«تجاوزنا مرحلة المأساة إلى ما هو أفظع». بهذه الكلمات يلخص الطبيب قاسم الزين وأحد 13 طبيباً يعملون على مدار الساعة في المستشفى الميداني في جرود بلدة عرسال اللبنانية الحدودية مع سورية لإسعاف الجرحى الذين يصلون إلى المستشفى من داخل الأراضي السورية، الوضع الصحي في المنطقة. ويروي الناجون من إصابات جرى تضميدها في المستشفى الميداني الذي تعمل الطواقم الطبية فيه على مدار الساعة، عن أهوال عايشوها في القرى والبلدات التي ينزحون إليها عائلات وأفراداً كلما تقدمت «قوات الجيش النظامي ومسلحو حزب الله» إليها. ويتراوح عدد الجرحى الذين يستقبلهم المستشفى الميداني بين 5 و10 جرحى يومياً. ومعظم هؤلاء يصلون حالياً من فليطا وسحل والجبة التي وصلت إليها معارك النظام السوري. والمصابون نساء وأطفال، إلى جانب رجال يشاركون في المعارك، وجروحهم في معظمها ناجمة عن قصف جوي وآخر بالدبابات. ويتحدث الجرحى عن أقارب لهم دفنوا تحت بيوتهم التي هدمت فوق رؤوسهم وعن مصابين أحياء بقوا تحت الردم لقدرهم، لأن القصف المتواصل حال دون إنقاذهم، وعن جرحى توفوا على الطريق إلى المستشفى الميداني وتركوا على جانب الطريق. أما الجرحى الذين يصلون إلى المستشفى، فهم في معظمهم ممن مضى على إصاباتهم ساعات طويلة، أو نزفوا الكثير من الدماء. والمستشفى الميداني الذي بدأ ب4 أطباء كانوا من ضمن النازحين السوريين وأبرزهم الطبيب قاسم الزين الذي كان الطبيب الوحيد في القصير يضمد جروح المصابين قبل أن ينزح أيضاً إلى عرسال بعد سقوط القصير، انضم إليهم أطباء من قارة ويبرود بعد سقوطهما بيد النظام، وبات عدد الأطباء 13 طبيباً و40 عنصراً من ممرضين وتقنيين طبيين كانوا يعملون في البلدات السورية التي دمرتها الحرب. ويعاني المستشفى الذي يتوقع القائمون عليه المزيد من الإصابات كلما تقدمت جنازير الجيش النظامي في اتجاه البلدات التي تخوض معارك دفاعية، إلى الكثير من الأدوية والمواد الطبية التي تصل بالقطارة واستنفد معظمها. فهذه الأدوية التي تأتي من مستودعات خارج المنطقة تخضع لرقابة الطريق من اللبوة في اتجاه عرسال، ويخشى الكثير من الصيادلة نقلها خشية تعرضهم للتفتيش ومساءلتهم عنها، على أن الطاقم الطبي لا ينكر تعاون الصليب الأحمر اللبناني معه. ويشير أحد الجرحى الذين تماثلوا للشفاء إلى أن «عدد النازحين من يبرود إلى عرسال ضئيل بالمقارنة مع عدد الناس الذين نزحوا من البلدة إلى بلدات سورية مجاورة، ويتوقع حصول مجازر في هذه القرى في حال تعرضت لتطهير مماثل لما حصل في يبرود والقصير». وكان خمسة جرحى سوريين وصلوا إلى بلدة شبعا الحدودية (قضاء حاصبيا)، ونقلت البعثة الدولية للصليب الأحمر 3 منهم إلى مستشفى فرحات في جب جنين. وضمد مسعفو الصليب الأحمر جروح الاثنين الآخرين. وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) سجلت سقوط صاروخين في خراج بلدة حورتعلا (البقاع الشمالي) مصدرهما الأراضي السورية على السلسلة الشرقية ولم يسفرا عن أية أضرار. ونفى لاحقاً رئيس بلدية بريتال سقوط صاروخ بين بريتال وحورتعلا.