لم يتوقع محمد عيسي عسيري أن تسهم تداعيات قراره الخاص في الهجرة إلى أريتريا، في تكبد أبنائه الخمسة معاناةً كبيرةً، نتيجة فشل محاولاتهم الحثيثة الهادفة إلى الحصول على الجنسية السعودية، ما جعلهم يصنفون ضمن الأفراد الذين لا ينتمون لأي دولة. عبدالرحمن عسيري (أحد الأبناء) في العقد الخامس، قال ل «الحياة»: «بدأت معاناتنا مع فقدان هويتنا السعودية، عندما غادر والدي قريته في تهامة عسير متوجهاً إلى أريتريا من طريق منطقة جازان في عام 1944م، واستقر هناك وتزوج والدتي وأنجبني أنا وشقيقاتي الأربع». وأضاف: «تلك الفترة لم تكن هناك سفارة للحكومة السعودية في أريتريا، وكان الإثبات الوحيد لدينا هو شهادات الميلاد». ولفت إلى أن والده توفي بعد بلوغه الثالثة، وقال «توفي والدي عام 1969 في مدينة مندفرا بأريتريا، وبعد وفاته بسنوات قامت الحرب الأهلية في أريتريا، وعشنا ظروفاً قاهرةً، ما دفع والدتي للهجرة إلى السودان خوفاً علينا من الأوضاع المأساوية». وزاد: «في السودان تعرضت لحادثة سير، فقدت معها القدرة على المشي، وفي عام 1977، قررت العودة إلى وطني «السعودية» والبحث عن أهل والدي». ولم يتوقع عسيري أن بحثه عن عائلة والده سيسبب له مشكلة، لاسيما وأن والدته لا تعلم الكثير عن أهل زوجها، سوى أنه من عسير، وقال: «كانت والدتي تعتقد أن عسير اسم لقرية والدي، واكتشفت أن عسير منطقة كبيرة من الصعب البحث فيها خصوصاً أن والدي تركها منذ سنوات طويلة». وأوضح أنه تقدم إلى إمارة منطقة مكةالمكرمة بطلب استرداد هويته السعودية في عام 1406، وقال: «لم أكتف بالبحث عن أهل والدي، إذ تقدمت بمعاملة لإخراج بطاقة أحوال، وإثبات هويتي لدى إمارة منطقة مكةالمكرمة». وأضاف: «تم تحويل المعاملة إلى أحوال المنطقة التي طلبت مني إحضار شهود إثبات لعدم معرفتي باسم قريتي، والفخذ الذي أنتمي إليه كما هو متبع نظامياً». ولفت إلى أنه بحث عن أصدقاء لوالده من السعوديين كانوا معه في أرض المهجر، وقال : «استطعت أن أحضر شاهدين لإثبات أن والدي سعودي الجنسية، من أصدقائه الذين تعرف عليهم أثناء إقامته في أريتريا». وأضاف: «للأسف إن المعاملة تم حفظها من قبل أحوال محافظة جدة بعد شهادة الشهود الذين أكدوا للمسؤولين فيها معرفتهم بوالدي». مؤكداً أنه يعيش دون إثبات هويته منذ أن حفظت معاملته في أحوال منطقة مكةالمكرمة في عام 1418، وقال: «لم أترك باباً إلا طرقته بهدف إعادة المعاملة من جديد، حتى أستطيع إثبات هويتي وأحصل عليها، ولكن محاولاتي باءت بالفشل لاسيما أن المعاملة محفوظة في أحوال محافظة جدة».