بعث الرئيس السوداني عمر البشير أمس بتطمينات إلى نظيره المصري حسني مبارك ببقاء السودان موحداً، وأطلعه على برنامجه لترسيخ وحدة بلاده خلال استفتاء الجنوب على تقرير مصيره العام المقبل، فيما جدد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط رفض مصر والسودان توقيع اتفاق تقاسم مياه نهر النيل مع دول المنبع، لكنه أكد أن باب التفاوض لا يزال مفتوحاً لحل الأزمة «شرط الحفاظ على الحقوق التاريخية لدولتي المصب». وقال أبو الغيط عقب محادثات أجراها ورئيس الاستخبارات المصرية الوزير عمر سليمان في الخرطوم أمس مع البشير، إن «موقف مصر والسودان تجاه مشكلة ملف حوض وادي النيل موحد، وهو رفضهما توقيع الاتفاق الذي سيوقع يوم الجمعة المقبل في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا»، مشدداً على تمسكهما بالاتفاقات التي تم التوقيع عليها مسبقاً. وأضاف أن «القاهرةوالخرطوم على استعداد للتفاوض مع دول منابع النيل من أجل تحسين الاستفادة من مياه النيل شرط الحفاظ على الحقوق التاريخية». وأكد أن محادثاته مع البشير «ركزت على سبل حل قضية دارفور، ودعم استقرار السودان بإنهاء الخلافات الداخلية بين أقطاب الشعب السوداني». وأشار إلى أن مصر ستعمل في المرحلة المقبلة على دعم جهود السودان لتحقيق السلام في دارفور، موضحاً أنه نقل إلى البشير رسالة من مبارك مفادها أن «الوحدة بين الشمال والجنوب خيار استراتيجي يجب العمل على تحقيقه بشتى السبل»، مشيراً إلى أن «مصر لن تدخر جهداً من أجل هذا الهدف»، لافتاً إلى أن البشير أطلعه «على برنامج حكومته لبقاء السودان موحداً عبر الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب المقرر العام المقبل». وانتقل أبو الغيط وسليمان من الخرطوم الى جوبا عاصمة جنوب السودان لمناقشة قضية وحدة السودان مع رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت وتهنئته على فوزه في الانتخابات التي أجريت الشهر الماضي. اتهامات «الحركة الشعبية» إلى ذلك، طالبت «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم إقليمالجنوب الذي يتمتع بحكم ذاتي بتصعيد العمل من أجل الوحدة الطوعية للبلاد عبر جبهة لتغيير مركز السلطة في الخرطوم وإقامة مركز جديد قائم على الرضا والقبول ويقنع شعب الجنوب. واعتبرت أن أي فشل في إقناع الجنوب بالوحدة الطوعية سيعقبه فشل في مناطق أخرى في الشمال ذات ظروف مشابهة. وكشف نائب الأمين العام ل «الحركة الشعبية» ياسر عرمان في مؤتمر صحافي عن مشاورات داخل حركته لتنظيم حشود جماهيرية دورية في شمال السودان وجنوبه من أجل التذكير بحق تقرير مصير الجنوب الذي سيجرى الاستفتاء عليه في كانون الثاني (يناير) المقبل. وشدد على ضرورة إجراء الاستفتاء في موعده، معتبراً أن «حق تقرير المصير ليس ملكاً لجنوب السودان بل لكل السودانيين من أجل ضمان أن تكون الوحدة جاذبة». وأشار إلى أن «الحركة الشعبية» ستدخل في حلف عريض مع القوى السياسية السودانية وستعمل على تطوير تحالف جوبا الذي يجمعها مع أحزاب المعارضة الرئيسة في البلاد. واتهم «حزب المؤتمر الوطني» بزعامة البشير بمحاولة زعزعة استقرار الجنوب من طريق تسليح ميليشيات قال إنها تعمل بالوكالة في المنطقة، مشيراً إلى أن «المؤتمر الوطني يستخدم قبائل عربية لزعزعة استقرار الجنوب وتأجيل الاستفتاء». وأضاف أن «حكومة جنوب السودان أظهرت معلومات تفيد بأن المؤتمر الوطني يحاول زعزعة الأمن في جنوب السودان». وأشار إلى أن القائد العسكري المتمرد من «الجيش الشعبي» الذي يسيطر على الجنوب جورج ارثر يتلقى دعماً يتعلق بالإمداد والتمويل من خارج الجنوب، لكنه لم يحدد مصدر هذا الدعم. ودعا قوات حفظ السلام الدولية إلى «أن تكون أكثر نشاطاً في رصد أعمال العنف في الجنوب قبل تنظيم الاستفتاء». واعتبر أن «هذا هو تفويض قوة الأممالمتحدة هنا ويتعين عليها الوفاء بهذا التفويض». وشدد على ضرورة تفعيل مفوضية الدستور لوضع ترتيبات جديدة لدستور البلاد «توجد صيغة جديدة تحكم البلاد وتقنع الجنوب، وتشارك في وضعها القوى السياسية ومكونات المجتمع كافة عبر مؤتمر جامع». ورأى انه من دون تنفيذ هذه الترتيبات «فإن السودان مقبل على خيار وحيد... والجنوبي لن يقبل أن يفقد حريته ويصبح مواطناً من الدرجة الثانية». لقاء أديس أبابا في سياق متصل، أقر لقاء تشاوري دولي عن الأوضاع في السودان عقد في أديس أبابا، تشكيل آلية مشتركة للتنسيق والمتابعة بين الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي تحت رئاسة رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو مبيكي بالتعاون مع مبعوث الأممالمتحدة إلى السودان هايلي منكريوس ورئيس البعثة الأممية - الأفريقية المشتركة في دارفور إبراهيم قمباري، تجتمع مرة كل شهرين. وأكد البيان الختامي للاجتماع التشاوري الذي شارك فيه المبعوثون الدوليون إلى السودان، والاتحاد الأفريقي والأممالمتحدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، «ضرورة استمرار الشراكة بين حزب المؤتمر الوطني الحاكم والحركة الشعبية، باعتبارها عاملاً أساسياً وضرورياً لمجابهة التحديات المقبلة». وعبر عن ثقته في تنفيذ ما تبقى من اتفاق السلام الشامل. ورأى أن الانتخابات التي أجريت أخيراً في السودان أفرزت واقعاً جديداً «ينبغي استصحابه خلال محادثات سلام دارفور»، كما أقر عقد اجتماع تنسيقي تشاوري مع الحكومة المنتخبة عقب تشكيلها «للنظر في أفضل السبل للمضي في المسار السياسي في دارفور من أجل التوصل إلى اتفاق قبل موعد الاستفتاء». اشتباكات دارفور من جهة أخرى، قُتل 30 شخصاً وجُرح عشرات في تجدد مواجهات بين قبيلتي المسيرية والرزيقات العربيتين في مناطق ارتالا وغاتالا وبونق الحلة في محافظة مكجر في ولاية غرب دارفور. وقالت مصادر قبلية إن الاشتباكات تجددت بين القبيلتين منذ الثلثاء الماضي، ما أدى الى خسائر فادحة في الأرواح ونزوح مئات. وذكرت أن الاشتباكات أدت إلى مقتل 4 من الرزيقات و26 من المسيرية، إلى جانب سقوط عشرات الجرحى. ولم يسعف سوى 6 أشخاص توفي أحدهم في طريقه إلى مستشفى كبم في ولاية جنوب دارفور. وأضافت أن الاشتباكات بين الطرفين تجددت السبت في شكل أعنف، ما أدى إلى نزوح المئات إلى منطقة عريدة في جنوب دارفور.