ارتفع عدد مشاهدي المناظرات التلفزيونية الثلاث بين زعماء الاحزاب البريطانية (العمال والمحافظون والليبيراليون الديموقراطيون) الى حوالى 40 مليون شخص تقريباً، اذا تم احتساب عدد مشاهدي النشرات الاخبارية التي تحدثت عنها بعد ذلك. ما يعني ان ثلثي البريطانيين ابدوا اهتماماً ملحوظاً بمتابعة مصيرهم قبل اختيار رئيس الوزراء للسنوات الخمس المقبلة في السادس من ايار (مايو) لتشهد الانتخابات اكبر نسبة اهتمام منذ الحرب العالمية الثانية، خصوصاً مع اندفاع الناخبين الشبان لتأييد الديموقراطيين ما قد يجعل التوقعات «مستحيلة ومحيرة» في ظل تغيير معادلة الاقتراع وتركيبة مجلس العموم. وسيتعين على الحكومة المقبلة، اياً يكن الحزب الذي سيُشكلها، اتخاذ «قرارات صعبة ومؤلمة» قد تكون «الاكثر صرامة منذ الحرب العالمية الاولى»، كما نُقل عن ميرفين كينغ حاكم «بنك انكلترا» (المركزي) الذي توقع رفع الضريبة على الدخل بين 3 و6 نقاط مئوية اضافة الى خفض الانفاق العام لسداد الدين، الذي يرتفع بوتيرة سريعة قد تصل الى 1.4 تريليون استرليني على مدى عمر مجلس العموم الجديد، وخفض العجز على مدى العقد المقبل. واشار الحاكم الى ان «رئيس الحكومة الجديد لن يُنتخب ثانية مع حزبه على الاقل لمدة عشر سنوات بسبب قراره زيادة الضرائب». وعلى رغم هذا التشاؤم المالي انقسم البريطانيون الى شرائح متقاربة، كما اشارت استطلاعات الرأي بعد المناظرة الاخيرة ليل الخميس - الجمعة، بين مؤيد لزعيم المحافظين ديفيد كاميرون ونيك كليغ زعيم الليبيراليين وغوردون براون زعيم حزب العمال. ومنذ اليوم السبت وحتى مساء الاربعاء المقبل، عشية انتخابات السادس من ايار، سيتابع البريطانيون على شاشات التلفزيون والصحف صخب المرشحين الطامحين من «الباحثين عن العمل في 10 داوننغ ستريت» كما وصفتهم صحيفة «ذي تايمز». ومع ان نتائج الاستطلاعات تشير الى ان مجلس العموم الجديد، الذي يتألف من 650 مقعداً، سيكون من دون غالبية كافية لأحد الاحزاب لتسلم الحكم وحيداً، الا ان المفاجآت ممكنة بان يستطيع المحافظون اختراق الناخبين الراغبين ب»التغيير» او الخائفين من اوروبا التي يؤيدها الليبيراليون وبعض العمال في حين قد تكون المفاجأة بحصول حزب كليغ على نحو 100 مقعد «ما يجعل التغيير حتمياًً في النظام الانتخابي البريطاني» كما ينادي الليبيراليون. لكن تراجع حزب براون الى المرتبة الثالثة في نيات التصويت لن يمنع حصوله على العدد الاكبر من المقاعد في حين قد يحصل حزب كاميرون على عدد اقل من المقاعد مع حصوله على اعلى نسبة من الاصوات الانتخابية، في مقابل حصول الحزب الليبيرالي على اقل المقاعد رغم حلوله في المركز الثاني شعبياًً. ولا ينظر البريطانيون بارتياح الى «حكومة مختلطة» او «حكومة ائتلافية» بعد تجربة العام 1977 عندما شكل الزعيم العمالي جيمس كالاهان حكومة مع الليبيراليين سقطت بعد اقل من سنة. وامس لجا حزب العمال الى زعيمه السابق توني بلير الذي عاد الى «حلبة النجدة» ليساعد براون في استعادة الاصوات المترددة التي تزيد نسبتها على ربع البريطانيين ولم تُقرر بعد من ستختار. ومع اختيار برلمان من دون غالبية قد يبقى براون موقتاً في الحكم اذا لم يقبل كليغ التحالف معه في حين قد يلجا كاميرون، اذا اقترب حزبه من تحقيق 326 مقعداً، الى تقديم وعود للاحزاب اليمينية الاقليمية في كل من ايرلندا الشمالية ووويلز للحصول على تأييدها وجمع غالبية ولو غير مستقرة لان المحافظين لا يقبلون، مثل العمال، بالنسبية. وتردد الصحافة مقولة ان الناخبين قد يختارون براون، كما فعلوا في العام 1992 عندما اعادوا انتخاب جون ميجور رئيساً للحكومة لأنه «مجرب» بدلاً من المغامرة باختيار زعيم حزب العمال آنذاك نيل كينوك مع اعتقادهم بانه سيقضي على المكاسب المالية التي حققها لهم حزب المحافظين. لكن الصحافة المحافظة تشير الى ان المفاجأة ستكون باختيار كاميرون بغالبية مريحة.