أعلن الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أنه لا يرغب بالتجديد في منصبه بعد انتهاء ولايته في تموز (يوليو) المقبل، ما أطلق التكهنات بترشيح مصر أحمد أبو الغيط، آخر وزراء الخارجية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، أو وزير خارجيتها الحالي سامح شكري، لخلافة العربي خلال القمة المقبلة في موريتانيا، وإن لم يتضح بعد حجم المنافسة على المنصب الذي تحتكره القاهرة تقريباً. وقال الناطق باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد إن الرئيس عبدالفتاح السيسي «تقدم بمرشح مصري جديد ذي ثقل وخبرة ديبلوماسية كبيرة إلى القادة العرب» لخلافة العربي، وأن «مشاورات رفيعة المستوى تتم حالياً للحصول على الدعم العربي للمرشح المصري». لكنه رفض الإفصاح عن اسم المرشح، لافتاً إلى أنه سيعلن خلال أيام «عقب استكمال المشاورات اللازمة». وقال العربي في تصريحات صحافية أمس: «تم انتخابي في 15 أيار (مايو) 2011 لمدة خمس سنوات، وتسلمت ولايتي أميناً عاماً في أول تموز 2011 وتنتهي في تموز 2016... طلبت من الحكومة المصرية عدم التفكير في طلب التجديد لي لفترة جديدة. وسأستمر حتى انتهاء ولايتي». وأشار إلى أن فترة ولايته «شهدت اضطرابات وتحديات جساماً، إلا أن الجامعة حاولت رغم ذلك القيام بدورها، وهي مؤهلة لذلك». ولفت إلى «ضرورة تطوير وتحديث ميثاق الجامعة الذي كُتب في العام 1944». وقال: «كررت هذا الطلب عشرات المرات، حتى تكون الجامعة منظمة معاصرة تستطيع أن تواجه التحديات الجسام التي نراها حولنا». ولفت إلى أن لجنة أنشأتها الجامعة برئاسة الديبلوماسي الجزائري المخضرم الأخضر الإبراهيمي «وضعت تقريراً مهماً أقرته القمة العربية. والموضوع في يد الدول العربية الآن ويتوقف على إرادتها ليتم إقرار الميثاق الجديد... أستطيع أن أقول إن التوجه العام يرمي إلى الإصلاح والتطوير». وكان انتخاب العربي تسوية بين مصر وقطر اللتين تنافستا قبل انتخابه بترشيح الأولى الديبلوماسي البارز مصطفى الفقي وترشيح الثانية الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي عبدالرحمن العطية، إذ توافق البلدان على ترشيح وزير الخارجية المصري آنذاك، بدل مرشحيهما. ولم يتضح بعد ما إذا كانت قطر أو غيرها ستسعى إلى المنافسة على المنصب الذي احتكرته مصر منذ نشأة الجامعة، باستثناء فترة نقل المقر موقتاً إلى تونس بعد معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية في العام 1979، حين تولى الأمانة العامة الديبلوماسي التونسي الشاذلي القليبي. وأثارت دول عدة مطالب بتدوير المنصب، خصوصاً الجزائر. وتحدثت مصادر عن أن القاهرة لم تكن تعتزم ترشيح العربي لولاية جديدة، وانه استبق القمة بإعلان عدم رغبته في الترشح، ليترك للحكومة المصرية المجال لترشيح اسم جديد. ولفتت إلى أن «الموضوع طُرح في قمة شرم الشيخ العام الماضي، لكن مصر رأت أن التوقيت غير مناسب فقررت إرجاء طرح اسم جديد بخلاف العربي إلى القمة التالية». وأرجعت المصادر رغبة مصر بعدم التجديد للعربي إلى «رفض دول عربية عدة أداءه أخيراً، خصوصاً في الملف الإيراني، إضافة إلى ملف هيكلة الجامعة وعدم تدخل الجامعة في مشاكل طاحنة في عدد من الدول العربية». وأعربت الرئاسة المصرية في بيان أمس عن «عميق الشكر والتقدير للعربي في اختتام مهمات عمله، إذ كرس وقته وجهده وخلاصة خبرته القانونية والديبلوماسية لمصلحة خدمة القضايا العربية والدفاع عن مصالح الدول والشعوب العربية في مرحلة تاريخية صعبة وغير مسبوقة واجهت فيها الدول العربية، ولا تزال، تحديات جسيمة طاولت كياناتها ومؤسساتها الوطنية ومقدرات شعوبها». ورأت أن «العربي قاد بخبرته القانونية والديبلوماسية الكبيرة مسيرة العمل العربي المشترك، وواصل بجهد وإتقان الجهود المبذولة لتطوير الجامعة العربية من خلال تطوير ميثاق الجامعة وآليات عملها، لتصبح أكثر تعبيراً عن آمال وتطلعات دولها الأعضاء من شعوب وحكومات، في دعم أواصر علاقاتها العربية ومواجهة تحديات العلاقات الدولية المعاصرة». وعلق وزير الخارجية المصري على إعلان العربي، مؤكداً «التقدير العميق لما بذله من جهود كبيرة وما قدمه من إسهامات لدعم وحدة الصف العربي وحماية المصالح العربية خلال توليه منصبه في ظل ظروف إقليمية ودولية دقيقة».