دخل اتفاق السلام في منطقة وادي سوات القبلية الباكستانية في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي، نفقاً مظلماً أمس، بتواصل عمليات الجيش، في مقابل إعلان مسلحي حركة «طالبان» حال الاستنفار القصوى واعتبارهم الاتفاق لاغياً. وأعلن الجيش ان جنوده قتلوا أكثر من 80 من عناصر «طالبان»، بينهم حوالى 20 انتحارياً استعدوا لتنفيذ عمليات ضد قواته ومنشآت حكومية في مناطق مختلفة، فيما أعلنت مصادر في إسلام آباد أن عدد القتلى في منطقتي بونير ودير السفلى المجاورتين لسوات تجاوز 1600، منذ بدء العمليات العسكرية قبل عشرة أيام. وأشارت الى نزوح أكثر من 80 ألف قروي من منازلهم التي قصف سلاح المدفعية التابع للجيش بعضها لئلا يستخدمه متشددون. (راجع ص 8) في المقابل، أعلن أمير عزت، الناطق باسم الملا صوفي محمد، مؤسس حركة «تطبيق الشريعة» «وفاة» اتفاق السلام الذي أبرمه صوفي محمد مع حكومة الإقليم الحدودي الشمالي الغربي في شباط (فبراير) الماضي، وذلك نتيجة إطلاق الجيش عملياته وإعلان الحكومة الإقليمية إنشاء دار القضاء الإسلامي في بيشاور وليس سوات، وتعيين قضاة من المحاكم المدنية فيها من دون التشاور مع حركة «تطبيق الشريعة». وطالب عزت المقاتلين بالتعامل مع الاتفاق باعتباره «منتهياً ولا وجود له»، متهماً إسلام آباد بالرضوخ للضغوط الأميركية من اجل منع تنفيذ الاتفاق. وترجم ذلك ميدانياً برفض المسلحين التزام قرار الجيش حظر التجول في سوات، اذ سيّروا دوريات فيها وأقاموا حواجز على طرق مؤدية إليها. وأقرّ الناطق باسم «طالبان» مسلم خان بمسؤولية مقاتلي الحركة عن قطع رأسي ضابطين باكستانيين بعد أسرهما، للانتقام من «إعدام» الجيش قائدين عسكريين للحركة في سوات. وفيما تواصل إطلاق النار المتقطع وإطلاق قذائف «هاون» في بونير، أكد الناطق باسم الجيش اللواء أطهر عباس ان القوات الحكومية تحتاج إلى أكثر من أسبوع للسيطرة على البلدة. وعشية القمة الثلاثية المصغرة التي ستجمع الرئيس الأميركي باراك اوباما مع نظيريه الأفغاني حميد كارزاي والباكستاني آصف علي زرداري في واشنطن، أعلن وزير الداخلية الباكستاني رحمن مالك ان أفغانستان هي مصدر تهريب الأسلحة والذخائر والأموال الى مقاتلي سوات. وأمس، أكد رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية الأميرال مايكل مولن ان الترسانة النووية لباكستان «بمأمن»، ولن تسقط في أيدي متطرفين. وقال: «ما زلت واثقاً من ان الأسلحة النووية في باكستان بمأمن، لكننا قلقون جميعاً من خطر سقوطها في أيدي طالبان»، علماً ان صحيفة «نيويورك تايمز» أفادت أمس بأن إدارة اوباما تخشى إمكان استيلاء متطرفين على أسلحة نووية خلال نقلها، أو إدخال مؤيدين لهم الى مختبرات او منشآت لإنتاج الوقود النووي. في أفغانستان، قتل 29 شخصاً على الأقل بينهم رئيس بلدية وطفلان في ثلاثة هجمات منفصلة نفذها عناصر من حركة «طالبان» شرق البلاد وجنوبها. وفجر انتحاري قنبلة في حوزته، قرب سيارة محمد رحيم، رئيس بلدية في ولاية لقمان (شرق) المجاورة لكابول، ما تسبب في مقتل الأخير وثلاثة من حراسه إضافة الى ثلاثة مدنيين. وانفجرت قنبلة أخرى وسط المارة في ولاية زابل (جنوب)، ما أدى الى مقتل 12 منهم بينهم طفلان و6 نساء. كما هاجم مقاتلو الحركة موقعاً لجسر قيد الإنشاء قرب مدينة «قلعة»، كبرى مدن الولاية ذاتها، وقتلوا ستة حراس واثنين من المارة. وكان متمردو «طالبان» حذروا الأسبوع الماضي من انهم سيضاعفون هجماتهم ضد حكومة كارزاي وممثليه المحليين، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأفغانية المقررة في 20 آب (أغسطس) المقبل.