يستعد المخرج السوري أسامة شهاب الحمد، لإطلاق «كواليس المدينة» قريباً، من كتابة وسيناريو وحوار الإعلامية غادة عيد، في ثاني تجربة تلفزيونية له في لبنان، بعد مسلسل «حدود شقيقة» (إنتاج 2013 - كتابة حازم سليمان)، والذي كان العمل الدرامي الأول الذي استند إلى العلاقة اللبنانية - السوريّة، فظهرها بقالب كوميدي حمل الكثير من الرموز الواقعية. ويؤكد الحمد في حديث إلى «الحياة»، أنه أختار نص عيد من بين نصوص كثيرة، ليكون المولود الأول لشركة «الصدى للإنتاج الفني» التي يديرها، موضحاً أن «نص عيد بني على تجربتها الطويلة في مواجهة التدهور في النظام، وبالتالي معرفتها الواقعية بكواليسه وطرقه ومواجهته، وليس مجرد معرفة المشاهد من الخارج، ما يكسب السيناريو والحوار بعداً عميقاً واستقصائياً، عبر شخصياته وخطوطه الدرامية والحبكة». ويشدّد المخرج السوري المولود من أم لبنانية، على شرط الواقعية في عمله الجديد: «العمل سيكون لبنانياً بامتياز، بخاصةٍ من ناحية القصة والأحداث وبالتأكيد من جهة الجغرافيا والفضاء الدرامي والممثلين». ويضيف: «من حق الدراما اللبنانية أن تحدد خياراتها بالطبع، لذا نراها ذهبت باتجاه الإبهار البصري والجمال وقصص الحب التي تدعمها خطوط ثانوية في معظم إنتاجاتها، من دون الغوص في قاع المجتمع الذي يمثل الشريحة الأكبر من الجمهور، وربطه بالطبقات الاقتصادية والاجتماعية الأعلى وفي القمة، الأمر الذي ترك فجوةً درامية كبيرة تختص بكثير من المواضيع والهموم الحياتية الحقيقية الأخرى». ويردف: «كواليس المدينة يسعى، إلى جانب أعمال مستقبلية أخرى على أجندة الشركة إلى ردم هذه الفجوة وإشعار المشاهد اللبناني بأنه جزء مما يشاهده». ويكشف الحمد في هذا الإطار، عن تحضيره تالياً مشروعاً آخر من صميم الواقع اللبناني سيكون أشبه ب «الولادة من الخاصرة» اللبناني، من دون أن يتطرق إلى مزيد من التفاصيل. وتبدأ عمليات التصوير خلال عشرة أيام، في حين تتكتم الشركة المنتجة على أسماء الأبطال بانتظار التوقيع الرسمي، لكن «الحياة» علمت أن من أبرز الأسماء المرشحة حتى الساعة كارمن لبّس وعمّار شلق وطلال الجردي، إلى جانب بعض ضيوف الشرف العرب. توافق الكاتبة عيد وصاحبة برنامج «الفساد»، رؤية الحمد شارحة الأسباب التي دفعتها إلى التوجه نحو الكتابة الدرامية. تقول في اتصال مع «الحياة»: «في الأساس، أنا خريجة مدرسة الصحافة المكتوبة، لذا الكتابة ليست طارئة علي، بالطبع اجتهدت في العمل وتطوير مهاراتي لملاقاة متطلبات كتابة السيناريو التلفزيوني». وتشرح دوافعها لاختيار موضوع عملها الأول الذي يعالج ملفات الانفلات والإصلاح في المقابل، وظواهر اجتماعية عبر نماذج موجودة واقعاً، مثل «القاضي السيئ مقابل الجيد، وأزمة المخدرات بين الشباب، والمحسوبيات في النظام اللبناني حيث تتفشى الوساطات». وتوضح أن «غياب الدراما اللبنانية مطولاً عن تغطية هذه المواضيع المصيرية» استفزّها لتناولها، مضيفةً: «تعرية الظلم عبر الدراما هو طريقة أخرى للمواجهة، وربما أكثر تأثيراً من الصحافة والوسائل الإعلامية الأخرى. وتلفت في هذا السياق، إلى أنها في برنامجها لم تستطع الإضاءة على بعض زوايا الشر لأسباب مختلفة خارجة عن إرادتها، من بينها رفض بعض ضحاياه الظهور أو التحدث عن معاناتهم، لذا هي تعوّض الآن في الدراما حيث وجدت مساحةً أكبر وحريةً أوسع في عرض ما تريد، إذ تملك شخوصها وحكاياتهم. ورداً على سؤال حول الخوف من مقص الرقيب، تجيب عيد بأن النص قطع شوطاً متقدماً في مساره الطبيعي لدى الأمن العام اللبناني، مشيرةً إلى «اطمئنانها لتفهّم هذا الجهاز الحكومي لما يتبناه النص على رغم جرأته في التطرق إلى جوانب لم تطرح من قبل درامياً، وتضمنه نماذج حقيقية شديدة التعفن في الدولة، فوجودها حقيقي لا يمكن إنكاره، إضافة إلى عدم وجود ما يمسّ بالآداب العامة مثل بعض الأعمال الأخرى التي اقتطع منها». وتكشف عيد أن من الخطوط الأساسية في «العمل»، قصة حب بين طرفين يعكفان على صراع بعض أنواع الضلال، ومواجهات في كواليس السياسة والسجون والقضاء والأمن والجامعات، إلا أنها تشدّد على أن قصة الحب هذه ترفد الخطوط الأخرى ومعاناة الناس على «عكس السائد حالياً في الدراما، حيث تسخّر الخطوط كلها من أجل قصة الحب». وتكشف أيضاً أن كثيراً من شخوصها حقيقيون، والعديد من أحداثها جرت فعلاً، لكنها خضعت للتطوير الدرامي. يبدو من تحضيرات مشروع «كواليس المدينة»، أن صنّاعه مصرون على تحقيق نقلة في الدراما اللبنانية، إذا ما نجحت ستفرض على بقية الإنتاجات المحلية الالتفات أكثر إلى الدراما الواقعية وعدم التركيز في الغالب على ثلاثي «الفاتنة والوسيم والجمال».