أعربت الحكومة الألمانية ومعظم مسؤولي الاقتصاد وخبراء البلاد، عن ارتياحهم لمعدل النمو الذي سجّله الاقتصاد الألماني العام الماضي وبلغ 1.7 في المئة، وفقاً لمكتب الإحصاء المركزي في فيسبادن، خصوصاً أنه الأعلى منذ العام 2011. وكان الناتج القومي سجل 1.6 في المئة عام 2014. وأشار بيان مكتب الإحصاء، إلى أن المدماك الأساس لهذا النمو هو الاستهلاك الداخلي المستمر في البلاد، خصوصاً أنه ارتفع بمعدل 1.9 في المئة عن عام 2014، ومعه أيضاً الاستهلاك الحكومي الذي ارتفع 2.8 في المئة، ما شكّل مزيداً من الدفع للاقتصاد في الربع الأخير من العام الماضي بفضل نفقات الدولة على أكثر من مليون لاجئ جديد لتأمين حاجاتهم الضرورية، وهي مصاريف سترتفع هذه السنة أيضاً مع وصول مزيد منهم. وارتفعت استثمارات الشركات الألمانية بمعدل 3.6 في المئة بهدف توسيع أعمالها، فيما زادت الصادرات الألمانية بنسبة 5.4 في المئة. وعزا خبراء استمرار تنامي الاستهلاك الداخلي إلى الوضع الجيد في سوق العمل، وتراجع أسعار النفط والغاز وانخفاض الفوائد، ما يدفع بالناس إلى تفضيل الإنفاق على الادخار من دون الحصول على فوائد. ولا يزال عامل انعدام الخوف من فقدان العمل أو الوظيفة ينعكس إيجاباً على موقف معظم العمال والموظفين الألمان، وكذلك تدنّي معدل البطالة إلى 2.68 مليون شخص في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وهو الأدنى الذي يسجّل خلال الشهر منذ 24 سنة. ونقلت النشرة الاقتصادية الشهرية الصادرة أخيراً عن «غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية»، عن الخبير أندرياس شويرله من مصرف «ديكا بنك»، اعتقاده «بأن سعر اليورو الضعيف حالياً، والفوائد المتدنية جداً، وكذلك التضخم المتراجع، عوامل جيدة لتحقيق نمو قوي في ألمانيا»، مضيفاً أن نمواً من 1.7 في المئة فقط «هو نمو متواضع في الواقع». لذا ينطلق خبراء ومحللون ألمان من أن نمو الناتج القومي الألماني للعام الحالي سيبلغ 2 في المئة، في حين يتوقع خبراء متشائمون أن يتجاوز معدل النمو واحداً في المئة، لافتين إلى محاذير عدة مثل النزاعات الدولية في الشرق الأوسط وأفريقيا، وتراجع الاقتصاد الصيني ووارداته من الخارج في شكل قوي. وأظهر استطلاع أجراه معهد البحوث الاقتصادية «إيفو» في ميونيخ مع 2700 شركة صناعية، أن معظمها ينتظر تحقيق انتعاش في صادراته إلى الخارج. ويعتقد رئيس المعهد، هانس فيرنر زِن، إن ضعف سعر اليورو سيحسّن قدرة الشركات على المنافسة والبيع والتصدير، متوقعاً أن تكون صناعة السيارات والكيماويات وصناعة الآلات في مقدم القطاعات المستفيدة. إلى ذلك، أعلن رئيس «النقابة الاتحادية للصناعيين الألمان»، أولريش غريللو، أن الصناعة الألمانية تتوقع على رغم المحاذير الدولية المستمرة، تحقيق ارتفاع في النمو بنسبة 2 في المئة في نهاية السنة. وبعدما رأى أن دمج اللاجئين في المجتمع وفي سوق العمل «يمكن أن يشكل مشكلة»، قال: «إن أحداً لا يعرف بعد كيف سينعكس وضع اللاجئين على الناتج الاقتصادي للبلاد». ومع ذلك، توقع رئيس النقابة حصول «انعكاسات إيجابية منهم على شكل زيادة الاستهلاك في البلاد عموماً». وأعرب رئيس «الرابطة الاتحادية للشركات المتوسطة والصغيرة»، ماريو أوهوفن، بعد استطلاع أجري أخيراً مع 2400 شركة عضو في الرابطة، عن أن معظمها يتطلع بتفاؤل إلى العام الجديد على رغم وضع الاقتصاد العالمي الصعب حالياً. وأشار 63 في المئة من مسؤولي هذه الشركات إلى أن تقويم أعمالهم في العام الماضي تراوح بين الجيد والجيد جداً. أما نقابات قطاع البناء السكني، فتوقعت زيادة الاستثمارات فيه بمعدل 3 في المئة هذه السنة على الأقل، بفعل زيادة الطلب على المساكن بسبب وجود اللاجئين.