قال مسؤولون أميركيون إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري سيسعى للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في سورية وتقديم مساعدات للمدنيين، ذلك قبيل اجتماع «المجموعة الدولية لدعم سورية» في ميونيخ غداً، مع محاولته إبقاء عملية السلام الهشة في مسارها. ويأتي تجدد الجهود لإنقاذ الديبلوماسية في الوقت الذي عبرت شخصيات من المعارضة السورية وديبلوماسيون غربيون ومحللون عن القلق من أن جهود السلام تكاد تفشل بسبب الحملة العسكرية الروسية التي دعمت قبضة الرئيس السوري بشار الأسد على السلطة. ويتساءل منتقدو نهج كيري إن كان وقف إطلاق النار إذا تحقق سيأتي بعد فوات الأوان. وتقدم الجيش النظامي السوري صوب الحدود التركية الاثنين في هجوم ضخم تدعمه روسياوإيران وتقول المعارضة المسلحة إنه يهدد مستقبل الانتفاضة المندلعة منذ نحو خمس سنوات احتجاجاً على حكم الأسد. ويهدف نهج كيري- الذي سيحتاج لتأييد روسيا كي ينجح- إلى منح المعارضة متنفساً كافياً حتى تعود إلى مائدة التفاوض عقب تعليق مفاوضات السلام في جنيف الأسبوع الماضي. وقال مسؤول كبير في الحكومة الأميركية: «يعتقد كيري أنه إذا تمكنا من التوصل لوقف لإطلاق النار وجرى تسليم المزيد من المساعدات... من الممكن تحقيق تقدم ديبلوماسي آخر». وأضاف: «من الصعب استمرار الحوار في وقت يتعرض فيه الناس للقتل والتجويع حتى الموت». وسيكون اجتماع ميونيخ الخميس حيوياً لإنقاذ العملية الديبلوماسية التي كانت عنصراً رئيسياً في سياسة الرئيس باراك أوباما تجاه سورية، التي تميزت برغبته في الحد من المشاركة الأميركية. ويقول محللون إن نجاح أو فشل ديبلوماسية كيري في الشهور المقبلة قد يحدد ما إذا كانت جماعات المعارضة التي تدعمها الولاياتالمتحدة ستشارك في المفاوضات من أجل تسوية للصراع السوري أو ما إذا كانت تلك الجماعات تواجه الانهيار وربما الانضمام إلى تدفق اللاجئين أو العناصر المتطرفة مثل تنظيم «داعش». وقال جيفري وايت المحلل السابق لدى وكالة الاستخبارات العسكرية الذي يعمل حالياً في «معهد سياسة الشرق الأدنى» إن البيت الأبيض أخطأ بعدم إعداد استراتيجية توازن بين الاستجابة العسكرية والاستجابة الديبلوماسية لتفكك سورية ويدفع الثمن الآن. وأضاف في إشارة إلى الجهود الديبلوماسية: «لم تفلح... ولن تفلح». محادثات جارية وكان كيري قال الجمعة إن المحادثات جارية في شأن وقف لإطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية وإن الروس طرحوا «بعض الأفكار البناءة في شأن كيفية تطبيق وقف إطلاق النار». وأضاف أنه حصل أيضاً على تأييد إيران لوقف إطلاق النار الذي عبر عن أمله في تنفيذه قبل استئناف مفاوضات السلام. وقال فيتالي تشوركين السفير الروسي لدى الأممالمتحدة للصحافيين الأسبوع الماضي إن موسكو تأمل في «إعادة تنشيط» عملية السلام السورية. وأوضح أن الديبلوماسيين الروس سيطرحون مقترحات جديدة لاجتماع ميونيخ. ولم يحضر كيري مفاوضات جنيف، لكنه أجرى مكالمات هاتفية قبلها معتقداً أن روسيا والأطراف الأخرى ستوافق على ما وصفه ديبلوماسيون مشاركون ب «إنجازات مقبولة» كالتوصل لاتفاق في شأن قضايا مثل تقديم المساعدات للمدنيين السوريين مما يساعد في تهيئة الظروف لمفاوضات التسوية. ولم يتضح بعد ما إذا كانت المعارضة السورية ستعود إلى المفاوضات في 25 الشهر الجاري، على أبعد تقدير كما اقترح مبعوث الأممالمتحدة ستيفان دي ميستورا. وقال معارضون وسكان و «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الجيش النظامي السوري وحلفاءه يبعدون نحو خمسة كيلومترات عن مدينة تل رفعت الخاضعة لسيطرة المعارضة على بعد نحو 25 كيلومتراً من الحدود التركية في واحد من أكبر التحولات في الحرب. وقال ديبلوماسي غربي: «إذا أغلقت الحدود بين سورية وتركيا فلن يصمد هؤلاء الرجال على قيد الحياة طويلاً... التحدي الآن هو... حماية رأس المعارضة من الغرق»، في حين أوضح مرهف جويجاتي العضو السابق في «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» الذي يعمل الآن في معهد الشرق الأوسط وهو مؤسسة بحثية، إن قادة المعارضة المسلحة السورية وزعماء المعارضة السياسية يشعرون بالغضب من إدارة أوباما لاعتقادها أن موسكو صادقة في شأن التسوية السياسية. وأضاف جويجاتي الذي يقوم بتواصل دائم مع فصائل المعارضة المسلحة: «المعارضة المعتدلة غاضبة بشدة من إدارة أوباما. تشعر بذهول من التقاعس الأميركي».