تمازج الفن التشكيلي بالنصوص الشعرية والنثرية. وتقاطعت الأوراق العلمية النقدية مع شهادات القراء؛ ومشاعر الفرح مع الحزن والأسى، في ليلة الوفاء التي أحياها أخيراً «ملتقى إبداع» بضمد للشاعر الكبير علي بن أحمد النعمي في ذكرى رحيله الأولى. حضور ميزه تداخل اهتمامات شرائح الجمهور المحتفي بالشاعر، عبر تنوع الأجيال والأعمار والذوائق الأدبية والاهتمامات العلمية والفكرية، التي تناغم فيها القضاة والخطباء وأعيان المحافظة من كبار السن ممن يمثلون زملاء وأصدقاء الراحل مع الأدباء والفنانين الشباب؛ المتبنين للفعالية. بدأت الأمسية بألوان مبدعي الفنون التشكيلية في معرض حوى 45 لوحة، قص شريط افتتاحه رئيس مركز الشقيري حسن حكمي، الذي أصر على أن يشاركه الافتتاح أعلام المنطقة الحاضرون، كقاضي التمييز المتقاعد عضو مجلس المنطقة الشيخ أحمد بشير معافا ورئيس نادي جازان الأدبي السابق الأديب حجاب الحازمي والشيخ أحمد عبدالله حسن الحازمي، أقدم مدير لأول مدرسة حكومية بمحافظة ضمد، ورئيس جمعية البر بضمد أحمد بن علي حمود حبيبي. وتجول الجميع في المعرض، الذي تنوع ما بين لوحات تصويرية لتراث المنطقة وطبيعتها، وما بين الخيال والحالات الفنية الذاتية التي تعكس تنوع المدارس التي يعكسها الفنانون المشاركون. بعدها انتقل الحضور للشق الآخر من الفعالية، التي شهدت فيها منصة الملتقى عرضاً بصرياً عن سيرة الشاعر النعمي ومحطات حياته، قبل أن يبدأ طرح ورقات العمل والشهادات عن الشاعر المحتفى به. فقدم مدير اللقاء يحيى معافا فكرة عن الاحتفاء بالشاعر الراحل وأوراق النقاش والتي تضمنت قراءة في اتجاهات شعره، قدمها الناقد أحمد الصم، الذي نال درجة الماجستير في شعر الراحل ودواوينه، متناولاً في قراءته أبرز ما في زوايا شعره الاجتماعية والإنسانية والوجدانية والدينية. وقدم الدكتور محمد حبيبي في ورقته تجربة الشاعر النثرية والصحافية، مشيراً إلى أن الشاعر، رحمه الله، عمل في الصحافة في مرحلة صحف ما قبل نظام المؤسسات الصحافية في الثمانينات الهجرية في الأحساء وفي الرياض في عدد من المطبوعات، كصحيفة ومجلة «اليمامة» وصحيفة «الجزيرة» ومطبوعات في المنطقة الغربية، تنوعت فيها مقالاته وتجربته التحريرية بين عدد من المواضيع والمستويات؛ لافتاً إلى أن ما أمكن جمعه من مقالات النعمي يزيد على 60 مقالة وعموداً صحافياً. وقدم محمد بن عبدالله الحازمي، رفيق الشاعر منذ سنيّ الصبا والشباب وحتى اللحظات الأخيرة لرحيله، عدداً من الذكريات والمواقف المؤثرة التي ذكر أنه يتم الكشف عنها للجمهور للمرة الأولى، ومن ذلك قصة ومناسبة قصيدة «عابدة» القصيدة التي كتبها عن ممرضة. وقصته أثناء تنويمه وإجرائه لجراحة ومواجهته الطبيب؛ ومحاولات النعمي الدؤوبة مع رفاقه في فكرة افتتاح نادي أدبي في عام 1392ه قبل إعلان افتتاح الأندية الأدبية في المملكة بثلاث سنوات. كما تناول حسن قصير الحازمي قصص أخرى عن مناسبات الشاعر وحضوره في المناسبات وهمومه وآماله شعرياً، وعرض لآخر قصيدة ألفها وألقاها. بعدها توالت المداخلات من رفيق عمره وصديقه المقرب حجاب الحازمي، الذي تحدث عن ذكرى الراحل ومسيرتهما معاً ومواقف صادفتهما في الحياة والآمال والتطلعات، التي كانت في ذهن الراحل منها ما تحقق ومنها لم يتحقق وقصصاً طريفة ونادرة. وتداخل الشاعر محمد عطيف بقصيدة شعبية عن الراحل، قائلاً إنه قطع مسافة مئة كيلومتر للمشاركة في هذه الفعالية، على رغم أنه لم يلتق بالراحل سوى مرة واحدة لكن محيا وذكرى الراحل، جعلتاه يقطع تلك المسافة كأقل ما يمكن فعله لتخليد ذكرى النعمي. وفي ختام الأمسية قام حسن الحكمي بتكريم فناني المعرض والمشاركين في الملتقى والرعاة للقاء.