بروكسيل - أ ف ب - عندما تستعرض مسارح في بلجيكا تجربة الفنانين العرب المهاجرين، فهي لا تزال تطلب استضافة عمل «روميو وليلى» الذي قدمته المغنية التونسية غالية بنعلي مع مواطنها عازف العود مفضل عضوم. وها هما يعودان للجوء الى التراث ويقدمان اسطوانة لأم كلثوم تقول غالية انها غنتها «وكأن أم كلثوم جدتي وانا حفيدتها المعاصرة». في آذار (مارس) الماضي، اطلقت المغنية وعازف العود اسطوانة تضم مجموعة من اغاني ام كلثوم. غنت بنعلي بطبقة صوت منخفضة تحاكي جانباً من أسلوب غناء كوكب الشرق، وقدمت مقاطع من «الاطلال» و «اراك عصي الدمع» و «عرفت الهوى» و «برضاك يا خالقي» و «قضيت حياتي»، فيما أعاد عضوم توزيع الموسيقى لآلات قليلة هي العود والايقاع والكونترباص. وتقول بنعلي التي دخلت عالم الغناء بالصدفة بعدما درست الغرافيك في بلجيكا انها لم تكن تريد «تقليد» ام كلثوم، بل «مقاربة أغانيها في شكل شخصي جديد»، مشيرة الى ان الكثير من الاوروبيين يعترفون بأهمية أم اكلثوم، لكنهم «يجدون صعوبة في سماعها ودخول عالمها في تلك التسجيلات الطويلة». وتضيف: «اعتبرت كما لو ان ام كلثوم جدتي وانا حفيدتها المعاصرة وأريد تقديم اغانيها من جديد، فهل هذا محرم علي؟». وتشرح ان اقدامها على مقاربة عالم أم كلثوم يأتي من تجربة حميمة عاشتها مع صورة المغنية الكبيرة، وتقول انها في طفولتها كانت تعتقد فعلاً ان ام كلثوم جدتها. وتضيف: «كنت أرى صورها في غرفة أبي وامي وصرت ألومها لأنها لا تأتي لزيارتنا وأفضل جدتي الاخرى عليها». لكن تلك العلاقة «الحميمة» لم تقدم الكثير للاستعادة الجديدة لأم كلثوم، فهي لا تبدو مختلفة عن تجارب كثيرة سبقتها، ولا تتقدم عليها. بنعلي تمضي في غناء بعض المقاطع بطبقة صوت واحدة وبتنويعات قليلة وأداء يفتقد العمق، والمصاحبة الموسيقية يتكفل معظمها العود في معظم الاحيان مع مداخلات قليلة للايقاع والكونترباص. وعلى رغم ذلك، فإن للتجربة «سحرها» بالنسبة الى المنتج البلجيكي الذي تكفل الإصدار، إذ يقول منتج اسطوانة ام كلثوم، ديريك سايموس، انه وافق مباشرة عندما عرضت عليه بنعلي الفكرة. ويضيف ان ما جذبه ايضاً «ان اغاني لمطربة عظيمة سيعاد تسجيلها مع آلات قليلة بدلاً من اوركسترا كاملة في النسخة الأصلية». وكانت اسطوانة «روميو وليلى»، العمل الموسيقى الاول الخاص الذي قدم بنعلي والعازف عضوم للجمهور البلجيكي، وذلك بعد سنوات من الحفلات واللقاءات مع فنانين بلجيكيين في إطار ما يسمى «موسيقى العالم». وجاء هذا العمل في هيئة قصة مغناة كتبتها بنعلي واشتغل موسيقاها عازف العود، بمشاركة آلات التشيلو والكونترباص والايقاع الشرقي، وسجل للمرة الاولى عام 2006 ولا تزال المسارح البلجيكية منجذبة لاعادة تقديمه عندما تريد استضافة صانعيه. في قصة بنعلي مناجاة شخصية وشكوى وشوق مثل غيرها من قصص الحب، لكنها تجري في عالم خيالي أرادت ان تجعله «مليئاً بالرموز»، كما تروي، مشيرة الى انها لم ترد تفسير كل شيء للجمهور، بل فضلت «وضع مجموعة صور وكلمات ورموز وتركت للجمهور ان يشكل انطباعه الخاص». بعض اغاني «روميو وليلى» قدمتها بنعلي على مسرح «البورصة» وسط بروكسيل قبل أيام، ومعظم الجمهور الحاضر لم يكن ممن يتقنون العربية، لكن من يتحدث العربية وجد ان التجربة «سطحية جداً»، وانها تحاول بأي شكل ركوب موجة «حوار ولقاء الغرب والشرق» الرائجة هذه الايام. وقصة ليلى مع روميو فيها بعض الجوانب من تجربة بنعلي الشخصية وزواجها من رجل بلجيكي، وهي تشير الى انها ارادت ان تقدم قصة حب «ذات بعد إنساني عالمي وتتحدى كل ممنوع»، لافتة الى انها حرصت على تخليص قصتها من الجوانب المأسوية لانه «ليس من اللازم ان نموت من اجل الحب بل بالعكس، يجب ان يحيينا الحب من جديد».