وسط استعدادات متزايدة لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى في مصر، علمت «الحياة» أن الحكومة المصرية ستتجه إلى البرلمان بعد غد الثلثاء لطلب تمديد حال الطوارئ المعمول بها في البلاد منذ اغتيال الرئيس أنور السادات على يد متشددين عام 1981، الأمر الذي قد يلقي بظلاله على استعدادات المعارضة لانتخابات الشورى. ومن المتوقع ألا تجد الحكومة المصرية عائقاً أمام تمديد حال الطوارئ في ظل امتلاكها الغالبية النيابية، على رغم المبارزات التي قد يبديها نواب المعارضة خصوصاً أعضاء جماعة «الإخوان المسلمين». ويستعد الحزب الوطني الديموقراطي (الحاكم) لتقديم أوراق مرشحيه اليوم (آخر أيام تلقي الطلبات) بعدما أقر في اجتماع عقد أمس أسماء مرشحي الحزب للمنافسة على 88 مقعداً في الانتخابات التي تنطلق مطلع الشهر المقبل بطريقة النظام الفردي، فيما تمكنت جماعة «الإخوان المسلمين» من الدفع ب 12 مرشحاً من أعضائها. وفي المقابل، صعّدت «الجمعية الوطنية للتغيير» التي يقودها الدكتور محمد البرادعي، من لهجتها وأكدت أنها ستخوض معركه طويلة من أجل تغيير الوضع القائم. وانتقدت الجمعية من يشارك في تلك الانتخابات من أحزاب المعارضة، معتبرة أن من يشارك في الانتخابات «يساند النظام». وجاء ذلك في وقت أنهى حزبا «الوفد» و «التجمع» تقديم أوراق مرشحيهما وبدآ الاستعداد لعمليات الدعاية والترويج. وقال السكرتير العام لحزب «الوفد» منير فخري عبدالنور: «دفعنا ب 11 مرشحاً في الانتخابات ونستعد الآن لمؤتمرات جماهيرية يحضرها قادة الحزب للترويج لبرنامج الوفد ومرشحيه»، مشيراً إلى مؤتمر تم تحديد موعده في 20 من الشهر الجاري في محافظة المنيا (صعيد مصر) و «سيتم تحديد مواعيد مؤتمرات أخرى في المحافظات خلال الأيام القليلة المقبلة». أما الأمين العام ل «التجمع» سيد عبدالعال فأعلن أن حزبه «قدّم 11 مرشحاً في 11 دائرة في المحافظات المصرية». وأكد «عدم التعارض بين مرشحي التجمع ومرشحي الوفد ... قمنا بالتنسيق مع الوفد قبل طرح أسماء مرشحينا». وعلى صعيد جماعة «الإخوان المسلمين» فقد أفيد أنها انتهت من تقديم مرشحيها في الانتخابات. وأعلنت تمكنها من تقديم أوراق 14 عضواً من أعضائها في المحافظات المصرية، لتتفرغ الآن لعمليات الدعاية الانتخابية لدعم ترشيحهم. وتحدثت مصادر في «الإخوان» عن أن الجماعة طرحت أسماء 14 مرشحاً في حين دفعت بأسماء أخرى من دون الإعلان عنهم كمرشحين بديلين في حال تم رفض أوراق أحد المرشحين البدلاء، وهو التكتيك الذي اتبعته الجماعة في انتخابات مجلس الشعب عام 2005. ولم يستبعد الناطق الرسمي باسم «الإخوان» عضو مكتب الإرشاد الدكتور محمد مرسي حدوث ذلك، لكنه قال في الوقت ذاته «إن ليس من الممكن أن يتنافس مرشحان من الإخوان على المقعد نفسه»، في إشارة إلى انسحاب المرشح البديل في حال أقرّت اللجنة المشرفة على الانتخابات أسماء المرشحين الأصليين. وستكون نتائج انتخابات مجلس الشورى بالنسبة إلى «الإخوان المسلمين» مؤشراً على أدائهم المتوقع في انتخابات مجلس الشعب التي ستجرى في تشرين الأول (أكتوبر) العام المقبل. ويتابع محللون أداء «الإخوان» في الانتخابات المقبلة، في ظل انتخاب قيادات جديدة لها مطلع العام الماضي والتي سيطر فيها الجناح المحافظ بزعامة المرشد الجديد محمد بديع على مقاليد الأمور داخل مكتب الارشاد. ويبدو أن سيّدات «الإخوان» ستكون لهن أدوار كبيرة في انتخابات الشورى، إذ أشارت مصادر «إخوانية» ل «الحياة» إلى أن الجماعة أعطت للنساء أدواراً تنظيمية ودعائية خلال الانتخابات، معتبرة أن «نساء الإخوان سيكون لهن دور بالغ الأهمية في الانتخابات». وأوضحت المصادر أن الجماعة حشدت أعضاءها في المحافظات للترويج والدعاية للمرشحين، لكنها أكدت «أن جماعة الإخوان لا تنفق أموالاً كبيرة في عمليات الدعاية، بعكس ما يُقال». وأشارت إلى «أن جماعة الإخوان تدعم المرشحين من خلال الاشتراكات الشهرية والتبرعات، ولكن من دون بذخ ... فأعضاء الجماعة هم الذين يقومون بعمليات الدعاية وحشد الناس طواعية». وقالت: «على رغم أن الظاهر أن جماعة الإخوان تنفق اموالاً طائلة على الدعاية لكن الحقيقة هي أن كل المتعاونين مع مرشحي الإخوان يكونون متطوعين وهم من أعضاء الإخوان في المحافظات وأبنائهم». وصرح الأمين العام للحزب الوطني صفوت الشريف أمس بأن تقريراً بأسماء مرشحي الحزب لانتخابات الشورى رُفع إلى الرئيس حسني مبارك باعتباره رئيس الحزب. وقال إن التقرير بأسماء المرشحين والبرنامج الانتخابي سيُعرض على أعضاء المكتب السياسي للحزب وفق نظامه الأساسي. وأضاف أن هيئة مكتب «الوطني» أقرت أيضاً البرنامج الانتخابي للحزب، والذي أعدته أمانة السياسات على ضوء البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك. وكان الشريف أعلن في وقت سابق أن الوطني «سيخوض انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى في كل الدوائر الانتخابية البالغ عددها 67 دائرة في 27 محافظة، من أجل اختيار 88 مرشحاً لهذه الدوائر الانتخابية»، مؤكداً أن هذه الانتخابات تمثل بداية لعمل سياسي أكبر في عام حاسم وهو عام انتخابات مجلسي الشورى والشعب. وتختتم في الخامسة من مساء اليوم (الأحد) عمليات تلقي طلبات المرشحين لانتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى وذلك لاختيار 88 عضواً في 67 دائرة انتخابية على مستوى كل المحافظات المصرية، عدا محافظتين اثنتين هما الإسماعيلية والوادي الجديد، إذ تخصص 21 دائرة لشغل مقعدين في المجلس، بينما تجري الانتخابات في 46 دائرة لشغل مقعد واحد، وسط توقعات باكتساح مرشحي الحزب الوطني (الحاكم) للانتخابات. وقالت مصادر قضائية ل «الحياة» إن رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات المستشار انتصار نسيم تلقى شكاوى من عدد من مرشحي جماعة «الإخوان» بأنهم يواجهون عراقيل إذ تمنع السلطات تلقي أوراقهم وطلبات ترشيحهم. وقال المستشار انتصار نسيم في تصريحات صحافية أمس إن اللجنة العليا للانتخابات أصدرت قراراً بضرورة الالتزام بقبول كل طلبات الترشيح المقدمة إلى لجان تلقي الطلبات وترك أمر فحصها للجان المختصة، مؤكداً أن جميع المتقدمين للترشيح سواء من الأحزاب أو المستقلين على قدم المساواة سواء في الحقوق أو الواجبات أمام اللجنة من دون تفرقة بينهم طبقاً لأحكام الدستور وقانون مباشرة الحقوق السياسية. وأشار إلى أن اللجنة تتابع عن كثب الشكاوى التي ترد إليها أولاً بأول وتجري على الفور العمل على إزالة أسبابها حتى التأكد من تقديم جميع راغبي الترشح بأوراقهم. وفي غضون تلك الاستعدادت المكثفة لانتخابات الشورى، علمت «الحياة» أن رئيس الحكومة المصري الدكتور أحمد نظيف سيلقي بياناً أمام مجلس الشعب الثلثاء سيطلب فيه تمديد العمل بحال الطوارئ لمدة جديدة. ومن المتوقع أن يعلن رئيس الحكومة ضمانات جديدة لتطبيق مد حال الطوارئ والتأكيد أن القانون يُطبّق لمنع جرائم الارهاب ومواجهة تجار المخدرات والعمل على حماية مصر من حالات العنف والارهاب الدولي. وسيقوم رئيس البرلمان الدكتور أحمد فتحي سرور بإحالة البيان على اللجنة العامة بالمجلس التي تضم رؤساء اللجان النوعية ال 19 وممثلي الهيئات البرلمانية داخل المجلس وخمسة من الأعضاء إضافة إلى وكيلي المجلس عن الفئات والعمال والفلاحين لدرس البيان الحكومي وإعداد تقرير شامل عنه يرد إلى الجلسة العامة للمجلس لمناقشته في شكل موسع وعرضه على التصويت الذي يستلزم موافقة ثلثي اعضاء المجلس. وشهدت الأيام الماضية زخماً سياسياً واسعاً في الشارع السياسي بعد اصرار عدد من الاتجاهات السياسية الفاعلة في مصر بالاشتراك مع بعض نواب المعارضة والمستقلين على تنظيم تظاهرات واحتجاجات بهدف إلغاء حال الطوارئ الممتدة عبر السنوات الثلاثين الماضية وإدخال تعديلات جوهرية على بعض مواد الدستور خصوصاً المادة المتعلقة بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية واطلاق الحريات والإفراج عن المعتقلين السياسيين. ومن المنتظر أن تشهد جلسة البرلمان خلافات حادة بين نواب الغالبية والمعارضة عند طلب رئيس الحكومة من البرلمان مد حال الطوارئ من جديد، إذ اعتاد النواب المعارضون على رفض تمديد الطوارئ، بينما تؤيد الغالبية ذلك على أساس أنه يساهم في «مواجهة الحالات الارهابية التي تريد الفتنة داخل مصر». من جهتها، صعّدت «الجمعية الوطنية من أجل التغيير» التي يقودها المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي من لهجتها وأكدت أنها ستواصل النضال من أجل الاصلاح. وأعلنت أنها ستنزل إلى الشارع في تظاهرات ووقفات احتجاجية لرفض تمديد قانون الطوارئ، كما ستكثّف من مساعيها الرامية إلى حشد المصريين ضد المشاركة في انتخابات الشورى. ووصف الدكتور البرادعي مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان المصري) بفاقد الشرعية، وقال في رسالة بعث بها إلى مناصريه على موقع «فيسبوك» إن «مجلساً له سلطات تشريعية من دون ضمانات لنزاهة انتخاباته في ظل قانون للطوارئ ويعيّن رئيس الجمهورية ثلث أعضائه هو مجلس فاقد للشرعية»، مطالباً أنصاره بمواصلة السعي نحو الاصلاح والتغيير. وأعلن القيادي في الجمعية جورج اسحاق أن الجمعية ستتظاهر في اليوم الذي تتقدم فيه الحكومة بطلب تمديد حال الطوارئ، وشدد على أن أعضاء الجمعية «سيواصلون النضال ضد الواقع القائم الآن». وانتقد اسحق من يشارك من المعارضة في انتخابات الشورى، وقال ل «الحياة» إن دخول المعارضة الانتخابات في هذا المناخ الذي وصفه ب «الفاسد» سيكون «ضرباً من الخيال ... لا يمكن ضمان إجراء انتخابات شفافة ونزيهة في ظل قانون الطوارئ»، معتبراً أن من يشترك في الانتخابات «يساعد النظام».