أحيا الأوكرانيون أمس ذكرى القمع الدموي في ساحة ميدان قبل عامين، معقل المتظاهرين المؤيّدين لأوروبا، بين مشاعر الفخر بتغيير سير التاريخ والمرارة لبطء تطبيق التغييرات التي ناضلوا من أجلها. ونظمت مسيرة على الجادة التي قتل فيها معظم الضحايا المئة الذين سقطوا في أعمال القمع. وأضيئت «مصابيح الكرامة» في المواقع التي سقط فيها المتظاهرون. وأقيمت صلاة من أجل أوكرانيا وتجمّعات ضمّت جنوداً قاتلوا في شرق البلاد الإنفصالي الموالي لروسيا، ومتطوعين وناشطين. وشهد العامان اللذان أعقبا أعمال العنف هذه في كييف، تطورات مأسوية بالنسبة إلى الأوكرانيين. فبعد سقوط النظام الموالي لروسيا للرئيس فيكتور يانوكوفيتش في شباط (فبراير) 2014، أعلنت موسكو بعد شهر ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية. ثم اندلع نزاع مسلّح في شرق البلاد، أسفر عن سقوط أكثر من 9 آلاف قتيل. ويلاحق القضاء الأوكراني أكثر من 250 مسؤولاً مفترضاً عن أعمال القتل، لكنه لم يصدر أي عقوبة كبيرة حتى الآن. وتراجع مستوى معيشة معظم الأوكرانيين إلى حدّ كبير على خلفية تراجع سعر العملة المحلية والتضخّم. ويبدو أن البلاد غرقت في خلافات سياسية بين مسؤولين موالين للغرب وفضائح الفساد التي تذكّر بممارسات النظام قبل أحداث ميدان. لكن الذين شاركوا في حركة الاحتجاج في ساحة ميدان التي دامت ثلاثة أشهر، أعربوا عن ارتياحهم لتغيّر العقليات جراء هذه الثورة حتى وإن خابت آمالهم بالسلطات القائمة. وهم ينتقدون خصوصاً السلطات لفشلها التام في مكافحة الفساد، أحد المطالب الرئيسة لتحرّك ميدان. وحذّر أحدهم الرئيس بترو بوروشنكو، أحد اغنى الرجال في البلاد الذي زادت ثروته منذ وصوله إلى السلطة على رغم الأزمة والحرب التي وعد بوقفها خلال ثلاثة أشهر، جازماً أن «التغيرات بعد تحرّك ميدان كانت إيجابية على الصعيد المعنوي. لم يعد الأفراد يخافون من النظام. إذا نجحنا في إطاحة أسرة يانوكوفيتش والمجموعة السياسية - المالية النافذة للرئيس السابق، سننجح في إطاحة أي نظام إذا أقتضى الأمر». وزاد: «لم يتغيّر المسؤولون في السلطة. لم يفِ الرئيس بوعود كثيرة قطعها». ويرى المحامي رومان ماسيلكو الذي دافع عن الناشطين الموقوفين خلال حركة الاحتجاج، أن الإفلات من العقاب يضر بالنظام. وقال: «قفص الإتهام صغير جداً بعد عامين على وقوع المجزرة يلاحق منفذون بسيطون». وأوضح «يتم تقويض التحقيق عمداً (...) وتتحمّل السلطات السياسية مسؤولية ذلك»، سيما وأن من أصل 330 قاضياً متهمين بإصدار أحكام ظالمة بحق ناشطين من ساحة ميدان، «أقيل 10 فقط، ويتعرّض 20 لملاحقات جنائية. لكن 90 في المئة منهم لا يزالون يشعلون مراكزهم». إلا أن ماسيلكو لا يزال متفائلاً، ويقول: «بعد ميدان يعرف المجتمع الأوكراني أنه من الممكن فتح كل الأبواب». وتثور المتقاعدة كاترينا شيفتشينكو (63 سنة) ضد القادة الحاليين «الذين استغلوا المتظاهرين، ولا يزالون في السلطة يسرقون».