صفير في الصدر وصعوبة في التنفس ربما تصل إلى مرحلة الاختناق، ثم سعال شديد مصحوب بإفراز مواد مخاطية. أعراض متكررة تحدث في صورة نوبات يعاني منها المصاب بالربو Asthma. وكثيراً ما تحدث تلك النوبات ليلاً، كما تستلزم استعمال أدوية توسيع الشعيبات الهوائية الصغيرة، وربما عقاقير تحتوي الكورتيزون أيضاً. ويعتبر الربو (يسمى أحياناً «الربو الشعيبي») من أكثر الأمراض المزمنة انتشاراً، إذ يصيب أكثر من 350 مليون إنسان، مع توقّع أن يصل هذا العدد إلى 400 مليون في عام 2025. وعلى رغم قسوة المرض، يمكن التعايش معه في شكل طبيعي. وركّزت «منظمة الصحة العالمية» على منحى التعايش طبيعياً مع الربو، في سياق اليوم العالمي للربو في مطلع الشهر الجاري. وكذلك شدّدت على توافر أدويته، والدور الذي تلعبه التوعية الجيدة (وكذلك المقاربة الصحيحة طبياً وعلاجياً) في توصّل مرضى الربو لتحقيق سيطرة جيدة ومستمرة عليه. وتعاونت «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» مع «منظمة الصحة العالمية» وجمعية «حياة بلا تدخين» في الاحتفاء بيوم الربو. وفي المناسبة، تحدّثت وزيرة الأسرة والسكن مشيرة خطاب، مُشيرة إلى أن الربو منتشر بقوة بين أطفال مصر، التي تأتي في المرتبة العاشرة عالمياً لجهة انتشار التدخين بين المراهقين والشباب. وكذلك أكّدت أستاذة الأمراض الصدرية في كلية طب قصر العيني الدكتورة أنيسة الحفني، أن انتشار هذا المرض المزمن بين الأطفال يعتبر من أبرز أسباب الانقطاع عن الدراسة، مشيرة إلى حدوث أخطاء في تشخيصه أحياناً، إذ يلتبس مع الالتهابات الفيروسية التي تصيب الطفل. وفي السياق عينه، رأى أستاذ الأمراض الصدرية في كلية طب قصر العيني الدكتور هشام طراف، ان الاستعداد الوراثي يشكّل أهم أسباب الربو، إضافة الى البيئة. وقال: «إننا في حاجة لزيادة الوعي الصحي بأخطار المرض من اجل تدعيم الوقاية منه، لأن انتشاره في زيادة مستمرة. ويكفي أن نذكر أن نسبة الإصابة في مصر في سبعينات القرن الماضي كانت 1 في المئة، عندما كان سكانها قرابة 27 مليون نسمة. وقد وصل سكان مصر إلى 80 مليون نسمة، وصلت نسبة الإصابة إلى 8 في المئة بين الكبار». الربو بكلمات بسيطة في سياق متصل، فسّر أستاذ الأمراض الصدرية في كلية الطب في جامعة الإسكندرية الدكتور سمير خضر الربو بأنه التهاب مزمن يشمل الشعيبات الهوائية في الرئة كلها، كما يتصل بالحساسية التي تأتي من رد فعل جهاز المناعة. فعند تعرض المريض لمؤثر يحرّك الحساسية لديه، يستثار الجهاز المناعي في شكل مبالغ فيه، بالترافق مع توليد مواد كيماوية قوية تصيب الشعيبات الهوائية، ما يؤدي إلى تقلصها. وتنجم أعراض المرض عن التقلّص المفاجئ والقوي لتلك الشعيبات، وهي ممر إجباري لدخول الهواء الى الرئتين وخروجه منهما. وبذا، تحصل أعراض مثل السعال وصفير الصدر وضيق التنفس. ومع تكرار النوبات، تتراكم الالتهابات في الجهاز التنفسي، فتصبح حالاً مزمنة. ولهذا السبب، يعتبر علاج حساسية الصدر بمضادات الالتهاب ركناً أساسياً في العلاج، اضافة إلى موسّعات الشعب الهوائية ومشتقات الكورتيزون. وبيّن خضر أن للعلاج أركاناً اخرى تشمل متابعة المريض دورياً، والاهتمام بصحة البيئة منزلياً والتثقيف الصحي للمريض وأسرته، خصوصاً إن كان طفلاً، حول طُرُق التعامل يومياً معه. وأوضح خضر أن البحوث العلمية الحديثة اثبتت وجود خلايا في جهاز المناعة مهمتها مساعدة جهاز التنفس على الخروج من نوبة الربو عبر تخفيف عملية الالتهاب، ما يشرح التفاوت في شدّة النوبات وتكرارها وفتراتها من مريض إلى آخر. حياة طبيعية لطفل الربو رأى الدكتور عادل خطاب مستشار وزير الصحة المصري للأمراض الصدرية، أن زيادة انتشار مرض الربو عالمياً ناتجة من زيادة التلوث والاحتباس الحراري وزيادة انتشار التدخين، خصوصاً في الدول النامية. ويندرج حال مصر في سياق هذه الصورة، موضحاً ان متوسط انتشار الربو فيها يقارب ال 10 في المئة من السكان، مع تفاوت هذه النسبة بين 7 إلى 8 في المئة عند الكبار و12 في المئة عند الأطفال. ووصف تلك النسب بأنها مرتفعة، رابطاً إياها بارتفاع معدل التلوث وزيادة انتشار التدخين في اوساط الشباب (وحتى الأطفال)، إضافة الى انتشار تدخين الفتيات للشيشة والتبغ. وقال: «يؤدي التدخين في المنازل إلى احتراق بعض البروتينات التي تلتصق بالجدران لمدة ثلاثة أيام، ما يساهم في استمرار التأثير المضر للتدخين في مريض الربو... كما تعمل هذه البروتينات على تعطيل فاعلية مضادات الالتهاب (خصوصاً الكورتيزون)، وتزيد من مسببات الحساسية في بيئة المنزل». وحضّ خطاب على التصدي لانتشار التدخين، عِبر تفعيل قرارات منع التدخين في الأماكن المغلقة، ومساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين حتى لو اقتضى الأمر اللجوء إلى العقاقير، لأنها لا تحتوى على النيكوتين، كما توقف تأثيره في أعصاب الدماغ، ما يمنح فرصة لعدم العودة إلى التدخين عند التوقف عن تناولها. وشدّد خطاب على أهمية التعرف إلى سُبُل التعايش طبيعياً مع الربو، خصوصاً بالنسبة الى الأطفال، مبيّناً أن ذلك يحدث عِبر السيطرة على المرض، والانتظام في العلاج، ما يتيح للطفل الانتظام في الدراسة وممارسة الرياضة، خصوصاً السباحة التي تلعب دوراً ايجابياً في العلاج. وتناول خطاب اهمية التثقيف الصحي للمريض وأسرته. وقال: «إن دور الطبيب لا يتوقف عند وصف الدواء ولكن يجب أن يمتد أكثر من ذلك، ليصل الى المساهمة في خلق ثقافة التعامل مع البيئة ونوعية الطعام وكيفية التعامل مع الحمل والولادة، والتشجيع على أنواع الرياضة بطريقة صحية، فلا يستحب أن يمارس المصاب كرة القدم أو الرياضات العنيفة... هناك مثلث يجب أن تتكامل اضلاعة دائماً وهو المريض والطبيب والأسرة». وأشار الى أن البحوث العلمية في علاج الربو لا تتوقف، بل باتت تشمل بحوث خلايا المنشأ التي قد توصل الى علاجات تسيطر على رد فعل جهاز المناعة في المريض، وبالتالي وقف حدوث نوبات الربو. وتحدث عن البخاخات التي تحتوي على أدوية في شكل بودرة جافة، وهي تتميّز بسهولة استخدامها خصوصاً ان البخاخات التقليدية تحتاج الى «تمرين» المريض على استعمالها. وأشار الى أن بعض تلك البخاخات يحتوي على الكورتيزون.