استبقت الحكومة السورية التقرير الذي ينتظر أن يقدمه المبعوث الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا إلى مجلس الأمن الخميس، بتحميله مسؤولية «نواقص عدة» أدت إلى تعطيل جولة المحادثات في جنيف في كانون الثاني (يناير) الماضي ومنها «عدم تمكنه من تشكيل وفد يمثل كافة أطياف المعارضة». وتوقع ديبلوماسيون في نيويورك أن يطلع دي ميستورا مجلس الأمن في إحاطة عبر الفيديو الخميس من جنيف، على حصيلة الاتفاق الروسي الأميركي لوقف الأعمال العسكرية، والخطوات التالية في ضوئه، «لا سيما لجهة إعادة إطلاق المحادثات السياسية، ربما خلال أسبوع». ومن المنتظر أن يدعم مجلس الأمن في موقف موحد الاتفاق الروسي - الأميركي لوقف الأعمال العسكرية «من خلال بيان سيصدر بإجماع أعضائه»، إذ لا حاجة لصدور قرار جديد طالما أن القرار 2254 حدد أطاراً لوقف لإطلاق النار، وفق مصادر المجلس. وتوقع ديبلوماسيون أن يدعو دي ميستورا إلى استئناف المحادثات السياسية في جنيف الأسبوع المقبل. وقال السفير السوري في الأممالمتحدة بشار الجعفري في رسالة إلى مجلس الأمن إن دي ميستورا «عمد إلى تعليق المحادثات، بدلاً من الإنصاف والحيادية، للتغطية على تعنت» وفد المعارضة الذي شكّلته «الهيئة العليا للمفاوضات» المنبثقة من اجتماع المعارضين في الرياض نهاية العام الماضي. واتهم الجعفري الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإخفاء «هذه الحقائق» في تقريره الأخير الذي صدر حول تطبيق قرار مجلس الأمن 2254. وقال الجعفري إن وقف الأعمال العسكرية «يجب بحثه بعد تحديد الجماعات الإرهابية المستثناة منه، ويتم بالاتفاق على ترتيباته وإجراءاته من خلال تقيد المعنيين بالحوار للاتفاق على تفاصيله». كما قال إن إجراءات بناء الثقة يجب أن تتم بناء على «المحادثات بين الأطراف» المعنيين، داعياً دي ميستورا إلى «العمل لدى الجهات الداعمة للجماعات الإرهابية لوقف دعمها لها والكف عن التدخل لصالح هذه الجماعات التي تهدد الأمن والسلم في سورية والعالم» واتخاذ الإجراءات «للضغط على الدول الداعمة للإرهاب». كما طالب الجعفري مجلس الأمن ودي ميستورا «بالضغط على النظام التركي لوقف انتهاكات جيشه للأراضي السورية ووقف عدوانه على سورية». واتهم الأمين العام للأمم المتحدة بالانحياز، من خلال تحميلها الحكومة السورية عرقلة وصول المساعدات الإنسانية. وقال إن الحكومة السورية «تبذل جهدها لإيصال المساعدات إلى مواطنيها أينما تواجدوا في شكل دوري». وقال إن بان «أغفل ذكر الاعتداءات التي ترتكبها الجماعات الإرهابية ضد المدنيين وقوافل المساعدات الإنسانية والهلال الأحمر السوري»، إضافة إلى «إغفاله غارات التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة على المنشآت النفطية والغازية والبنى التحتية الأخرى». واتهم هذا التحالف بأنه تسبب بمقتل «الكثير من المدنيين وإصابة الآلاف بجروح مختلفة». ودعا الأمين العام للأمم المتحدة إلى «الضغط على الدول التي فرضت الإجراءات القسرية الأحادية على الشعب السوري بهدف رفعها فوراً» في إشارة إلى العقوبات الأميركية والأوروبية. وفي مجال متصل، طالبت لجنة تقصي الحقائق في انتهاكات حقوق الإنسان في سورية الجمعية العامة للأمم المتحدة بتولي زمام القيادة للتوصل إلى إجراء المحاسبة على الجرائم المرتكبة في سورية، في اجتماع موسع بمشاركة عشرات الدول. وقال رئيس اللجنة، المشكلة بقرار من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، باولو بينيرو إن «التورط العسكري المكثف للأطراف الخارجيين في سورية مع ما يحمله من تبعات كارثية على المدنيين ومكونات الشعب السوري، ومع تكثيف الغارات الجوية، ترك المدنيين من دون أمكنة آمنة يلجأون إليها وأصبحوا مكشوفين أمام العنف أكثر من أي وقت مضى». وأضاف في تقرير قدمه إلى الجمعية العامة مساء الاثنين إن الحكومة السورية مسؤولة عن استهداف المدنيين والأهداف المدنية «ما أدى إلى مقتل المئات منهم، وتدمير مستشفيات ومدارس وبنية تحتية مدنية» خصوصاً في شمال سورية في الأسابيع الأخيرة. وأكد بينيرو أن لدى لجنة تقصي الحقائق «وثائق ومعلومات عن خسائر بالأرواح بسبب غارات جوية نفذتها القوات الحكومية خصوصاً في حلب وإدلب». وعن مسؤولية روسيا عن مثل هذه الهجمات قال بينيرو إن لجنة التقصي «ليست لديها قدرة الوصول إلى سورية أو إلى المعلومات العسكرية لتحديد من يشن الغارات، لكنها متيقنة من أن غارات جوية تستهدف المدنيين، وهو ما تستطيع تنفيذه الحكومة السورية وحلفاؤها، لا المعارضة». وقال بينيرو في مؤتمر صحافي الاثنين إن حدة الهجمات ضد المدنيين والأهداف المدنية في سورية «تصاعدت في شكل مكثف في الأشهر الأخيرة، خصوصاً في حلب وإدلب» مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «عدد الأطراف الخارجيين في النزاع ارتفع أيضاً» من دون أن يحدد أسماء دول بعينها. وقال إن الأطراف الآخرين المناوئين للحكومة السورية «من مجموعات مسلحة ومنظمات إرهابية» يرتكبون انتهاكات جسيمة بحق المدنيين. وأشار إلى أن المجموعات المعارضة «تشن هجمات عشوائية على مناطق آهلة». وهاجم السفير السوري في الأممالمتحدة بشار الجعفري اللجنة واتهمها بالانحياز ضد الحكومة السورية وعدم الصدقية. وقال في الاجتماع إن أساس المشكلة الإنسانية في سورية هو الإرهاب والعقوبات الاقتصادية الأميركية. ودعا إلى تشكيل «لجان تحقيق دولية للتحقيق» في دعم دول إقليمية للإرهاب. ورد السفير السعودي عبدالله المعلمي على الجعفري متسائلاً: «كيف تحمي الحكومة السورية المدنيين من خلال قصفهم بالبراميل المتفجرة في حلب أو بالأسلحة الكيماوية في غوطة دمشق، أم بدفع الملايين إلى خارج البلاد ليصبحوا لاجئين في أنحاء المعمورة». وقال المعلمي إن تقرير لجنة تقصي الحقائق يوضح أن «المسؤولية الأولى عن الجرائم تقع على الحكومة السورية والقوى المتحالفة معها من الميليشيات الأجنبية والقوات الرسمية لبعض الدول». وأكد تأييد المملكة العربية السعودية إحالة الجرائم المرتكبة في سورية على المحكمة الجنائية الدولية. وقال إن الحكومة السورية «تسعى إلى صرف الأنظار عن مسؤوليتها عما يجري في سورية، وإلى تخريب كل محاولات المفاوضات» السياسية. وأشار إلى أن قرار مجلس الأمن 2254 نص على «وقف القصف وإنهاء الحصار وإيصال المساعدات الإنسانية تمهيداً للقاء والتباحث في جنيف ومع ذلك لم تلتزم الحكومة السورية بذلك». وأضاف: «نسمع اليوم عن محاولات لوقف النار في مواقع متعددة» مع «استمرار القصف في حلب وإدلب وغيرها من المواقع، آن الأوان لإيضاح الحقائق بأن الحكومة السورية تسعى إلى تخريب الحل السلمي». وقال إن «محاولات النظام السوري الرامية إلى دمغ ملايين المواطنين السوريين بأنهم إرهابيون محاولة فاشلة تهدف إلى إخفاء عجز النظام عن تأمين الحياة الكريمة لشعبه وتطلعاته». وقال نائب السفير الروسي يفغيني زاغاينوف إن على لجنة تقصي الحقائق أن «تكون متوازنة في مقاربة الأزمة سورية وألا تستخدم معلومات غير معروفة المصدر وهو ما نراه اليوم في تقريرها»، مشدداً على ضرورة دعم الجهود للتوصل إلى توافق سياسي. وأكدت تركيا في الاجتماع دعمها الكامل لعمل لجنة تقصي الحقائق مشددة على ضرورة إجراء المحاسبة على الجرائم المرتكبة في سورية. واتهم «النظام السوري وحلفاءه» بشن الغارات والهجمات على الأهداف المدنية وبينها المستشفيات، «على غرار ما شهدته حلب أخيراً، مع محاولات لتغيير التركيبة السكانية في شمال البلاد، وهو ما يرقى إلى مستوى جريمة حرب». ودعت إيران إلى «ترك مسألة تحديد من يحكم السوريين للشعب السوري نفسه». وقال مندوبها إنه «ما من معارضة معتدلة في سورية، وما الهجمات على المدنيين في حمص ودمشق أخيراً سوى رسالة إلى الجميع بأن هذه التنظيمات وخصوصاً داعش لا تميز بين حدود وأخرى». واعتبر أن «على الدول أن تمتنع عن ممارسات انتهاك حقوق الإنسان لتنفيذ سياساتها القصيرة النظر في سورية». وفي ملف الأسلحة الكيماوية، أبلغت رئيسة لجنة التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية فرجينيا غامبا مجلس الأمن إن اللجنة ستبدأ في آذار (مارس) التحقيق في سبع «حالات استخدمت فيها الغازات السامة في هجمات عسكرية في سورية». وعددت غامبا في مؤتمر صحافي لائحة هذه الحالات وهي كفرزيتا في حماة، وتلمنيس وقمينس وسرمين وبنش والتمانعة في إدلب، ومارع في حلب.