هل تريد أن تعرف ماذا يحصل في مدرستك أو جامعتك أو حتى في مقر عملك؟ هل تريد أن تعرف ما إذا كان زميلك وزميلتك على علاقة عاطفية سرية، وما إذا كان الأستاذ أو الأستاذة لديهما معجبون أو معجبات في صفوف تلامذة صفوفهم؟ وهل تريد أن تعرف ما إذا كان زميلك الثري في الصف يهدر أموال والده على تعاطي المخدرات أم أنه يواظب فعلاً على متابعة تعليمه في أفضل المدارس؟ أجوبة عن هذه الأسئلة، وغيرها الكثير، باتت في متناول اليد ويمكن الحصول عليها بكسبة زر على جهاز كومبيوترك الشخصي. كل ما تحتاجه زيارة موقع «ليتل غوسيب» (Little Gossip)، أو ما يعني القليل من الثرثرة أو النميمة. إختر المدرسة أو الجامعة أو الشركة التي تريدها من لائحة طويلة بمؤسسات تعليمية ومهنية مقرها بريطانيا، مثلاً، و «استمتع» بقراءة ثرثرة الطلاب والموظفين بما يحصل في كواليس مدارسهم ومكاتب عملهم. يُعرّف «ليتل غوسيب» عن نفسه بالقول: «هناك نميمة (ثرثرة أو قيل وقال) في كل مجتمع، ويمكنك الآن أن تبحث عن النميمة عن شخص تعرفه، وأن تقوم هذه النميمة (إذا كانت صحيحة أو لا)، كما يمكنك أن تكتب واحدة من عندك. نود أن نوجد حوارات عميقة، نظيفة، ثاقبة، ومثيرة، إضافة إلى النميمة في حد ذاتها». ويضيف الموقع أنه يتيح فوق ذلك كله بقاء هوية المشاركين في هذه النمائم «مجهولة 100 في المئة». انطلق موقع «ليتيل غوسيب» على شبكة الانترنت قبل نحو سنتين (في خريف 2010)، وتحوّل في وقت قياسي إلى أحد أكثر المواقع التي يُفضّلها طلاب المدارس والجامعات في بريطانيا، وتحديداً طلاب العائلات الثرية الذين يرتادون بعضاً من أغلى المؤسسات التعليمية الخاصة وأرقاها. لكن تهاتف هؤلاء الطلاب الأثرياء على المشاركة في موقع مخصص لنشر الإشاعات والقيل والقال، كشف أن كثيرين من هؤلاء التلاميذ المفترض أن أهلهم يدفعون عشرات آلاف الجنيهات الاسترلينية لتعليمهم سنوياً لا يعرفون أصول الكتابة الصحيحة، و «ينتشر بينهم تعاطي المخدرات والجنس». ففي القسم المخصص لمدرسة إيتون الشهيرة قرب لندن والتي يدفع أهل التلميذ أكثر من 35 ألف جنيه سنوياً كي يلتحق بها، يكتب التلميذ (أ) عن رفيقه في الصف: «لقد بعت (يسمّيه) غرامين من الطحين (المخدرات)، وأنا هنا أنقل عنه قوله حرفياً: لقد رأيت جنيّات جميلات»، لشدة الهلوسة متأثراً بالكوكايين الذي تعاطاه. أمّا الشاب (ب) فيقول عن صديق له من تلاميذ إيتون: «إنك تصرف كل أموال والدك على إدمانك المخدرات... معظم الناس في المدرسة لا يحبونك. والقلة الذين يحبونك يستغلونك فقط». ومن مدرسة إيمانويل الخاصة في باترسي في جنوبلندن والتي يكلّف قسطها أكثر من 14 ألف جنيه سنوياً، كتبت إحداهن عن رفيقة لها في مدرسة البنات الخاصة الراقية أنها «تعاشر» الكثير من الشبان، لكنها في المقابل ليست لديها أي صديقة بتاتاً. وأضافت متسائلة: «ماذا ستفعل (هذه التلميذة) عندما لا يعود هناك صبيان (تعاشرهم)؟ من سيكون الهدف المقبل لها؟». وتكر سبحة الفضائح عن الطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات والموظفين، وبعضها يتضمن إشاعات مغرضة من قبيل أن شاباً ما يهدر أموال والديه على المشروبات الكحولية والمخدرات ومعاشرة النساء بينما الصحيح أنه يقضي وقته في الدراسة، أو يتضمن نميمة مهينة مثل القول إن فتاة ما كثيرة الشعر أو بدينة أو رائحة فمها كريهة. وعلى رغم أن كثيراً من هذه النمائم قد لا يكون صحيحاً، إلا أنها قد تكسب «صديقة» نتيجة «تصويت» زملاء الشاب أو الشابة على الإشاعة التي تم إطلاقها عنهم. فإذا جاءت نسبة التصويت مرتفعة إزاء صحة نميمة ما، فإنها تُصبح قابلة للتصديق أكثر، حتى ولو كانت لا أساس لها. وأثار الأمر ضجة واسعة في بريطانيا، بعدما بدأت مدارس راقية إجراء تحقيقات مع الطلاب في شأن المزاعم التي يتم إطلاقها عنهم للتحقّق من صحّتها. وأدّت حملة شديدة تعرّض لها الموقع بسبب إيراده مزاعم لا يمكن التحقق منها كون من يدلي بها يتمتع بحق البقاء «مجهولاً»، إلى توقف «ليتل غوسيب» عن العمل «بناء على قرار شخصي» من أصحابه. وبرّر هؤلاء خطوتهم بالقول: «على رغم اتخاذ إجراءات واسعة لمنع التعليقات الخبيثة أو غير المرغوب فيها، إلاّ أن قلة من الناس غير المسؤولين واصلت إساءة استخدام الموقع». ولكن بعد فترة قصيرة من قرار إغلاق الموقع، عاد مجدداً إلى العمل وفق لوائح منظمة للكليات والمعاهد التعليمية ومؤسسات العمل، مع بقاء حق المشاركين في التعليقات بإبقاء هويتهم «مجهولة». لكن الموقع، في المقابل، بدأ يمارس تشدداً أكبر في شأن المسارعة إلى حذف أي إشاعة مغرضة لا أساس لها تمس أشخاصاً بعينهم. وكان الشاب تيد ناش البالغ من العمر 19 سنة من مقاطعة سمرست في غرب إنكلترا هو من أطلق موقع «ليتل غوسيب» في تشرين الثاني (نوفمبر) 2010، لكنه سرعان ما باعه بعد أربعة أيام فقط من إطلاقه. وهو برّر ذلك بعدم قدرته على تحمل تبعات كمية الإشاعات المغرضة التي يتم إطلاقها عبر الموقع، وبعضها عنصري من الصعب احتواؤه. وأوضح ناش أن من بين كل 10 تعليقات كان يتم الإدلاء بها في الموقع كان هناك تعليق واحد يتضمن معلومات «خبيثة». استمرار التعليقات الخبيثة في الموقع مع أصحابه الجدد الذين وعدوا في كانون الأول (ديسمبر) 2010 بعدم السماح بنشر النميمة في خصوص المدارس. وبعد شهرين من هذا الوعد قالت جمعية «قاوموا الترهيب» Beat Bullying التي تناهض استقواء التلاميذ الكبار على زملائهم الضعاف في المدارس، إن الموقع لم يلتزم وعده والنميمة ما زالت مستمرة على صفحاته. وعلى رغم أن النميمة لا تزال مستمرة عبر «ليتل غوسيب» أو غيره من المواقع التي تتيح نشر النميمة أو الإشاعات، إلاّ أن القانون البريطاني بات يسمح بملاحقة وسجن من يُطلق إشاعات خبيثة على شبكة الانترنت حتى ولو كان الموقع الذي يستخدمه يتيح له حق البقاء «مجهولاً». وأجري أخيراً عدد من المحاكمات في بريطانيا في حق أشخاص نشروا إشاعات عبر الانترنت (بما في ذلك عبر «تويتر» بأسماء وهمية)، وهو الأمر الذي وجّه رسالة حازمة بأن «المجهول» لا يمكن أن يبقى مجهولاً إذا كانت نميمته الخبيثة لا صحة لها.