وجهت نقابة الصحافيين المصريين انذاراً الى رئيسة تحرير مجلة «الديمقراطية» هالة مصطفى، لاستقبالها السفير الإسرائيلي في مكتبها، ومنعت الصحافي حسين سراج نائب رئيس تحرير مجلة «أكتوبر»، من الكتابة الصحافية لمدة ثلاثة أشهر، لحضوره حفلة للسفارة الإسرائيلية ولقاء بعض رجال الأعمال الإسرائيليين، والذي تعتبره النقابة مخالفة لقرار الجمعية العمومية للصحافيين، رفض التطبيع. لم يتغير رفض المصريين للتطبيع على رغم مضي اكثر من 30 سنة على اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، وتنامي العلاقات على المستويين الديبلوماسي والاقتصادي، لكن مصر الشعبية والثقافية لم تعترف بهذا الاتفاق، وخلال العقود الثلاثة الماضية تصدت النقابات المهنية المصرية لقضية التطبيع في شكل صارم، ونجحت في ابقاء السفير الإسرائيلي في القاهرة رهن «الإقامة الجبرية في منزله»، وفي عزلة تامة عن المجتمع المصري. بعضهم يرى في مشهد التطبيع المصري حالاً من التناقض، وربما الخلاف العميق بين مصر الرسمية ومصر الشعبية، لكن الواقع يشير الى ان هذا التناقض يشهد تضخيماً، بل ان هناك من يرى انه غير موجود، ويعتقد بعضهم بأن مصر الرسمية ترفض التطبيع على طريقتها، وإن في شكل غير مباشر، وتتعامل مع الموقف الشعبي منه على طريقة لم نأمر به ولم يسؤنا، ولا تتدخل لتغييره، وتستعذب دور المتفرج على ما يجرى، فضلاً عن ان الرئيس حسني مبارك ما زال يرفض زيارة إسرائيل على رغم تكرار الدعوات. وهذا الرفض يصعب تفسيره من زاوية المواقف السياسية، والخلاف على عملية السلام مع الفلسطينيين، وتدرك الدولة العبرية ان هذا الرفض له أبعاد شعبية وثقافية. المفارقة هنا ان اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل تحظى بإجماع شعبي في مصر، جميع المصريين مع السلام، ولكنّ هناك في المقابل رفضاً مطلقاً لمسألة التطبيع، كأن مصر تنظر الى العلاقة مع اسرائيل باعتبارها حالاً من الابتلاء، وإن شئت فإن مصر وبقية العرب يتعاملون مع اسرائيل على قاعدة «حكم القوي على الضعيف»، لكن أحداً لا يقبلها مختاراًً، ومن المشكوك فيه ان تتغير هذه النظرة قبل تعاقُب أجيال. والأكيد ان هذا الرفض النفسي لن يتأثر بحركة مشروع السلام. اسرائيل ستبقى جاراً فُرضت علينا جيرته.