لم تكد الشاشة الكبيرة تستمتع بنشوة انتصارات افلام الأبعاد الثلاثة - خصوصاً مع فيلم «أفاتار» الذي حقق نجاحات كبيرة في شباك التذاكر - حتى دخلت الشاشة الصغيرة على الخط لتسرق الأضواء من خلال الحدث الرياضي الأبرز: كأس العالم في كرة القدم... فكان الاتفاق بين «سوني» وال «فيفا» على تصوير ما مجموعه 25 مباراة باستخدام هذه التقنية، ستبث على شاشات عملاقة تنصب في ريو دي جانيرو وبرلين ولندن وباريس وروما وسيدني ونيومكسيكو. وطبعاً لن يغيب العالم العربي عن هذا الحدث الرياضي - التلفزيوني. ذلك ان قناة «الجزيرة الرياضية» الناقل الحصري لهذه الكأس اعلنت نقل عدد من المباريات وفق هذه التقنية. لكنّ السبق الذي حققته «الجزيرة الرياضية» في هذا الشأن لم يكتمل لتكون اول قناة عربية تنقل مباراة لكرة القدم بتقنية ال «3 دي». سبقتها الى هذا اللقب قناة «الدوري والكأس» القطرية التي أعلنت نقل المباراة النهائية ل «كأس أمير قطر لكرة القدم لعام 2010» بالأبعاد الثلاثة اليوم... ولا شك في ان من حق هذه القناة ان تفتخر بهذا السبق التلفزيوني، ولكن ليس الى درجة اعتبار الخطوة أنها «الأولى على مستوى القنوات الفضائية في العالم». ذلك ان باقة القنوات الفضائية البريطانية «بي سكاي بي» أطلقت الشهر الماضي قناة تلفزيونية خاصة بالأبعاد الثلاثة تحت اسم «سكاي 3 دي»، وبثت خلالها عدداً من مباريات كرة القدم. كما ان البداية كانت مع المباراة التي بثتها قناة «سكاي سبورتس» بين آرسنال ومانشستر يونايتد ضمن المرحلة الرابعة والعشرين من الدوري الإنكليزي قبل اشهر، والتي شكّل نجاحها فاتحة لهذه الظاهرة. وبصرف النظر عن صاحب السبق، الأكيد ان هذه التقنية ستدغدغ خيال كثر من القائمين على صناعة التلفزيون لاستثمارها في مجالات اخرى، حتى وإن كان الوقت لا يزال مبكراً لذلك. صحيح، قلة فقط من المشاهدين تقتني أجهزة تلفزيونية بتقنية الأبعاد الثلاثة... كما ان كلفة شراء تلفزيون كهذا لا تزال باهظة نظراً لحداثة التجربة... لكنّ شركات صناعة اجهزة التلفزيون لن يفوتها استثمار هذه الظاهرة للتسويق لمنتجاتها... وقد تساهم المنافسة بين هذه الشركات في تقديم خدمات أفضل للعملاء... وحتى ذلك الوقت لن تكون الشاشة الصغيرة بمنأى عن اختها الكبيرة. والمثال الاسطع تعاقد «الجزيرة الرياضية» مع نحو 27 قاعة سينمائية مزودة بتقنية الأبعاد الثلاثة لنقل المباريات عن القناة القطرية، وبالتالي تمكين المشاهدين العرب - وغالبيتهم لم تصل بعد الى بيوتها - من الوقوف عند هذه التجربة، والشعور بالوجود داخل المباراة. أياً يكن الأمر، إذا كان خبراء في التكنولوجيا يتوقعون ان تتغير عادات كثيرة مع غزو الأبعاد الثلاثة عالم التلفزيون والانترنت، إلا ان عدداً منهم لا تفوته ملاحظة ان تطوير هذه الشاشات إنما اتى بعد خسائر سجلها قطاع انتاج اجهزة التلفزيون في السنوات الأخيرة. فهل نحن اليوم امام ثورة تقنية ام ضجة تجارية؟