اهتزت صورة الرئيس البرازيلي السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أمس، بعدما خضع لاستجواب لدى الشرطة التي فتّشت منازل ومباني مرتبطة بعائلته، في تحقيق يتعلق بفضحية فساد تتمحور حول شركة «بتروبراس» النفطية المملوكة للدولة، وسط شكوك في مساهمتها في تمويل غير مشروع لحزب العمال الحاكم الذي ندد ب «مسرحية سياسية». وكان لولا، وهو زعيم نقابي سابق، واحداً من القادة الأكثر احتراماً في تاريخ البرازيل، لدى تنحيه عن منصبه عام 2010، بعد ولايتين رئاسيتين (2003-2010) شهدتا إنجازات اجتماعية واقتصادية ضخمة، بينها انتشال عشرات الملايين من براثن الفقر والحرمان. وخلفته في المنصب «تلميذته» ديلما روسيف، علماً أنه أقرّ بأنه يدرس خوض معركة الرئاسة المرتقبة عام 2018. لكن استجواب لولا يهدد بتلطيخ إرثه وتقويض سمعة حزبه، ويشدّد الخناق على روسيف التي تجهد لتفادي محاولات لعزلها، في وقت تعاني البرازيل من أسوأ تباطؤ اقتصادي خلال عقود. ودهمت الشرطة الاتحادية منزل لولا قرب مدينة ساو باولو، ومؤسسته «إنستيتوتو لولا» التي لا تبغي الربح وتنشط في التعاون بين البرازيل وأفريقيا وأميركا اللاتينية. واقتادت الشرطة الرئيس السابق لاستجوابه في مقرها في مطار «كونغونهاس» في ساو باولو، والذي شهد تجمّعاً لعشرات من المتظاهرين، من مؤيدي لولا ومعارضيه. وقال المدعي العام البرازيلي كارلوس فرناندو دوس سانتوس ليما إن «شركات ضخمة للأشغال العامة دفعت» للولا نحو 30 مليون ريال (8 ملايين دولار)، على شكل هبات وأتعاب على محاضرات. وأضاف: «الهبات كثيرة ويصعب تحديد كميتها. من الأسهل تحديد حجم الأشغال التي أجريت في شقة من ثلاثة طوابق ومنزل ريفي»، في إشارة إلى إعلان الشرطة امتلاكها أدلة تثبت تلقّي الرئيس السابق أموالاً من كسب غير مشروع مرتبط بشركة «بتروبراس»، شملت منزلاً فاخراً على الشاطئ وآخر ريفياً. وأشار ليما إلى أن الادعاء «يحلّل الأدلة التي تؤكد أن الرئيس وعائلته استفادوا من امتيازات»، وزاد: «لا أحد مُستثنى من التحقيق في هذا البلد. أي شخص في البرازيل يخضع لتحقيق، عندما تكون هناك مؤشرات على حدوث جريمة». وكانت النيابة في ولاية بارانا جنوبالبرازيل أشارت إلى تحقيق حول «جنح فساد وتبييض أموال محتملة لشبكة بتروبراس، أجراها لولا ومعاونوه»، لافتة إلى «توافر أدلة تفيد بتلقيه أموالاً من شبكة تزوير». وأعلنت الشرطة الاتحادية أن «حوالى 200 شرطي نفذوا 44 مذكرة قضائية، بينها 33 مذكرة تفتيش ودهم و11 مذكرة جلب، في ولايات ريو دو جانيرو وساو باولو وباهيا»، وذلك في إطار عملية «التطهير السريع» الواسعة التي بدأت عام 2014 للتحقيق حول شبكة فساد ضخمة في «بتروبراس»، كبّدت الشركة بليونَي دولار. ووَرَدَ في بيان للشرطة أن «لولا كان مسؤولاً في شكل أساسي عن اتخاذ قرارات تعيين المديرين في بتروبراس، وأحد المستفيدين الأساسيين من هذه الجرائم»، لافتاً إلى «دليل يُثبت أن الجرائم أدت إلى ثرائه، وموّلت حملات انتخابية لحزبه وخزانته». وأعلنت مؤسسة لولا أن الشرطة استجوبت الأخير نحو أربع ساعات، معتبرة أن «لا شيء يبرر» ما حدث أمس. وشددت على أن الرئيس السابق «لم يخفِ ثروته ولم يتلقَ مزايا غير مستحقة، قبل رئاسته وخلالها وبعدها». ووصفت احتجازه بأنه «تعسفي وغير قانوني وغير مبرر»، منددة ب «عنف مورس ضد لولا وعائلته ومؤسسته». وتحدثت عن «اعتداء على دولة القانون، يؤثر في المجتمع البرازيلي بأكمله». ووصف رئيس حزب العمال روي فالكاو ما حدث أمس بأنه «مسرحية سياسية تُظهر الطابع الحقيقي لهذه العملية»، فيما رأى فيه وزير العمل ميغيل روسيتو «هجوماً واضحاً على ما يمثّله لولا».