفضت في السابق الانضمام إليها لأسباب تُعزى لما أسمته أوساط رسمية في السابق «تدخلاً مستمراً لفرنسا في شؤونها الداخلية». وإلى جانب بوتفليقة كان يشارك في القمة ما لا يقل عن 55 رئيس دولة وحكومة من أعضاء المنظمة العالمية للفرنكوفونية، فيما أن الجزائر لا تزال غير راغبة في العضوية الكاملة ومكتفية بالعضو المراقب، ما يعفيها من التزامات عدة «تحرّكها باريس»، بحسب ما يقول مسؤولون جزائريون. وينظر إلى الجزائر في منظمة الفرنكوفونية على أنها «ضيف فوق العادة» بعدما كان الرئيس بوتفليقة كسر الحاجز في قمة بيروت. وتأتي المشاركة الأخيرة للرئيس بوتفليقة في قمة المنظمة بدعوة من كندا ومن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، رئيس الاتحاد الأوروبي وقتها. وكان الأخير يرغب في إقناع الرئيس بوتفليقة بملف العضوية الكاملة، بعدما تعللت الجزائر في وقت سابق بخلافاتها مع باريس حول الاعتراف بالجرائم والاعتذار عن الفترة الاستعمارية لقاء تفكيرها في الانضمام. وتصر الجزائر اليوم على هذه المطالب الخاصة بفترة الاستعمار أكثر من أي وقت سابق. ويُنظر إلى علاقة الجزائر بمنظمة الفرنكوفونية، على أنها امتداد طبيعي لنوع العلاقات بين رئيسي الدولتين، الجزائروفرنسا. لكن ما يجري بين البلدين حالياً يدل على نوع من الجفاء، بل أن الحكومة الجزائرية تعطي على ما يبدو الأولوية في علاقاتها مع الغرب لواشنطن وليس باريس. وكان ذلك واضحاً عبر عشرات الزيارات لمسؤولين أميركيين للجزائر على مدار الشهور الماضية، في مقابل زيارة وُصفت بأنها مهمة لوزير الخارجية مراد مدلسي للعاصمة الأميركية قبل أسابيع. وجاءت هذه الزحمة على خط الجزائر - واشنطن، في وقت لم تُسجل أي زيارة في اتجاهي باريس - الجزائر لمسؤولين جزائريين أو فرنسيين، عدا زيارة سابقة لأمين عام الإليزيه كلود غيان وكانت متعلقة خصوصاً بملف التفاوض لإطلاق رهينة فرنسية في مالي. واستدعت وزارة الخارجية الجزائرية، قبل أيام، السفير الفرنسي في الجزائر كزافيه دريانكور لإبلاغه «عدم تفهم» السلطات الجزائرية لقرار القضاء الفرنسي رفض انتفاء وجه الدعوى في حق الديبلوماسي الجزائري محمد زيان حسني المشتبه فيه في قضية قتل معارض جزائري، وهي تهمة نفاها زيان وبررها محاموه بأنها ناتجة من التباس في الأسماء. وكان ذلك ثاني استدعاء للسفير الفرنسي لتبليغه احتجاجاً جزائرياً بعدما استُدعي قبل أسابيع لإبلاغه رفض الجزائر إجراءات التفتيش الخاصة بمواطنيها في مطارات فرنسا.