قضت محكمة أردنية أمس على وليد الكردي زوج الأميرة بسمة بنت طلال، عمة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، بالسجن 22 عاماً ونصف العام، ودفع غرامة مالية قيمتها نحو 253 مليون دينار، أي ما يعادل 356 مليون دولار، لإدانته بالفساد. وقالت محكمة جنايات عمان إنها أصدرت حكمها على الكردي، وهو رئيس مجلس إدارة شركة مناجم الفوسفات الأردنية السابق، الملقب ب «إمبراطور الفوسفات»، لإدانته باستثمار الوظيفة العامة في القضية المعروفة ب «بيع منتجات الفوسفات». كما أصدرت حكماً آخر يقضي بسجنه 15 عاماً وتغريمه 31 مليون دينار، أي نحو 44 مليون دولار لإدانته باستثمار الوظيفة في قضية «عقود الشحن البحري». وصدرت هذه الأحكام غيابياً بحق الكردي لكونه فاراً من «وجه العدالة»، كما جاءت الأعلى في قضايا الفساد التي أحيلت على القضاء خلال العامين الماضيين، على وقع مطالبات متواصلة بالإصلاح ومحاربة استغلال السلطة. وعممت المحكمة ذاتها في وقت سابق على الكردي، وطالبت الشرطة الدولية (الانتربول) باسترداده من المملكة المتحدة لاتهامه رسمياً بقضايا فساد تجاوزت مئات ملايين الدنانير خلال توليه رئاسة مجلس إدارة الفوسفات ورأسمالها 75 مليون دينار أردني للأعوام (2007- 2012)، كما أصدرت قراراً بالحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة. واستقال الكردي من رئاسة الشركة بعد جدل كبير في شأن المالك الحقيقي لها، وبعد إعلان تخصيصها. وألمح رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور إلى أن بلاده تعمل حالياً على جلب الكردي الهارب إلى لندن، وذلك أثناء مناقشته وأعضاء البرلمان أمس تفاصيل اتفاقية جديدة لتبادل المطلوبين وقعتها الحكومة الأردنية أخيراً مع نظيرتها البريطانية. وقال إن هذه الاتفاقية «لا تتعلق فقط بالمطلوبين الأمنيين، وإنما بأشخاص آخرين يمكن أن نطالب بهم»، في إشارة واضحة إلى الكردي. وترافقت هذه التصريحات مع تأكيد رئيس هيئة مكافحة الفساد الأردنية (مؤسسة رسمية) سميح بينو بأن هناك شخصية اعتبارية مهمة «قد تحال على القضاء قريباً»، من دون أن يذكر التفاصيل. وأصدر القضاء الأردني في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي حكماً بحق مدير جهاز المخابرات السابق الفريق المتقاعد محمد الذهبي يقضي بسجنه 13 عاماً لإدانته بتهم غسيل الأموال والاختلاس، إضافة إلى استثمار الوظيفة العامة. إلى ذلك، حافظت مدينة معان جنوب الأردن على هدوئها الحذر لليوم الثاني على التوالي، على رغم الوجود الأمني الكثيف أمام المؤسسات العامة والخاصة وعلى مداخل المدينة. ولم تقع أي أعمال عنف بين قوات الشرطة والمواطنين المحتجين على مقتل اثنين من أبناء مدينتهم برصاص الأمن الأسبوع الماضي بعد أن أعلنت أمس السلطات المركزية اعتقال 7 أشخاص ظهروا عبر مقاطع فيديو وهم يمثلون بجثث القتيلين ويرددون عبارات ثأرية. وعادت الحركة الاعتيادية إلى طبيعتها داخل المدينة، وفتحت معظم المحال التجارية أبوابها، فيما ظلت البنوك ومحال الصرافة مغلقة خشية تعرضها إلى الاعتداء. وفيما تواصل الحكومة التحضير لتلقيم الشارع وجبة جديدة من رفع الأسعار، تعالت أصوات اتهمتها بالقصور عن معالجة الوضع الحرج داخل معان. ويعتبر انكماش الاقتصاد تحدياً للحكومة، إذ تصعب عليها تلبية مطالب أهالي المدينة القبلية الساعين إلى وظائف حكومية، مع نقص المساعدات الأجنبية وإيرادات الضرائب. وبذل بعض أقطاب البرلمان والمحسوبين على مؤسسات نافذة داخل الدولة خلال اليومين الماضيين جهوداً مضنية ما زالت مستمرة لإطاحة حكومة النسور، ترافقت مع بدء المشاورات الحكومية مع النواب لإقرار رفع أسعار الكهرباء خلال الفترة المقبلة بهدف الحصول على قرض مالي مشروط. وقال رئيس البرلمان السابق النائب عبد الكريم الدغمي إن تكتلاً كبيراً تحت القبة «يسعى مجدداً إلى طرح الثقة بالحكومة لتمسكها بقرارات رفع الأسعار». وكان رئيس البرلمان سعد هايل السرور اعتبر قبل أيام أن الحكومة «ستكون في مهب الريح إذا ما اتخذت إجراءات تخسر معها ثقة النواب أو الشارع». ولا تستبعد أوساط رسمية إطاحة الحكومة عبر البرلمان إذا ما أصر الرئيس على قرار رفع الأسعار. وكان النسور على مدى الأسابيع الماضية تمسك بقرار رفع أسعار الكهرباء، لكن قيادات فاعلة داخل الدولة أكدت خطورة الإقدام على مثل هذا القرار حالياً، واقترحت تأجيله إلى ما بعد شهر رمضان، على ما أفاد مساعدون حكوميون ل «الحياة». وأكد هؤلاء أن ثمة مساعي تبذل لتثبيت سعر الكهرباء لشرائح الاستهلاك الدنيا (الطبقات الفقيرة) في محاولة تهدف، كما يبدو، إلى امتصاص رد فعل صاخباً ومتوقعاً لدى الشارع. ويبدو أن مصير الحكومة سيبقى معلقاً على قرار رفع الكهرباء ومدى قدرتها على إقناع البرلمان بضرورة تمريره. ويقول محللون إن فشل الحكومة في إقناع المشرعين بقرار الرفع وتعرضها إلى احتجاجات عارمة، سيجعلها عرضة للإطاحة، خصوصاً أن ممارسة الضغوط التقليدية على البرلمان ستكون محدودة هذه المرة خشية مغامرة الأخير بالشارع، وبالتالي التضحية به تحت ضغط الاحتجاجات.