عبّدت «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» الطريق أمام المغرب لإعادة إحياء مشروع بناء محطة نووية لأغراض سلمية واقتصادية، كان خلال السنوات الماضية مثار نفي وتأكيد من الجهات المختصة بسبب حساسية المشروع وكلفته المرتفعة، في بلد يسعى إلى الاعتماد على الطاقات المتجددة والنظيفة. وأعلنت الوكالة التابعة للأمم المتحدة والتي تتخذ من جنيف مقراً، أن المغرب يستجيب للشروط التقنية والإدارية والقانونية والأمنية والتدبيرية، ويملك المؤهلات البشرية والتجربة والكفاءة العلمية لإطلاق برامج للطاقة النووية لأغراض سلمية، خصوصاً في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية وتحلية المياه. وتسلمت وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة في الرباط الأسبوع الماضي، نص التقرير الذي أنجزته لجنة من «الوكالة الدولية للطاقة النووية»، والتي كانت زارت المغرب في الخريف الماضي للتعرّف إلى منشآت المملكة وقدراتها على اعتماد الطاقة النووية لأغراض اقتصادية وسلمية. وزارت البعثة مقر «المركز المغربي للبحوث النووية» في «غابة المعمورة» شمال الرباط، حيث يوجد مفاعل نووي وهو نتاج تعاون مغربي - أميركي يُستعمل لأغراض علمية وطبية وزراعية. وأعلنت الوكالة أن المغرب حقق تقدماً في المجالات التقنية والتشريعية والأمنية المتعلقة بالمشاريع ذات الطابع النووي، والتي تستجيب للمعايير الدولية المعتمدة في البرامج النووية لأغراض سلمية. ولكن الرباط تحتاج إلى تطوير عدد من المجالات المكمّلة، ومنها إنشاء هيئات جديدة للتعاطي مع الملف النووي، ووضع خطط واستراتجيات محددة الأهداف والبرامج، منها تلك المتعلقة بقدراتها في مجال الطاقة النووية الحرارية المستعملة في الإنتاج الكهربائي، ومعالجة النفايات المشعة. ولدى المغرب لجنة خبراء لدرس إمكان استخدام الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر على المحيط الأطلسي، إذ لا تزال الرباط تدرس تحويل المياه المالحة المعالجة إلى برامج الري المحوري، لمواجهة شحّ الأمطار وندرة المياه العذبة في المناطق الجافة والصحراوية. وتنصح الوكالة الدولية بتوسيع صلاحيات اللجنة التقنية وتعزيز دورها بإشراك مؤسسات أخرى، واعتماد مخطط توجيهي لاستكمال الدراسات. وقال وزير الطاقة والمعادن والماء عبدالقادر عمارة إن مشاريع الطاقة النووية تحتاج قراراً سياسياً، وتجاوزت الامتحان التقني باعتراف الوكالة الدولية بالقدرات المغربية في نحو 20 مجالاً يتعلق بالطاقة النووية، لأن المغرب يتمتع بمؤهلات مهمة في مجال الأنشطة النووية. وأكد أن اعتماد التنوع في مجال إنتاج الطاقة قائم في مشاريع الإنتاج الحراري في المملكة، وبناء مفاعل نووية لإنتاج الكهرباء خيار وارد على المدى المتوسط. ويعمل المغرب لتقليص اعتماده على المصادر الخارجية عبر تنفيذ استثمارات في مشاريع للطاقات المتجددة الشمسية والريحية، تقدر قيمتها بنحو بليوني دولار سنوياً، لإنتاج 52 في المئة من الطاقة الكهربائية بحلول عام 2030. ودشن الملك محمد السادس الشهر الماضي في وارزازات «محطة نور الشمسية» الأكبر من نوعها في العالم، بقدرة إنتاج تصل إلى 580 ميغاوات خلال سنتين. وتشكل خيارات الطاقة النووية تجربة تكميلية إضافية في المغرب الذي بات يعتمد كل أنواع الطاقات المتاحة والممكنة، وتلك التي يسمح بها القانون الدولي. وكانت اتصالات أجريت في وقت سابق مع روسيا والصين لبحث إنشاء محطة للطاقة النووية تعتمد مفاعلات متوسطة الحجم، لتحلية مياه البحر وإنتاج الكهرباء في ضواحي طرفاية، جنوب المحيط الأطلسي.