عاد اسم وليد الكردي، صهر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والذي دين بقضايا فساد، إلى واجهة المشهد الأردني إثر أنباء أوردتها مواقع أخبار محلية، بعضها قريب من مؤسسات القرار، أشارت إلى أن الكردي الذي تقول الحكومة إنه يقيم في لندن، دخل المملكة أخيراً من دون ان يتعرض إلى أي ملاحقة قضائية أو استدعاء من السلطات. ودفعت هذه الأنباء الناطق باسم الحكومة الأردنية الوزير محمد المومني إلى الخروج أمام الصحافة أمس ونفي هذه الأنباء بشكل قاطع، والتأكيد أن الكردي لم يدخل الأراضي الأردنية منذ إدانته بأعمال فساد كبيرة تجاوزت مئات ملايين الدولارات. وكانت محكمة أردنية قضت العام الماضي على الكردي بالسجن 22 عاماً ونصف العام، ودفع غرامة مالية قيمتها نحو 253 مليون دينار، أي ما يعادل 356 مليون دولار، لإدانته بالفساد. وقالت محكمة جنايات عمان إنها أصدرت حكمها على الكردي، وهو رئيس مجلس إدارة شركة مناجم الفوسفات الأردنية السابق، الملقب ب «إمبراطور الفوسفات»، لإدانته باستثمار الوظيفة العامة في القضية المعروفة ب «بيع منتجات الفوسفات». كما أصدرت حكماً آخر يقضي بسجنه 15 عاماً وتغريمه 31 مليون دينار، أي نحو 44 مليون دولار، لإدانته باستثمار الوظيفة في قضية «عقود الشحن البحري». وصدرت هذه الأحكام غيابياً بحق الكردي لكونه فاراً من «وجه العدالة». وقال المومني إن «الكردي غير موجود على اراضي المملكة، وإن هناك حكماً غيابياً صدر بحقه». وأضاف أن «الحكومة لم ترسل بعد مذكرة الجلب إلى الدول التي يقيم فيها الكردي، لكن الإجراءات مستمرة في هذا السياق»، من دون ان يتطرق إلى طبيعة هذه الاجراءات، لكنه اوضح ان «الحكومة تقوم بمخاطبة الدول لاقامة الحجز التحفظي على الاموال المنقولة وغير المنقولة للكردي». واستطرد: «هناك خطوات تعتزم الحكومة، من خلال وزارة العدل، السير بها على مراحل»، مشيراً الى ان القضية برمتها «باتت في عهدة النيابة العامة». ولم تفلح اتفاقية قضائية وقعها الأردن مع بريطانيا العام الماضي في استرداد الكردي إلى عمان. وأثار الموقف البريطاني تساؤلات عن حقيقة الاتفاقية التي تسلم الأردن على اثرها رجل الدين عمر محمود عثمان الشهير ب «أبو قتادة» الذي يحاكم حالياً أمام القضاء الأردني بتهم الإرهاب. وكانت الحكومة الأردنية أكدت اثناء مناقشة الاتفاقية امام البرلمان أنه سيتم بموجبها استرداد الكردي، وأنها لا تتعلق ب «أبو قتادة» فقط. وقالت تقارير محلية الشهر الماضي إن الكردي تردد على دولة الإمارات العربية مرتين خلال الفترة القليلة الماضية، كما تردد على جزيرة بالي الإندونيسية، وسلطنة بروناي التي تعتبر حكومتها شريكاً أساسياً في شركة الفوسفات التي أدارها الكردي نفسه. واستخدمت الحكومة قضية الكردي، ومن قبلها قضية مدير المخابرات السابق محمد الذهبي القابع بسجن سواقة جنوب البلاد اثر إدانته بالفساد، كأدلة على أن لا حصانة لأي متهم بسرقة المال العام مهما كانت درجة سطوته وعلاقته برموز النظام. لكن المعارضة، خصوصا الإسلامية، رأت أن تنقل الكردي خارج المملكة بنوع من الحرية، يثير تساؤلات عن مدى جدية ملاحقته من الشرطة الدولية (إنتربول)، ويشكّك في أحاديث الحكومة عن محاربتها الفساد. غير ان رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح بينو نفى تراجع الأردن عن مكافحة الفساد، وقال ل «الحياة» إن مجموع القضايا التي تعاملت معها الهيئة منذ نهاية عام 2010 تجاوز 2900 قضية، أحيل منها على القضاء 358، في حين تم حفظ نحو 1699، ولا تزال 282 قضية تحت التحقيق والمتابعة. وأضاف أن «مكافحة الفساد في الأردن قضية استراتيجية، وهناك إرادة سياسية جدية، لكن القضاء لديه أصول للمحاكمات تأخذ وقتاً يراعي حق المواطن وضرورة الأخذ بكافة الأدلة».