استمراراً لمسلسل المشاكل بين الورثة وصنّاع مسلسلات السير الذاتية، لم يقتصر طيلة الأيام الماضية اقتران اسم جماعة الإخوان المسلمين – المحظورة - في مصر بجبهة المعارضة وبالتنافس السياسي الشرس مع الحزب الوطني الحاكم بل امتد إلى مناوشات بين الجماعة وصنّاع مسلسل «الجماعة» الذي يروي تاريخ سيرة حياة مؤسس الجماعة حسن البنا وتاريخها حتى الآن. وعلى رأسهم المؤلف وحيد حامد الذي اشتهر بخلافاته الفكرية مع الجماعات الإسلامية التي هاجمت أعمالاً فنية عدة لحامد مثل مسلسل «العائلة» وأفلام «الإرهاب والكباب»، و»الإرهابي» وغيره. وتأتي هذه المناوشات على خلفية رفض بعض أعضاء الجماعة لمسألة تصوير المسلسل من دون الاطلاع على السيناريو، وينوي المحامي أحمد سيف الإسلام البنا نجل مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا، وعدد من أعضاء الجماعة ونوابها في البرلمان المصري إقامة دعاوى قضائية ضد وحيد حامد والشركة المنتجة للمسلسل لرفضهما الاطلاع على السيناريو الخاص بالمسلسل، أو على المواد الأرشيفية والتاريخية والمراجع التي استخدمها في كتابة أحداثه. وعلى رغم تأكيدات وحيد حامد في تصريحات صحافية على عدم إقدام أي من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين على طلب الاطلاع على السيناريو، إلا أنه في الوقت نفسه يرفض الفكرة بتاتاً، مشيراً إلى أنه لا يحق «المصادرة على حرية الإبداع» أو الاعتراض على عمل فني قبل عرضه على الشاشة والاطلاع على ما يحويه من أحداث درامية. ويرى بعض أعضاء الإخوان أن توقيت عرض المسلسل – قبل انتخابات البرلمان في تشرين الأول (أكتوبر) 2010 - هو نوع من التعمد ومحاولة لتشويه صورة الجماعة وتاريخها، ما قد يؤدي إلى فقدانها مقاعد في البرلمان المصري خصوصاً بعد تعاقد التلفزيون المصري مع الجهة المنتجة على عرضه في رمضان المقبل، وهو ما يعني اقتناص المسلسل لنسبة مشاهدة عالية. كما شدد نجل حسن البنا على أن اعتراضه على المسلسل نابع – بحسب كلامه - من «خوفه على الاعتماد على معلومات مغلوطة عن الجماعة وشخصية مؤسسها والده حسن البنا ما يعني تزييف حقائق، وصعوبة في تغيير تلك الصورة المشوهة في أذهان قطاع عريض من المصريين لتأثير مسلسلات السير الذاتية القوي على المشاهدين واعتبار أحداثها وثائق لا ريب فيها». ويؤكد سيف الإسلام على ضرورة رجوع حامد له كمصدر لاستسقاء تاريخ الجماعة الحقيقي خصوصاً أنه حتى الآن لا يعلم مما سيستقي حامد أحداث المسلسل ومصادره التي سيعتمد عليها. وبين تأكيدات حامد وجود حقائق موثقة تاريخياً، تثبت تملك الجماعة في الماضي جهازاً سرياً مارست من خلاله العنف، فضلاً عن حذف الجماعة بعض الأجزاء من كتب المؤسس الأول لها، ونفي سيف الإسلام لهذا الكلام ترتفع أسهم المسلسل الدعائية بجنون بفضل سياسة الشد والجذب بين الطرفين ما ينبئ بنسبة مشاهدة وجدال إعلامي ونقدي حول المسلسل بعد عرضه كمعظم مسلسلات السير الذاتية. ويتناول المسلسل، الذي ستتجاوز موازنة إنتاجه 50 مليون جنيه، تاريخ جماعة الإخوان المسلمين منذ تأسيسها في 1928 على يد حسن البنا، وحتى الآن مسلطاً الضوء على نشأتهم كحركة إسلامية، ثم تشعبها في 72 دولة. ويشارك في بطولة المسلسل كل من السوري إياد نصار الذي سيجسد دور حسن البنا، وعزت العلايلي ويوسف شعبان وصلاح عبدالله ويسرا اللوزي وحسن الرداد. ويشهد المسلسل مشاركة ضيوف شرف كثيرين مثل: أحمد حلمي وكريم عبدالعزيز ومنة شلبي وعمرو واكد. وطاولت أسهم النقد وحيد حامد بسبب المسلسل خصوصاً مع تأييد شريحة لا بأس بها من الشعب المصري للجماعة إذ اتهم بولائه للحكومة المصرية وغض الطرف عن سلبياتها وكأنه المتحدث الرسمي باسمها بينما يصب الهجوم الضاري على رأس الإخوان المسلمين بعدما أفل نجم الجماعات الإسلامية المتطرفة الذين اعتاد حامد إبراز صورتهم السلبية في أعماله الفنية وآخرها فيلمه «دم الغزال».