بعد يومين من اختتام التيار الصدري مؤتمره الموسع الذي عقد في تركيا بحضور زعيمه مقتدى الصدر ومشاركة نحو سبعين من قيادييه، بدأ التيار باتخاذ خطوات لتنفيذ ما خرج به المؤتمر، فيما رفض الصدر تشكيل حزب سياسي خاص بالتيار، مشدداً على مراقبة عمل الحكومة وكشف اخطائها، وقرر عدم خوض الانتخابات ضمن قائمة «الائتلاف العراقي الموحد» الشيعية. وقال القيادي في الكتلة الصدرية فوزي اكرم ترزي ل «الحياة» ان «المؤتمر كان علامة فارقة في تاريخ التيار الصدري، وضرورة ملحة بعد الصعوبات التي واجهتنا خلال السنوات الخمس الماضية» مشيراً الى ان المؤتمر خرج بتوصيات وافكار كثيرة تخص وضع التيار الصدري في المستقبل. ولفت ترزي، وهو احد الذين شاركوا في المؤتمر، الى ان الصدر قال اثناء اعمال المؤتمر ان «التيار الصدري معادلة كبيرة في الوضع العراقي لا يمكن تجاهلها على رغم الضغوط السياسية والامنية التي واجهها وما زال». واضاف ان «الصدر والقيادات العليا في التيار رفضت بشكل قاطع تحويل التيار الى حزب سياسي، لكون ذلك سيؤدي الى تقليص القاعدة الشعبية الكبيرة له واقتصارها على مجموعة محددة، وهو ما يرفضه الصدر». ويعتبر التيار الصدري نفسه حركة سياسية عسكرية دينية أنشئت في أعقاب الغزو الأميركي للعراق، كانت تضم «جيش المهدي» الجناح العسكري للتيار، قبل قرار تجميده ثم تحويله إلى حركة اجتماعية وثقافية تحت عنوان «الممهدون». وعن سبب اختيار تركيا مكاناً لعقد المؤتمر اشار ترزي الى ان «اختيارها جاء بسبب مواقفها الايجابية تجاه العراق، ابتداء من رفضها طلب الولاياتالمتحدة باستخدام اراضيها لغزو العراق عام 2003، وانها الدولة الوحيدة من دول الجوار التي لم يتسلل مسلحون منها الى العراق، كما ان انقرة لم تغلق سفارتها امام العراقيين على عكس العديد من الدول العربية». والتقى الصدر، الذي لم يظهر بشكل علني منذ عام 2007، بعد وصوله الى انقرة، وقبل انعقاد المؤتمر الذي جاء مفاجئاً ولم يكشف عنه مسبقاً، رئيسي الجمهورية والوزراء التركيين عبدالله غل ورجب طيب أردوغان. ولم يظهر الصدر بشكل علني منذ يونيو (حزيران) 2007 غير أن بياناته وتوجيهاته غالباً ما تعلن عبر متحدثين أو ممثلين له في العراق. وعن موقف الصدر من الاتفاق الامني الذي وقع بين الحكومة العراقية والولاياتالمتحدة بعد دخوله حيز التنفيذ اشار ترزي الى ان «الصدر يرفض الاتفاق الامني، ولا تغيير في موقفه، ونعتقد انه انتداب جديد وصك لشرعنة الاحتلال». وكان التيار الصدري أعلن منذ البداية، وطيلة تسعة شهور استغرقتها المفاوضات لإتمامه، معارضة شديدة للاتفاق الامني بين بغداد وواشنطن، وشن هجوماً لاذعاً على الحكومة والقوى السياسية التي أيدته على رغم إقرار البرلمان له بنهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وينص الاتفاق على انسحاب عسكري اميركي من المدن والقصبات العراقية بنهاية حزيران (يونيو) المقبل يتبعه انسحاب شامل اواخر 2011. وشدد ترزي على ان «اهم ما خرج به المؤتمر هو كيفية خوض التيار الصدري للانتخابات التشريعية المقبلة» في بداية شباط (فبراير) 2110، موضحاً ان «الحاضرين اشاروا الى اخفاق تجربة التحالف ضمن كتلة الائتلاف العراقي الموحد». وأضاف انه «تم الحديث عن رسم خريطة جديدة للتيار الصدري ودراسة الفجوات والاخفاقات التي تعرض لها التيار والعمل على الانفتاح على جميع المكونات العراقية من دون استثناء، كما تم البحث في العلاقة مع المرجعيات الدينية الاخرى». وعن رأي الصدر بالعملية السياسية واداء الحكومة لفت ترزي الى ان «الصدر اشار الى وجود العديد من المشكلات التي تواجه العملية السياسية، وذكّر اثناء اعمال المؤتمر بالخطوة التي اقدم عليها التيار بسحب وزرائه من الحكومة الأمر الذي لم تستثمره الحكومة والكتل البرلمانية، وطالب الكتلة الصدرية في البرلمان بتفعيل الرقابة على عمل الحكومة ومحاسبة المقصرين من الوزراء». في غضون ذلك كشف قيادي بارز في التيار الصدري ل «الحياة» رفض الاشارة الى اسمه الى ان «التيار بدأ باتخاذ اجراءات عملية لتنفيذ بعض بنود ما خرج به مؤتمر تركيا، والبدء في وضع الاساس لتطبيق اهداف المؤتمر»، موضحاً ان «الهدف الابرز هو وقف الحملة الموجهة ضد التيار الصدري والتي تقوم بها الولاياتالمتحدة من خلال دفع اموال طائلة» مشدداً على ان «وضع التيار سيتغير خلال الفترة المقبلة» كاشفاً ان الصدر ما زال موجوداً في ايران وانه سيعود الى العراق قريباً بعد ان وصلت دراسته الدينية في قم الى نهايتها.