وصية المؤسس لولي عهده    القيادة تعزي الرئيس التركي في ضحايا حريق منتجع بولو    سليمان المنديل.. أخ عزيز فقدناه    أمير القصيم يتسلم تقرير كرنفال بريدة للتمور    بين الإعلام والتقنية.. حروب بلا أسلحة    الدرونز بين التقنية والإثارة الرياضية    تعزيز الأثر    مسؤولون: الجيش الأميركي يستعد لإرسال 1500 جندي إضافي إلى الحدود    هندسة الحروب بين الشعوب!    في نجاح الأعمال ليس للصمت مكان    ماذا بعد ال"تيك-توك" ؟    الحزم والباطن والجبيل يتغلبون على أحد والعين والصفا    تسويق الأندية الرياضية الأربعة الكبار    "المطيري": استراتيجية جديدة ونقلة نوعية قادمة للعبة التايكوندو    وزير الخارجية يستعرض المستجدات مع نظيريه الفرنسي والإسباني    سعود بن نايف يكرم الداعمين لسباق الشرقية الدولي للجري    مختل «يذبح» جاره في مصر.. مصدر أمني ل«عكاظ»: القاتل يهذي بكلمات غير مفهومة    سلطان بن سلمان: برامج رؤية 2030 تسهم في تمكين وتفعيل فئات المجتمع بمختلف الأنشطة    الدفاع المدني: أمطار رعدية على مناطق المملكة حتى الإثنين القادم    أمير الرياض يطّلع على جهود مركز ذوي الإعاقة بالحمراء    وزير العدل يلتقي السفير الصيني    شهقة ممصولة    الإرجاف أفعى تستهدف بسمّها الأمن الوطني..    ندوة الإرجاف    المجتمع السعودي والقيم الإنسانية    ثقافة الابتسامة    نموذج الرعاية الصحية.. الأثر والرعاية الشاملة !    مستشفى الملك فهد الجامعي يجدد اعتماد «CBAHI» للمرة الرابعة    الفن التشكيلي السعودي في كتاب    "لسان الطير"    فرنسا تبدي قلقا كبيرا إزاء «تصاعد» التوترات الأمنية في الضفة الغربية    الباحة تتصدر المدن بالتغيير نحو الانخفاض بأسعار العقار    خدمة 4385 عميلا افتراضيا بالموارد البشرية    اختتام المخيم الكشفي التخصصي على مستوى المملكة بتعليم جازان    فرص للاستثمار بالقطاع الرياضي بالمنطقة الشرقية    "ملتقى القصة" يقدم تجربة إبداعية ويحتضن الكُتّاب    السعودية تستضيف نهائيات كأس آسيا تحت 17 عاماً لكرة القدم    وزير الخارجية يستعرض العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها مع نظيره الإندونيسي    النمور تفتك بالليوث    الخطيب: أعداد السياح ستضع "السياحة السعودي" بالمراكز ال7 الأولى عالميًا    سوريا مساعٍ حثيثة للإصلاح ومنع الحرب الأهلية    أعمال العنف تؤكد رغبة إسرائيل في تعزيز الاستيطان    شراكة علمية بين مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة وجامعة الجوف    أنطلاق بطولة مهارات التفوق الغذائية للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية    وكيل محافظ الطائف يشهد حفل تكريم 850 طالباً وطالبة بالتعليم    جرد مصادر المعلومات لتطوير 153 مكتبة عامة    دبلوماسي سعودي رفيع المستوى يزور لبنان لأول مرة منذ 15 عاما    رابطة العالم الإسلامي تعزي تركيا في ضحايا الحريق بمنتجع بولاية بولو    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تعقد ورشة عمل عن أسس ترميم المخطوطات والوثائق    حسام بن سعود: التطوير لمنظومة العمل يحقق التطلعات    بدء أعمال المرحلة الثانية من مشروع تطوير الواجهة البحرية لبحيرة الأربعين    الأمير محمد بن ناصر يدشن المجمع الأكاديمي الشرقي بجامعة جازان    أنغولا تعلن عن 32 حالة وفاة بسبب الكوليرا    الفائزيون بجائزة الأميرة عادلة بنت عبدالله في دورتها الرابعة    انخفاض في وفيات الإنفلونزا الموسمية.. والمنومون ب«العناية» 84 حالة    10 % من قيمة عين الوقف للمبلّغين عن «المجهولة والمعطلة»    وفد "الشورى" يستعرض دور المجلس في التنمية الوطنية    كيف تتخلص من التفكير الزائد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مزاج سياسي أميركي جديد بين ليبراليّة ترامب واشتراكيّة ساندرز
نشر في الحياة يوم 22 - 01 - 2016

بلورت السجالات الانتخابية بين المرشحين للانتخابات الرئاسية الأميركية، معالم تيارات سياسية عريضة تخترق جسد الحزبين الديموقراطي والجمهوري، ترسمها اصطفافات وانقسامات سياسية ومجتمعية جديدة ما عادت الثنائية الأميركية التقليدية الجمهورية الديموقراطية تمثّلها أو تعبر عنها.
نرى ذلك في شعبية دونالد ترامب المتصاعدة وتقدُّمه الثابت على بقية المرشحين الجمهوريين وأزمته مع المؤسسة الحزبية الجمهورية، وهو الدخيل على الطبقة السياسية التقليدية والقادم من عالم المال والأعمال.
مثل على ذلك، طابع السجال الذي انفجر خلال المناظرة التلفزيونية الجمهورية الأخيرة بين ترامب النيويوركي، والمرشح الجمهوري المنافس السيناتور عن ولاية تكساس تيد كروز، ابن المهاجر الكوبي، الذي يحظى بدعم المسيحيين المحافظين في الحزب الجمهوري. فقد اعتبر كروز أن ترامب لا يمثل المحافظين في الحزب الجمهوري، لأن مدينة نيويورك لا يمكن أن تصدر قيماً محافظة، بل على العكس، إذ تشكّل معقلاً للثقافة الليبرالية التي تزدهر جنباً الى جنب مع أسواق المال والأعمال وصخب الإعلام.
اللافت، أن ترامب لم يكن وحده في الدفاع عن قيم مدينة نيويورك والرد على هجوم كروز الجمهوري المحافظ، بل انضمّ إليه ديموقراطيون أبرزهم المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون، وهي أيضاً من المقيمين في نيويورك ودخلت الى مجلس الشيوخ الأميركي كممثلة للولاية في تسعينات القرن الماضي. لم تتردد كلينتون في القول أن ترامب هذه المرة على حق، لأنه يدافع عن قيم مدينة نيويورك وليبراليتها ورمزية حضورها في الثقافة الأميركية ونمط الحياة الأميركية.
مثل آخر يصحّ الاستدلال من خلاله على معالم إعادة تشكيل الخطاب السياسي الأميركي، يمكن رصده أيضاً في الحضور القوي للسيناتور عن ولاية فيرمونت بيرني ساندرز، الدخيل على الحزب الديموقراطي، والذي تظهر أرقام آخر استطلاعات الرأي اقترابه من هيلاري كلينتون، المرشّحة الديموقراطية الأوفر حظاً.
هنا أيضاً السجال يدور حول نيويورك، حيث يعتبر ساندرز، الديموقراطي الاشتراكي المدافع عن الفقراء، أن كلينتون تمثل قيم «وول ستريت» وأصحاب الأموال والثروات والبنوك التي تنهب الطبقة الوسطى الأميركية. فيما تنتقد كلينتون مواقف ساندرز المحافظة في مسألة حقوق حيازة الأسلحة، وتعتبره منقاداً لنفوذ لوبي شركات السلاح الذي يقدّم له التبرعات ويساهم في تمويل حملاته الانتخابية، وأن هذا الاشتراكي الأميركي يبرر هذه المواقف المحافظة بأنها تعبّر عن آراء ناخبيه في ولاية فيرمونت في الغرب الأميركي، حيث ما زالت مسألة اقتناء الأفراد السلاح الفردي في صلب الثقافة السائدة ومن التقاليد السائدة في حياة الناس اليومية، وبالتالي فإن المسّ بها يشكل خرقاً للبند الثاني في الدستور الأميركي، الذي ينصّ على أن اقتناء السلاح بهدف الدفاع عن النفس والممتلكات حق مقدس للمواطن الأميركي، وتتفق وجهة النظر هذه مع القيم الجمهورية المحافظة التي اصطدمت بها محاولات الرئيس الأميركي باراك أوباما، لإجراء تعديلات على القوانين الأميركية المتعلّقة بحيازة الأسلحة للحدّ من ظاهرة حوادث إطلاق النار، التي يسقط ضحيتها أكثر من ثلاثين ألف أميركي سنوياً. وقد اكتفى أوباما بالإعلان عن إجراءات خجولة تفرض بعض القيود على شراء الأسلحة، مستعيناً لتنفيذ هذه الإجراءات بصلاحياته الرئاسية التي يمنحه إياها الدستور لتجاوز سلطة الكونغرس الذي تسيطر عليه غالبية جمهورية.
يعبّر ترامب وساندرز عن مزاج سياسي جديد في المجتمع الأميركي، ما عادت القوالب السياسية التقليدية للحزبين الجمهوري والديموقراطي قادرة على التعبير عنه. فالشارع الأميركي بجناحيه اليساري واليميني، غاضب على الطبقة السياسية التقليدية في الحزبين كونهما يتناوبان الحكم في البيت الأبيض ومبنى الكابيتول. ويعرف هذان المرشحان الاستثمار في هذا الغضب وتحسين مواقعهما السياسية. ترامب بمواجهة مؤسسة الحزب الجمهوري والعائلات السياسية التقليدية التي تهيمن على قيادة الحزب، وكذلك لمواجهة الجناح الديني المحافظ الذي أصبح قوة مقررة لا يمكن تجاوزها، فيما يواجه ساندرز نفوذ آل كلينتون الذي يسري في شرايين مؤسسات الحزب الديموقراطي.
قد يكون مبكراً تحديد هوية المزاج السياسي الجديد الذي تشهده الحياة السياسية الأميركية، أو محاولة تفسيره بعدد من الظواهر المقلقة التي باتت أخطارها تشكّل تهديداً جدياً للأمن الاجتماعي، كظاهرة تفشّي العنصرية والتمييز ضد الأقليات من مسلمين ومهاجرين من أصول لاتينية والمواجهة المفتوحة بين الأميركيين من أصول أفريقية ومؤسسة الشرطة الأميركية. لكن ما ستسفر عنه الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشحي الحزبين للانتخابات الرئاسية، سيظهر ما إذا كان في إمكان المزاج السياسي الجديد أن يعبر عن نفسه من خلال خوض الانتخابات بمرشح مستقل عن الحزبين، وهو أمر وارد بالنسبة الى ترامب، الجمهوري الليبرالي، وكذلك لساندرز الديموقراطي الاشتراكي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.