بدأت المحكمة الجزائية المتخصصة في الرياض أمس (الأربعاء) أولى جلسات محاكمة ثلاثة أشخاص، شكلوا ما يشبه الخلية أو المنظمة الإرهابية المكتملة، إذ نفذ اثنان منهم قبل نحو تسعة أعوام جريمة اغتيال ضابط في المباحث العامة بمنطقة القصيم، فيما خطط اثنان أيضاً لقتل مدير الطوارئ الخاصة هناك. وقاموا بجمع مبالغ مالية طائلة، ووجد بحوزتهم أسلحة متنوعة الصنع والاستخدام، وتسلم المتهمون الثلاثة لوائح الدعوى من قضاة المحكمة، تمهيداً للرد عليها. وخلال الجلسات أقر المتهم الأول بتعاونه مع المتهم الثاني في تنفيذ جريمة اغتيال «خاله» العقيد ناصر العثمان أثناء وجوده في استراحته الخاصة عام 1428ه، فيما تحفظ الآخر الذي تدرب على ما يعرف في التنظيمات المتطرفة بأسلوب الأمنيات لتضليل المحققين، وبدأ في حال مرتبكة ومشتتة أثناء الجلسة. وحاول أن يتعرف على اسم القاضي الموكل بالقضية، الذي تجاوب معه. فيما بدأ الثالث وهو أكبرهم سناً ملماً بإجراءات التقاضي، من خلال طلبه تسلّم لائحة الدعوى والرد عليها، واكتفى القضاة بتسليمهم لائحة الادعاء للرد عليها أو توكيل محامٍ للترافع عنهم في جلسة مُقبلة. وشهدت الجلسة التي استمرت نحو ساعة واحدة، قيام المدعي العام بعرض التهم الموجهة إلى الأشخاص الثلاثة والتي تجاوزت 45 تهمة مقسمة بينهم، مطالباً بتنفيذ القتل حداً أو تعزيراً للمتهمين الأول والثاني، وتشديد عقوبة التعزير في حق الثالث. وأبدى المتهم الأول ندمه على اغتيال خاله العقيد ناصر العثمان، مقراً بأنه ساعد في تنفيذ الجريمة من خلال تهديده والسيطرة عليه بالسلاح، وتكبيل يديه وقدميه، ومن ثم تصوير عملية القتل. ووجه المدعي العام للمتهم الأول تسع تهم، أبرزها الاشتراك مع المتهم الثاني في جريمة قتل العقيد ناصر العثمان، أثناء وجوده في استراحته الخاصة في منطقة القصيم، وذلك بالسيطرة عليه بتهديد السلاح وتكبيل يديه وقدميه ثم نحره وفصل رأسه عن جسده بناءً على معتقده المتطرف بأن «المجني عليه كافر مرتد بسبب عمله بجهاز أمني (المباحث العامة)، الذي يرى تكفير جميع العاملين فيه، واستباحة دمائهم وأموالهم». واشتملت اللائحة على اتهامه بانتقاده مفتي عام المملكة السابق الشيخ عبدالعزيز ابن باز، وعدم جواز الصلاة خلف أحد أئمة الحرم، إذ إنه صلى خلفه بنية المنفرد، إضافة إلى تمويله الإرهاب بتسلمه نحو 130 ألف ريال من المتهم الثاني على دفعتين، قام بتحويلها من الريال إلى اليورو، ثم أعادها إليه ليسهل حملها وإرسالها مع أي شخص يذهب إلى العراق وتسليمها للتنظيم هناك. وأضاف المدعي العام أن «المتهم ادعى الجنون خلال فترة التحقيق لمدة طويلة، وهو ما أقرّ به المتهم أمام القاضي، معللاً ذلك برغبته في التهرب من تلك القضية، لافتاً إلى أنه قام بتضليل جهة التحقيق وذلك بإخفائه لدوره في إيصال بعض المطلوبين أمنياً إلى منطقة تبوك (شمال البلاد) لتسهيل سفرهم إلى الالتحاق بتنظيم القاعدة هناك». من جهته، أوضح المدعي العام خلال تلاوة لائحة الادعاء في حق المتهم الثاني الذي يرتبط بعلاقة مع زعيم تنظيم القاعدة في العراق أبي مصعب الزرقاوي، ورموز التنظيم، والتقى بهم وقاتل تحت رايتهم، بأنه قام بقتل ضابط المباحث بالاشتراك مع المتهم الأول، كما حاول مع المتهم الثالث التخطيط لاغتيال قائد قوات الطوارئ الخاصة في منطقة القصيم، مبيناً أنه سعى إلى تشكيل خلية إرهابية داخل السعودية، وكان ينسق لسفر الشبان إلى مواطن القتال في العراق. وأشار إلى أنه قام بتجميع الأسلحة وأخفاها في منزله، وتدرّب على الأسلحة والمتفجرات والسموم، كما قام بتقديم الدعم المالي لتنظيم القاعدة، وخطط لتنفيذ عمليات إرهابية داخل المملكة، وقام بجمع الأموال لذلك، مجنداً المتهمين الأول والثالث للهدف ذاته. بعد عودته من العراق التي استغلها لجمع الأموال للتنظيم، حاول العودة إلى هناك مستخدماً جوازاً مزوراً، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، ليعدل وجهته إلى السودان، التي تدرب فيها على الأسلحة كالرشاش والمسدس والأربي جي والبيكا والقنابل اليدوية، وشارك في تدريب عدد من الأشخاص على الأسلحة الرشاشة تمهيداً لسفرهم إلى العراق. وبيّن أنه تم ضبط عدد من الأسلحة منها ستة من نوع «رشاش كلاشنكوف»، وبندقية قناصة بعيدة المدى «دراغنوف» ومسدسين «أبو محالة» وآخر أميركي، وعشرة مخازن ل«رشاشات الكلاشنكوف»، ومخزنين مسدس فارغين، وعدد 4841 طلقة رشاش. وشروعه في صناعة كاتم صوت وحيازته له. والتدرب على كيفية صناعة الأكواع والقنابل اليدوية، والسموم. وأكّد المدعي العام أن المتهم تدرب على علم «الطبوغرافيا»، الذي يهدف في الغالب إلى رسم الظواهر الطبيعية في الأرض، ووجد بحوزته مذكرة لما يسمى «أسلوب الأمنيات»، الذي ينتهجه أفراد التنظيمات المتطرفة لمواجهة التحقيقات الأمنية عند القبض عليهم. إضافة إلى حيازته ورقة تحوي أسماء ورموز وأوصاف لأشخاص مجهزين للقيام بعمليات إرهابية. وحول تمويل العمليات الإرهابية أوضح حيازته مبالغ مالية تصل إلى 271 ألف ريال سعودي، وسبعة آلاف دولار أميركي، وألف درهم إماراتي، وعشر ليرات سورية، إضافة إلى احتفاظه بمقاطع فيديو تحث على القتال، وتضم بعض المشاهد لعمليات قتالية للتنظيمات المتطرفة. وفي الجلسة ذاتها، وجّه المدعي العام للمتهم الثالث الذي اشترك مع الثاني في التخطيط لاغتيال مدير الطوارئ 18 تهمة، منها تأييده للعمليات الإرهابية التي حدثت في السعودية، معتبراً أنها من الجهاد في سبيل الله، ومبايعة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، والاجتماع مع مطلوبين أمنيين لمناقشة إعداد كوادر عسكرية سورية للاستفادة منها في عمليات قتالية. واستباحته لدماء العاملين في المباحث العامة وقوات الطوارئ واقتناعه بجواز استهدافهم شرعاً. وأوضح أن المتهم تسلم مبالغ مالية من عدد من الأشخاص وبعثها إلى أعضاء من الجماعات المسلحة في العراق، واتفق مع المتهم الثاني على جمع الأموال لبعثها للمقاتلين في مواطن الصراع سواءً في أفغانستان أم العراق ولشراء الأسلحة وتخزينها، كما قام بتحويل مبلغ 670 ألف من الريال السعودي إلى اليورو لإرسالها إلى المقاتلين، وجهز أحد المطلوبين بمبلغ 5 آلاف ريال لتسهيل سفره إلى العراق، واشترك مع المتهم الثاني بعرض تسجيل صوتي يحوي مقطعين أحدهما بصوت الزرقاوي، والآخر رسالة إلى أحد أعضاء الجماعات الإرهابية وقام بعرضه على مجموعه من الأشخاص لكسب تأييدهم لجمع الأموال منهم. وبين أنه قام بحيازة سلاح «رشاش كلاشنكوف» ونصف صندوق ذخيرة، وسلاح من نوع «دكتريوف» بشريط يحمل 100 طلقة، وأربعة «رشاشات كلاشنكوف» وستة مخازن ومسدسين وثلاثة صناديق ذخيرة حية، كما قام بشراء رشاش «شبح»، ورشاشين آخرين «أخمص»، ومسدسين ونصف صندوق ذخيرة من شخص موقوف حالياً ضُبطت داخل منزل المتهم الثاني، إضافة إلى خمسة أسلحة رشاشة، ومسدسين أميركيين وصندوق بداخله ذخيرة حية كانت مخبأة داخل المنزل الشعبي الملاصق للمنزل الذي يقيم فيه مع عائلته. كما قام بتدريب عدد من الأشخاص على الأسلحة (فك وتركيب ورماية).