يحلم السويسري جوزف بلاتر أن تبيّض صفحته يوماً، وهو متأكّد من ذلك، وأن يعود إلى «بيته» مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» في زيوريخ، لتكرّمه الجمعية العمومية بوقوف أعضائها له تصفيقاً. لكن بين الحلم والحقيقة القائمة، أن «منزل فيفا» يشهد اليوم «انتخابات مستعرة» ستجرى في قاعة «هالن شتاديون» العملاقة للاحتفالات، على خلافة الرئيس «المستقيل - الموقوف» بلاتر، هي انتخابات تنقية الصفحة من «زلزال الفساد» الذي طاول في الشهور الأخيرة الاتحاد الدولي وأدى إلى توقيف 39 شخصاً. مشهد عالمي يأمل عشاق كرة القدم في أن يعيد إلى المنظمة التي تدير شؤونها شفافية، على غرار مظهر مقرها الزجاجي الضخم. وعلى عكس الأجواء الباردة التي تخيّم على زيوريخ وجوارها، تبدو أجواء عائلة كرة القدم وأركانها صاخبة، وحرارتها مرتفعة، فاليوم يتقرر، إذا لم تحدث مفاجآت في اللحظات الأخيرة وهذا ما يخشاه كثر، من سيقود «فيفا» في المرحلة المقبلة ويشرف على ورشة إصلاحاتها، والتي ستصوّت الجمعية العمومية على بنودها التسعة، وهدفها بالدرجة الأولى ترك الشأن الفني – التنافسي يسير بدقة الساعة السويسرية، وجعل الشأن الإداري - المالي- التسويقي يماشيه بمنطق ووضوح. 207 اتحادات من أصل 209 منضوية إلى «فيفا» سيصوّت ممثلوها اليوم (اتحاد الكويت وإندونيسيا موقوفان)، والمنافسة الأبرز محتدمة بين رئيس الاتحاد الآسيوي البحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة «الذي لا يتسرّع بقراراته»، والأمين العام للاتحاد الأوروبي السويسري جياني إنفانتينو، الذي تنطّح للدور بعد توقيف رئيسه النجم الفرنسي السابق ميشال بلاتيني. وتبدو مؤشرات المنافسة بين الطرفين «كرّاً وفرّاً»، وقد ينتهي بفوز أحدهما بفارق ضئيل، في ضوء احتساب أصوات دقيق يقوم به معسكراهما تباعاً، وباعتبار أن بيانات الدعم بالجملة من القارتين الأفريقية والآسيوية «ليست مضمونة»، ولن تصب كاملها لمصلحة الشيخ سلمان، كما عمل معسكره لحصدها. لذا، فإن الترقّب والانتظار سينتقلان إلى الجولة الثانية من التصويت اليوم، كما يرجّح، حيث يفوز من ينال الغالبية (النصف زائداً واحداً) وليس الثلثين كما في الجولة الأولى (138 صوتاً). وهي جولة تشهد تجييراً لأصوات وتحرراً من التزامات مبدئية. في المقابل، يظهر الأمير الأردني علي بن الحسين تصميماً على متابعة الترشّح، ويصر على حظوظه، مؤكّداً تفاؤله و «حالة السكينة التي يعيشها»، مُطمئناً إلى أن الرئيس سيكون آسيوياً هذه المرة، جازماً بأنه لن يكون الرقم 3 في هذا النزال. وكان الأمير علي نافس بلاتر في انتخابات أيار (مايو) الماضي و «حاشره»، علماً أن ترجيحات اليوم لا تصب في مصلحته، ولم يتوقّع أشدّ المتفائلين أن يحرز أكثر من 30 صوتاً. وعملية الاقتراع المتوقّعة بعد ظهر اليوم، كونها البند ال11 أو ال12 على جدول أعمال الجمعية العمومية التي ستجتمع بدءاً من التاسعة صباحاً (الثامنة بالتوقيت العالمي)، قد تتأخر حتى ساعات الليل. والمرشحّون، بمن فيهم الفرنسي جيروم شامبانيي والجنوب أفريقي طوكيو سيكسويل، كل منهم لأسبابه لم يناموا أمس، سعياً إلى تحصين مواقعهم، فقد طرحت علامات استفهام عن سبب إلغاء اجتماع الاتحاد الآسيوي، والاستعاضة عنه باجتماع للمكتب التنفيذي وغداء للأعضاء، وإعلان بيانات تأييد للشيخ سلمان، الذي أعلن أنه لن يرهن «فيفا» لأي مصلحة شخصية. علماً أن رئيس الاتحاد الليبيري موسى بيليتي، الذي رفض ترشيحه سابقاً، أكد أن أصوات القارة السمراء (54 صوتاً) لن تصب كاملة في مصلحة المرشّح البحريني، على خلاف بيان الدعم الذي صدر في 5 الجاري، وأن اتحاد الكونكاكاف (35 صوتاً)، سيحذو حذوه، ما خلط الأوراق مجدداً بعد ظهر أمس، وزاد من منسوب التوتر. هكذا يصبح الاتحادان القاريان بيضة القبان في عملية التصويت. وما «روّجت» له مصادرهما يمكن أن يستغله الأمير علي، كما إنفانتينو، الذي جدد تأكيده الثقة بما حققته حملته، والتي تضمّنت زيارته 70 اتحاداً ولقاءه 150 رئيس اتحاد، ختمها بجزيرة روبن آيلاند في جنوب أفريقيا، حيث سجن الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، وكان سكسويل رفيقه لسنوات، وقد يكون رفيقاً لإنفانتينو في منصب الأمين العام ل «فيفا».