أكد نائب رئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي اللبناني رالف رياشي أن اعتماد المحكمة «لنظام المحاكمة الغيابية هو بالطبع خروج عن مسار المحاكم الدولية الأخرى إلا أن اعتماد مزيج بين القواعد الأساسية المعتمدة في النظام الإنكلوساكسوني وقواعد نظام القانون المدني، لم يحل دون تطويرها لكي تبقى متوافقة مع أسس المحاكمة العادلة والقواعد العامة حرصاً على تأمين الشفافية وحقوق الدفاع والمساواة بين المتقاضين». وكان رياشي يحاضر أمس، عن «المحاكمة الغيابية بين القضاء اللبناني والمحكمة الخاصة بلبنان تحدّ أم تطور؟» في إطار ندوة في كلية العلوم الإنسانية في «الجامعة اليسوعية»، شارك فيها رئيس المحكمة القاضي أنطونيو كاسيزي، ورياشي، وقاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين الذين وصلوا الى لبنان ويمضون فيه أياماً لهذه الغاية. ولفت رياشي الى «أن المناقشات كانت مستفيضة خلال المفاوضات في شأن إدخال أو عدم إدخال المحاكمة الغيابية في نظام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، الى أن استقر الرأي بعد تبادل الحجج والحجج المضادة الى إدخالها ولكن مع ضمانات حددها هذا النظام الأساسي حرصاً على مبادئ المحاكمة العادلة». وقال: «اعتماد المحكمة نظام المحاكمة الغيابية مبرر بسببين: فموضوع المحكمة الخاصة بلبنان هو جريمة الإرهاب وليس جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب كما هي الحال في المحاكم الدولية الأخرى، كما أن المادة 28 من النظام الأساسي للمحكمة الخاصة بلبنان أوجبت على هيئتها العامة عند وضع قواعد الإجراءات والإثبات، أن تسترشد ليس فقط بالمعايير الدولية بل أيضاً بقانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني». وتحدث رياشي عن الحالات التي تتم فيها محاكمة المتهم غيابياً في القانون اللبناني وفي المحكمة الخاصة، «فالقانون اللبناني يلحظ حالة وحيدة لمحاكمة المتهم غيابياً وهي عند تمنعه عن تسليم نفسه على رغم تبلغه قرار المهل الصادر بحقه. أما بالنسبة للمحكمة الخاصة بلبنان، فإن المادة 22 من نظامها الأساسي تحدد الحالات التي تصح فيها المحاكمة الغيابية، وهي ثلاث: عندما يعبّر المتهم صراحة وخطياً بأنه يتنازل عن حقه في حضور الإجراءات أمام المحاكمة (حالة إرادية للمتهم)، إذا امتنعت الدولة المعنية بتسليم المتهم عن تسليمه خلال مهلة معقولة (حالة غير إرادية)، وإذا توارى المتهم عن الأنظار وتعذر العثور عليه بطريقة أخرى بعد اتخاذ كل الخطوات المعقولة لإبلاغه قرار الاتهام المصدق من قاضي الإجراءات التمهيدية وضمان مثوله أمام المحكمة». وقال: «في القانون اللبناني، إذا سلم المتهم الفار نفسه أو قبض عليه سواء أثناء المحاكمة الغيابية أم بعد صدور الحكم الغيابي تسقط المحكمة كل المعاملات التي أجرتها في إطار المحاكمة الغيابية من تاريخ وضع يدها على الدعوى. أما بالنسبة للمحكمة الخاصة بلبنان فإن قواعد الإجراءات لديها تفرق بين حالة بدء المحاكمة الغيابية ومن ثم مثول المتهم أثناء الإجراءات وحالة مثول المتهم بعد انتهاء المحاكمة الغيابية لا سيما بعد إعلان الحكم الغيابي. أما ماذا يحصل لو حضر المتهم بعد استئناف المدعي العام للحكم الغيابي، فان المسألة لم تعد مطروحة أمام القضاء اللبناني بعد صدور قانون أصول المحاكمات الجزائية. أما قواعد الإجراءات والإثبات لدى المحكمة الخاصة بلبنان فتجيز للمدعي العام إمكان استئناف الأحكام الغيابية، فإذا حضر المتهم بعد استئناف الحكم الغيابي من قبل المدعي العام تلغي غرفة الاستئناف الإجراءات الاستئنافية وتعيد الدعوى الى غرفة الدرجة الأولى ما لم يقبل المتهم خطياً ما قضى به حكم هذه الغرفة الأخيرة فتستمر في هذه الحال النظر بالاستئناف وفقاً للأصول الوجاهية طالما أن المتهم مثل أمامها». وعن الإجراءات التي يتم اتباعها في المحكمة الغيابية؟ قال القاضي رياشي: «هناك إصرار على حضور محام مكلف من مكتب الدفاع لتمثيل المتهم الغائب لتمكين هذا المحامي من الدفاع عن المتهم ولو من دون رضاه حرصاً على حق الدفاع، بالتالي لا بد من أن تكون الإجراءات المتبعة في المحاكمة الغيابية هي نفسها المعتمدة في المحاكمة الوجاهية. أما هل يمكن بعد سقوط الحكم الغيابي اعتماد الإجراءات الحاصلة نفسها في مرحلة المحاكمة الغيابية؟ فان في القانون اللبناني سقوط الحكم الغيابي بتسليم المتهم نفسه أو بإلقاء القبض عليه يؤدي الى سقوط جميع المعاملات والإجراءات التي أجرتها المحكمة بالصورة الغيابية من تاريخ وضع يدها على الدعوى. أما في قواعد الإجراءات لدى المحكمة الخاصة فتبقى هذه القاعدة مطبقة ما لم يتنازل المتهم صراحة عن حقه في إجراء محاكمة جديدة، بحيث يبقى الحكم الغيابي في هذه الحالة قائماً ويكون للمتهم الحق باستئنافه وفقاً لما سبق بيانه (المادة 108 ألف) من القواعد». وعن طرق المراجعة ضد الحكم الغيابي، أكد «أن الحكم الغيابي يسقط أيضاً بمجرد مثول المتهم أثناء الإجراءات الغيابية أو بعد صدور الحكم الغيابي وبالتالي فلا حاجة لإعلان سقوطه للجوء الى الاعتراض كوسيلة من وسائل الطعن بالأحكام. أما بالنسبة للاستئناف فإنه يستفاد من بعض قواعد الإجراءات لدى المحكمة الخاصة بلبنان من أن الحكم الغيابي يقبل الاستئناف من قبل المدعي العام الذي قد يتناول استئنافه القرار بالبراءة أو القرار بالإدانة لجهة العقوبة المادة 109 (دال) من القواعد».