شغلت قضية التطبيع مع إسرائيل المصريين من جديد بعد استقبال النائب المثير للجدل توفيق عكاشة السفير الإسرائيلي في القاهرة حاييم كورين في منزله، ما أثار انتقادات وتعليقات يُتوقع أن تتواصل من دون حسم مسألة التطبيع التي ظلت مثاراً للجدل منذ توقيع معاهدة السلام بين البلدين في العام 1979. وبعد مواقف عدة لعكاشة أثارت الجدل، سواء في قناته التلفزيونية «الفراعين» أو من موقعه نائباً، فاجأ الأوساط السياسية مساء أول من أمس بلقاء مع السفير الإسرائيلي ووفد من أعضاء السفارة في منزله في محافظة الدقهلية، استضافهم بعده على مأدبة عشاء. ورغم مرور عقود على اتفاق السلام، يظل تطبيع العلاقات بين البلدين في إطاره الرسمي فقط، حتى أن العلاقات بين القاهرة وتل أبيب غالباً ما تُدار خلف الكواليس، عبر الاستخبارات، وتبقى على المستوى الشعبي عند حدها الأدنى، إذ ترفض غالبية المؤسسات الشعبية والنقابات المهنية «التطبيع مع الكيان الصهيوني» وتفرض عقوبات على أعضائها المخالفين. غير أن عكاشة الذي اعتاد إثارة الجدل بتعليقاته وأسلوبه في مخاطبة جمهوره عبر فضائية خاصة يملكها، حافظ على «الضبابية» التي ميزته في تبرير استقباله السفير الإسرائيلي، فتحدث عن رغبة في مناقشة كتاب عن إسرائيل ومشروع «سد النهضة» الإثيوبي، رافضاً الانتقادات الموجهة إليه ومذكراً باتفاق السلام. اللافت أن اللقاء أتى في ذروة تناقضات عكاشة، فالرجل الذي حُسب دوماً على نظام الرئيس السابق حسني مبارك ثم عُرف بعلاقاته الوثيقة ببعض قيادات المجلس العسكري الحاكم بعد الثورة، التي اتخذ منها مواقف معادية وصولاً إلى دعمه النظام الحالي، دعا قبل أيام إلى انتخابات رئاسية مبكرة وحل البرلمان «لإنقاذ البلاد». وأثار لقاء عكاشة السفير الإسرائيلي استنكار زملائه في البرلمان، فنال انتقادات وصلت حد المطالبة بإسقاط عضويته من البرلمان جزاء لفعلته. وأتى تطبيع النائب وسط استنفار من نقابة الصحافيين للدفاع عن نفسها، بعد أن نشر الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي صورة مع شخص يُدعى رامي عزيز قال إنه صحافي التقاه ضمن وفد من الصحافيين المصريين، لتنفي النقابة أن يكون عزيز الذي يكتب مقالات في موقع «هافنغتون بوست» ضمن المُقيدين في كشوفها، متوعدة أي صحافي يُخالف قرار مقاطعة إسرائيل بالعقاب. ولم يقف جدل التطبيع عند حدود السياسة والإعلام، بل تخطاه إلى الرياضة بعدما انشغلت الأوساط الكروية بما نشرته جريدة خاصة عن «تطبيع نادي الزمالك رياضياً» مع إسرائيل. وقالت إن النادي اشترى لاعباً سبق أن احترف في نادٍ إسرائيلي، وكان وسيط الصفقة وكيل لاعبين مُعتمد في الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم ، ما أثار عاصفة من الهجوم ضد تلك الخطوة، رد عليها أعضاء في مجلس إدارة الزمالك بأن المدير الفني الجديد للنادي الأهلي «يهودي». وتزامنت هذه الضجة مع إعلان إسرائيل أمس أن سفيراً مصرياً جديداً سلم أوراق اعتماده إلى الرئيس ريئوفين ريفلين، للمرة الأولى منذ استدعاء السفير السابق قبل أكثر من ثلاثة أعوام. ورشحت القاهرة حازم خيرت لتولي منصب سفيرها لدى إسرائيل في حزيران (يونيو) الماضي، لكنه لم يعتمد رسمياً إلا أمس. ونقلت وكالة «رويترز» عن محللين، أن تعيين سفير مصري جديد «مؤشر على تحسن العلاقات بين البلدين». وكان الرئيس المصري السابق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين» عيّن سفيراً لبلاده في إسرائيل للمرة الأولى منذ الثورة بعد توليه السلطة بشهور، لكنه استدعى هذا السفير في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012 بعد الهجوم الإسرائيلي على غزة. وقال ناطق باسم الرئيس الإسرائيلي في بيان نشره موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية إن ريفلين استقبل خيرت أمس في مقر إقامته وتسلم أوراق اعتماده في حفل رسمي. ونقل البيان عن ريفلين قوله: «أرحب هنا في مقر الرئيس بسفراء من أنحاء العالم. لكن الأمر يتسم بخصوصية بالغة حين أرحب بسفراء من جيراننا المقربين والمهمين. مصر هي أم الدنيا، وخصوصاً في منطقتنا تلعب مصر دوراً بالغ الأهمية». وأضاف أن «اتفاقية السلام المبرمة بين بلدينا اتفاقية دولية وهي أولوية قصوى لكل منا. ربما لا نتفق على كل شيء، لكننا نحترم بعضنا بعضاً، ولهذا السبب سنصنع مستقبلاً مشتركاً». ونقل البيان عن خيرت قوله خلال الاحتفال: «يجب أن نتحلى بالمسؤولية لمصلحة من يعيشون في المنطقة ولتحقيق الرخاء والعدل والأمل والمساواة». وسبق أن شغل خيرت (57 عاماً) منصبي مساعد وزير الخارجية لشؤون السلكين الديبلوماسي والقنصلي ومندوب مصر الدائم لدى الجامعة العربية، كما كان سفيراً لمصر في تشيلي ودمشق.