أطلقت جمعيات مختلفة تعمل في بريطانيا وبلدان أوروبية أخرى حملة ترويجية واسعة لما بات يُعرف ب «المسيرة الكبرى» المقرر أن تُنظّم في 11 حزيران (يونيو) المقبل. وسيشارك فيها ممثلون ومطربون ومشاهير وشخصيات معروفة في المجتمع، لكنهم لن ينزلوا إلى الشوارع والساحات العامة، بل سينحصر دورهم فيها في الظهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع متخصصة على شبكة الإنترنت للترويج للأهداف التي يسعون إليها: اتخاذ إجراءات تضع حداً لظاهرة مخيفة في المدارس الأوروبية عموماً وهي ظاهرة «البلطجة» (bullying) التي يقوم بها التلاميذ «الأقوياء» ضد من هم «أضعف» منهم. ويقول منظمو «المسيرة الكبرى»، وفي مقدمهم منظمة «بيت بوليينغ» الأكبر من نوعها في أوروبا، إنها ستضم إضافة إلى أساتذة مدارس وأهالي الطلاب عدداً كبيراً من الشخصيات المشهورة مثل أعضاء فرقة «ليتل ميكس» البريطانية (تضم المغنيات بيري إدواردز، جيسي نيلسون، لي-آن بينوك وجايد ثيرلوول)، والمغني والراقص استون ميريغولد، ونجم المسلسل البريطاني المشهور «ميد إن تشلسي» جايمي لينغ، والشاب الألماني الوسيم جيمي بلو، والعارضة الألمانية باربرا مائير، والمطرب البلجيكي المشهور إيان توماس. ويريد هؤلاء أن يسلّط الضوء على مشكلة البلطجة» (البوليينغ) في المدارس البريطانية والأوروبية، بعدما أوضحت إحصاءات أن واحداً من بين كل أربعة تلاميذ في أوروبا يتعرّض لتهديدات ومضايقات من زملائه، وأن آلاف التلاميذ يخافون الذهاب إلى مدرستهم كل صباح خشية التعرّض لتصرفات «بلطجية» من زملائهم «الأقوياء» على مقاعد الدراسة. وسيرفع المشاركون في «المسيرة الكبرى» توصيات إلى المفوضية الأوروبية تقضي بسن قوانين جديدة «تحمي حق الأطفال الأوروبيين في العيش من دون خوف من البلطجة» سواء البدنية أو عبر أثير مواقع التواصل الاجتماعي. كما سيطالبون بتحديد يوم كل سنة للتوعية بظاهرة البلطجة وضرورة التصدي لها. ومشكلة «البوليينغ» - أو «البلطجة» - معقدة لأنها تحصل في أحيان كثيرة بعيداً من نظر الأساتذة وحتى ذوي التلاميذ الذين تُساء معاملتهم. ويعرّف «البوليينغ» بأنه كناية عن تعرّض شخص ما مراراً وتكراراً للتعليق من قبل شخص أو مجموعة من الأشخاص الذين يشعرون بأنهم أقوى منه، إما نظراً إلى قوتهم البدنية أو مركزهم الاجتماعي. وتوضح دراسات أن السببين الأكثر شيوعاً لممارسة «البلطجة» هما شكل الشخص المستهدف وموقعه الاجتماعي. كما أن الذين يقومون بهذه التصرفات يعتبرون أن الشخص المُستهدف لا يدخل في إطار «منظومتهم الاجتماعية»، إما بسبب شكله الخارجي، أو بسبب تصرفاته (مثلاً إذا كان التلميذ خجولاً أو انطوائياً)، أو بسبب أصوله العرقية أو الدينية (كأن يرتدي التلميذ أو التلميذة غطاء رأس أو قلنوسة)، أو بسبب اعتبار «البلطجية» أن زميلهم «مثلي» أو يتصرّف كالمثليين. و»يعبّر» البلطجية عن رأيهم ضد الشخص المستهدف بدفعه وإيقاعه أرضاً أو ركله ولكمه أو حتى الاعتداء عليه جنسياً. كما يمكن أن يمارسوا إرهاباً نفسياً أو شتائم لفظية ضده. ومن تصرفات البلطجية أيضاً «عزل» الشخص المستهدف عن مجموعة من رفاقه في المدرسة وإبقاؤه بعيداً منهم والنميمة عليه أمام بقية زملائه. ومع تطور عصر التكنولوجيا نقل البلطجية حملتهم أيضاً من ملاعب المدرسة والصفوف إلى مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية من خلال إرسال رسائل أو نشر تعليقات مهينة ضد الشخص المستهدف. وعادة، يمكن لشخص ما أن يتقبّل نميمة أو تصرفاً عدوانياً مرات قليلة، ولكن أحياناً يصبح ذلك تصرّفاً روتينياً يتكرر يوماً بعد آخر، ما يجعل المُستهدف يشعر بأنه في حال خوف أو قلق دائم. ويؤثر ذلك بلا شك في أداء التلميذ أو التلميذة في المدرسة، كما يمكن أن يؤثر في صحتهما البدنية والنفسية. وأحياناً قد يدفع هذا التصرف بالمستهدفين ب «البلطجة» إلى التفكير في الانتحار، وقد حصلت حالات انتحار عدة في السنوات الماضية لفتيات بريطانيات تبيّن أنهن تخلصّن من حياتهن بعدما وصفن بأنهن غير جميلات أو تم التهكّم عليهن. ووفق دراسات جمعيات مختصة فإن تأثير البلطجة لا يقتصر على الذين يستهدفون بدنياً أو لفظياً، بل يتأثر بها أيضاً «البلطجية» أنفسهم. إذ توضح دراسات أن القائمين بهذه التصرفات أنفسهم يمكن أن ينجروا أيضاً إلى القيام بأعمال عنف ضد الآخرين عندما يكبرون. ويُقدّر أن واحداً من بين كل أربعة أشخاص مارسوا البلطجية خلال مرحلة الدراسة الإعدادية سيكون لديهم سجل جنائي قبل أن يتجاوزوا سن ال 30.