ابتسم الحظ للأردني ناجي ابو نوار، مخرج فيلم "ذيب" المرشح لنيل جائزة أوسكار عن فئة الفيلم الأجنبي الأفضل خلال حفل توزيع هذه الجوائز غد (الأحد)، عندما مزج روح البداوة بنمط افلام الغرب الأميركي مستعينا ببدو وقفوا للمرة الأولى أمام الكاميرا. ويقول ابو نوار: "استعنا بأهل المنطقة وأقمنا لهم ورشاتدريب على التمثيل لمدة ثمانية أشهر في بيئتهم الطبيعية. أردنا ان يظهر الفيلم طبيعياً". ويضيف: "لطالما أردت ان انجز فيلماً عربياً يمتزج مع أفلام الغرب الأميركي". ومثل في الفيلم جاسر عيد الصويلحيين وحسين الصويلحيين والثلاثيني حسن مطلق، وجميعهم من أصول بدوية من منطقة تصوير الفيلم ولم يسبق لهم التمثيل. أما باسل غندور، كاتب ومنتج الفيلم، فيقول: "أهم ما في الفيلم محاولتنا ان يكون واقعيا ومن البيئة الطبيعية وأن يعكس هذه البيئة". ويضيف: "الفيلم أخذ اسمه وهو اسم الشخصية الرئيسة في الفيلم من عادات البدو وثقافتهم التي تعتبر ان من يحتمل ضراوة الحياة وينجح في تجاوز تجاربها معتمداً على نفسه هو ذيب (ذئب)". وتم تصوير الفيلم في وادي رم (جنوبالأردن) ذي الطبيعة الصحراوية الخلابة، في المنطقة عينها التي صور فيها فيلم "لورانس العرب" لديفيد لين. وتدور أحداث الفيلم إبان مرحلة الحرب العالمية الأولى العام 1916، وثورة العرب ضد السلطنة العثمانية. وأراد أبو نوار (35 عاما) التركيز على هذه الفترة لأنها "من الواضح انها أساسية من التاريخ إذ أثرت في تشكيل الشرق الأوسط الذي نعرفه اليوم بسبب انهيار الامبراطورية العثمانية" التي دامت حوالى 600 عام. واعتبرت الثورة العربية الكبرى التي انطلقت العام 1916 نقطة البداية لفيلمه الذي يتحدث عن البدو وقت تلك الثورة، معتبراً ان "فيها كل مقومات أفلام الغرب من التحولات المفاجئة، والسكك الحديد، والعصابات ومنطقة واسعة لا تنتهي وغير مسيطر عليها". يقول أبو نوار إنه اراد ببساطة "عدم فرض روح أفلام الغرب على البدو، فكرتنا هي أن ندخل عالمهم وثقافتهم ونبقي على أصالة حضارتهم، أردنا ان تظهر القصة حقيقية من ناحية سينمائية ولجهة اسلوب حياتهم". تدور احداث فيلم "ذيب" (الذئب)، الفيلم الأردني اللأول الذي يترشح للأوسكار، حول الفتى البدوي ذيب وشقيقه حسين اللذين يتركان قبيلتهما في رحلة محفوفة بالمخاطر يموت خلالها حسين فتدفع الصعوبات بذيب الى تحمل مسؤوليات كبيرة في سن مبكرة. وقضى أبو نوار عاماً كاملاً في الصحراء الأردنية لانجاز الفيلم، حيث أقام بين القبائل المحلية ودرب ابناءها ليمثلوا في هذا العمل. ويقوم بدور البطولة الطفل البدوي جاسر الصويلحيين (15 عاما) من قبيلة الحويطات في وادي رم والتي شاركت فعليا في الثورة العربية الكبرى قبل عقود. ويستذكر أبو نوار قائلاً: "جاء جاسر برفقة والده وفورا بعد وقوفه أمام الكاميرا عرفت ان هذا هو النجم الذي احتاجه". وخلال العام 2014 حصل فيلم "ذيب" على جائزة التصوير الأفضل في "مهرجان القاهرة السينمائي"، وجائزة المخرج الأفضل ضمن قسم "آفاق جديدة" في "مهرجان البندقية"، إضافة لجائزة الفيلم العربي الأفضل في "مهرجان أبوظبي". ولد أبو نوار في اكسفوردببريطانيا العام 1981، وعاش هناك حتى عادت عائلته إلى الأردن وهو في سن العاشرة، لكنه عاد لاحقا إلى بريطانيا لمتابعة دراساته العليا في "كينغز كولدج". وعاد أبو نوار إلى عمان العام 2004 ، إذ استقر مع عائلته وكانت تجربته الأولى في صناعة الأفلام عند اختياره ضمن الفريق الأول لورشة عمل "راوي" للكتابة السينمائية التابعة لمنظمة "سندانس" في الأردن. في البداية، قضى أبو نوار خمس سنوات في العمل على نص بعنوان "شاكوش" لكنه لم ينجح في نقله إلى الشاشة الكبيرة. كذلك كتب وأخرج فيلم "موت ملاكم" العام 2009. و"ذيب" هو الفيلم الروائي الطويل الأول له. وعند اختيار "ذيب" ليترشح للأوسكار العام 2016 فوجئ أبو نوار الذي اعتبر انه يعيش "لحظة تاريخية" له وللأردن.