كشفت مصادر مقربة من الائتلافين الشيعيين «الائتلاف الوطني العراقي» و» ائتلاف دولة القانون» بعد إعلان تحالفهما ليل أول من أمس «تشكيل لجنة حكماء من عشرة أعضاء لتسمية رئيس الوزراء»، نافية ان يكون ابراهيم الجعفري هو مرشحهما لهذا المنصب. واعتبرت القائمة «العراقية» التحالف الجديد محاولة لإقصائها وعودة الى مرحلة الاستقطابات الطائفية، فيما أكد «المجلس الأعلى الإسلامي» انه «لن يشارك في حكومة تقصي احد الأطراف». وكان عبد الرزاق الكاظمي، مستشار رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجفعري، أعلن في بيان مساء أول من أمس اتفاق الائتلافين على التحالف، في منزل الجعفري ببغداد في خطوة رمزية توحي بأن الأخير قد يعود الى السلطة. وقال البيان «تم الاتفاق على اعلان تشكيل الكتلة النيابية الأكبر من خلال التحالف بين الكتلتين، وهي خطوة اساسية للانفتاح على القوى الوطنية الأخرى». وأضاف ان الائتلاف الجديد «عازم على توفير مستلزمات العملية السياسية وأهمها بناء نظام برلماني وتشكيل حكومة عراقية وفق مواصفات الوطنية والكفاءة (...) وترشيح رئيس لمجلس الوزراء يلتزم ببرنامج» الائتلاف. ويشكل الائتلاف الجديد الكتلة الأكبر في البرلمان المقبل مؤلفة من 159 مقعداً، 89 ل»دولة القانون» و70 ل»الائتلاف الوطني». ومع ان التحالف الجديد لم يصل الى نسبة النصف زائداً واحداً (163 مقعداً) من عدد مقاعد البرلمان الضرورية لتمرير الحكومة المقبلة، اي اقل بأربعة مقاعد من الغالبية المطلقة، إلا ان هذا التحالف سيفتح الباب أمام تشكيل حكومة جديدة. وعلى رغم اعلان التحالف بين الائتلافين الشيعيين الا ان الخلافات مستمرة بينهما على تحديد مرشح واحد لمنصب رئاسة الوزراء. ونفت مصادر مقربة من الائتلافين ل»الحياة» الأنباء التي تحدثت عن «الاتفاق على تسمية ابراهيم الجعفري مرشحاً لرئاسة الوزراء»، مؤكدة وجود «خلافات كبيرة بين الأحزاب المكونة للائتلافين على هذا الموضوع». وكشفت المصادر «اتفاق الائتلافين على تشكيل لجنة من عشرة أشخاص بالتساوي تأخذ على عاتقها اختيار رئيس للوزراء من بين اربعة مرشحين، هم ابراهيم الجعفري وعادل عبد المهدي (نائب رئيس الجمهورية وقيادي في المجلس الأعلى) وباقر جبر الزبيدي (وزير المال وقيادي في المجلس الأعلى)، ورئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي». أوضحت ان «الفائز لهذا المنصب يجب ان يحصل على ثمانية (8) أصوات من أصل عشرة». وأضافت ان «اعضاء اللجنة من دولة القانون هم طارق نجم (مدير مكتب المالكي) وعلي الأديب وعبد الحليم الزهيري وحسن السنيد (حزب الدعوة /جناح المالكي)، وخضير الخزاعي (وزير التربية والقيادي في حزب الدعوة /تنظيم العراق). اما من الائتلاف الوطني فهم: الشيخ همام حمودي (المجلس الأعلى)، وأحمد الجلبي (حزب المؤتمر الوطني)، وفالح الفياض (تيار الإصلاح)، وقصي السهيل (تيار الصدر)، وحسن الشمري (حزب الفضيلة)». وشنت القائمة «العراقية» هجوماً عنيفاً على «ائتلاف دولة القانون» الذي يتزعمه المالكي، معتبرة انه «هو الذي يقف وراء محاولات اقصائها أو على الأقل تمزيقها». واعتبرت الاندماج بين الائتلافين «تراجعاً لمفهوم الشراكة الوطنية الى الوراء». وذكر مستشار القائمة هاني عاشور في بيان صحافي ان «مفهوم الشراكة الوطنية تراجع الى الوراء ولم يعد مؤثراً بعد قيام ائتلافات جانبية تستبعد كتلاً سياسية بارزة مثل القائمة العراقية، على غير ما كانت تصرح به بعض القوائم قبل الانتخابات وبعدها». وأضاف ان «مشاركة الكتل السياسية التي فازت بالانتخابات مجتمعة لتقرير مصير البلاد اصبح من الماضي، خصوصاً بعد الإصرار على اعادة العدّ والفرز وقرارات هيئة المساءلة والعدالة والتي استهدفت الانتقاص من امتياز القائمة العراقية التي فازت بأعلى الأصوات والذي جاء برغبة الناخبين وإرادتهم». ولفت الى ان «التحالفات الجانبية التي استهدفت ابعاد العراقية تحاول اليوم تشكيل الحكومة بمشاركة بعض اطراف القائمة العراقية، وهو ما صرح به احد قياديي ائتلاف دولة القانون، وكأن هناك اصراراً على تمزيق القائمة العراقية واستبعادها». واتهم البيان «دولة القانون» بأنها «ظلت مصرة على عدم التعامل معها (العراقية)، والتقارب مع قوائم اخرى بهدف استبعادها». ولفت الى ان «العراقية ما زالت متمسكة بحقها بتشكيل الحكومة بوصفها الكتلة الفائزة الأكبر في الانتخابات وأن تجاوزها سيثلم مفهوم الديمقراطية في العراق ويطعن مفهوم الشراكة الوطنية». واتهم القيادي في «القائمة العراقية» اسامة النجيفي الشيعة والأكراد بمحاولة «تقسيم العراق الى ثلاث مناطق». ووصف النجيفي في تصريحات صحافية التحالف بين الائتلافين الشيعيين ب»الخطر الذي يهدد وحدة العراق واستقراره ويعود بالبلد الى اجواء الاحتقان». وأضاف ان «هذا التحالف اعطى صورة طائفية عنه، والكتلة الكردية تسير بذات النهج للأسف الشديد، في حين ان العراقية فيها تنوع وبقيت بنهجها الوطني الذي لا يقبل المحاصصة». ودعا النجيفي الى «اجراء اصلاحات سياسية يثبت فيها برنامج الحكومة المقبلة منع المحاصصة»، لافتاً الى انه «لا بد من حكومة شراكة ومشاركة بين الأطراف الفائزة في الانتخابات، ولكن ليس وفق النهج الطائفي والقومي». وحذر من ان «النهج الطائفي والقومي يدفع بالعراق الى ان يكون شبيهاً بلبنان». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن ميسون الدملوجي المتحدثة باسم «العراقية» ان هذا التحالف «استهدف القائمة العراقية والمشروع الوطني»، ورأت ان «تصميم هذا الاندماج تم من قبل قوى اقليمية» موجهة اصابع الاتهام الى ايران، واعتبرت التحالف الجديد «اندماجاً طائفياً» اعاد العراق الى «نقطة الصفر». لكن عمار الحكيم زعيم «المجلس الأعلى» حاول التخفيف من حدة الانتقادات لهذا التحالف بالتأكيد ان «المجلس الأعلى لن يشارك في حكومة تقصي احد الأطراف منها وتتشكل من جهة دون اخرى». وقال في بيان وزعه مكتبه ان «اعلان التحالف بين الائتلاف الوطني وائتلاف دولة القانون ليس رسالة عدائية ضد أحد وليست على حساب احد بل هو بداية لتوسيع هذا التحالف ليشمل كل الاطراف الفائزة في الانتخابات» مؤكداً ان «الائتلاف الوطني يسعى لتشكيل حكومة ناجحة ونريد حضوراً فاعلاً للجميع». وأضاف ان «جميع الأطراف يجب ان يدعون للمشاركة في الحكومة المرتقبة للبلاد التي يجب ان تكون حكومة شراكة وطنية حقيقية». وبين الحكيم ان «الائتلافين سينكبان منذ اليوم على الحوار والبحث والتفاوض من خلال الجلوس الى طاولة حوار» وأضاف «سيتم تشكيل لجنة ويتم من خلالها التصويت على آلية اختيار رئيس الوزراء المقبل».