تساءل وزير الخارجية عادل الجبير، في مقالٍ نشر له أمس (الثلثاء) في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية عن إمكان تغير السياسة الإيرانية وتحولها عن مسار دعم التطرف والإرهاب إلى سياسة «الصداقة مع دول الجوار»، التي زعم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في مقالةٍ له في الصحيفة ذاتها الأسبوع الماضي، أنها أولوية لحكومة الرئيس حسن روحاني. وبعنوان «هل تستطيع إيران التغير؟»، استعرض الجبير أسباب الموقف السعودي والدول الخليجية الحليفة لها «الملتزم بمقاومة التمدد الإيراني، وبالرد بقوةٍ على تصرفات إيران العدائية»، بحسب وصف الوزير، منطلقاً من تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ ثورة عام 1979، وأساس بنائها السياسي، وسلوكها السياسي داخلياً وإقليمياً، خصوصاً في ما يتعلق بدعم الإرهاب والتطرف. وقال الجبير: «ظاهرياً، قد تبدو إيران تغيرت. ونحن نعترف بخطوات إيران الأولية تجاه اتفاق وقف برنامجها للتسلح النووي، ونعرف حتماً أن قطاعاً واسعاً من الشعب الإيراني يريد حريةً أكبر داخلياً، وعلاقات أفضل خارجياً مع دول الجوار والعالم»، مستدركاً بأن «الحكومة الإيرانية لا تريد ذلك». وأكد الجبير أن السلوك السياسي الإيراني منذ ثورة 1979 لم يتغير، مشيراً إلى أن الدستور الإيراني نصّ على هدف تصدير الثورة، وأنه «تبعاً لذلك، فإن إيران دعمت الجماعات المتطرفة كحزب الله في لبنان والحوثي في اليمن والميليشيات الطائفية في العراق». وذكّر الجبير أن إيران وأذرعها كانوا محل اتهام في عددٍ من الهجمات الإرهابية حول العالم، ومنها تفجير البحرية الأميركية في بيروت 1983، وتفجير أبراج الخبر 1996، وحوادث الاغتيالات في مطعم ميكونوس في برلين 1992، وأن عدد التقديرات تشير إلى أن القوات التي تدعمها إيران تسبب في مقتل أكثر من 1100 مقاتلٍ أميركي في العراق منذ 2003. وذكر الوزير الجبير أن «إيران تستخدم الهجمات على المواقع الديبلوماسية كأداةٍ لسياستها الخارجية»، وأن «الاعتداء على السفارة الأميركية 1979 في طهران لم يكن سوى البداية»، مواصلاً تذكيره بالاعتداءات على سفارات بريطانيا والدنمارك والكويت وفرنسا وروسيا والسعودية، وعلى الديبلوماسيين الأجانب والمعارضين السياسيين داخل إيران أو خارجها بيد أذرعها. وتوقف الوزير الجبير عند دعم إيران ل«حزب الله»، مستعرضاً أثر ذلك الدعم على الحال السياسية داخل لبنان وخارجها، وتحديداً في سورية، ما أدى إلى توسع ما يسمى ب«داعش». واقتبس الجبير ما جاء في تقارير الخارجية الأميركية عن الإرهاب، والذي أشار في 2014 إلى أن «إيران قدمت التمويل والتدريب لدعم نظام الأسد ما تسبب في مقتل ما لا يقل عن 191 ألف شخص»، كما أن تقرير 2012 ذكر أن «النشاط الإرهابي لإيران وحزب الله وصل حدوداً غير مسبوقة منذ التسعينات الميلادية». وأشار الجبير إلى أنه «في الوقت الذي تزعم إيران أن الأولوية في سياستها الخارجية هو للصداقة مع دول الجوار، فإن سلوكها يظهر العكس من ذلك»، مضيفاً «إن إيران مقتنعة بأن المبادرات التصالحية هي مؤشر على الضعف، سواءً جاءت هذه المبادرات من إيران أم من مناوئها». ودلل الجبير على هذا السلوك الإيراني بأن «إيران اختبرت صواريخاً باليستية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بعد أشهرٍ من توقيعها للاتفاق النووي، وذلك في خرقٍ لقرارات مجلس الأمن في الأممالمتحدة، وأنها أطلقت في كانون الأول (ديسمبر) الماضي صواريخاً على سفنٍ أميركية وفرنسية في المياه الدولية»، مضيفاً أن «المرشد الأعلى للثورة الإيرانية لم يتوقف منذ توقيع الاتفاق النووي عن الدفاع عن شعار (الموت لأميركا)». وأكد الوزير الجبير أن السعودية «لن تسمح لإيران بالتعرض لأمنها أو أمن أيٍ من حلفائها، وأن السعودية ستدفع أي محاولات لذلك»، مشدداً على أن المزاعم الإيرانية بأن السعودية تدعم نشر التطرف هي «أكاذيب غريبة»، مستعرضاً حقيقة أن إيران وصمت دولياً بأنها دولة راعية للإرهاب، وأنها خضعت للعقوبات الدولية لدعمها للإرهاب، وأن أسماء مسؤوليها على قوائم الإرهاب، وأن أحد عملائها حُكم عليه بالسجن في أميركا لمدة 25 عاماً بتهمة التخطيط لاغتيال السفير السعودي في واشنطن. واختتم وزير الخارجية عادل الجبير مقالته بالتذكير بأن السعودية كانت ضحية الإرهاب، وغالباً بيد حلفاء طهران، وأنها كانت على الدوام في مقدم الدول المحاربة للإرهاب والمتعاونة مع حلفائها في ذلك. وتساءل الجبير: «السؤال الحقيقي هو هل تريد إيران أن تعيش وفق قواعد النظام الدولي، أو أن تبقى دولة ثورية ملتزمة بالتوسع الثوري وخرق القوانين الدولية؟»، مؤكداً «إننا نريد إيران التي تعمل على حل المشكلات بطريقةٍ تسمح للناس للعيش بسلام»، مستدركاً بأن «هذا يتطلب تغييراً في السياسة الإيرانية والسلوك الإيراني، وهو ما سننتظر لنراه».