القاهرة - أ ف ب - انتصر نقيب الصحافيين المصريين مكرم محمد أحمد للفنانة بسمة بعد جدل أثاره مقال نشر في صحيفة «الأهرام»، تطرق الى أصول جدها اليهودية على رغم انه يعتبر من قيادات الحركة الوطنية، ما دفع الى إعادة إحياء مشروع تصوير فيلم حول حياته. وأكد نقيب الصحافيين أن «ما نشر يدخل في صور التمييز الديني الذي ترفضه تقاليد العمل الصحافي ويتنافى مع ميثاق الشرف الصحافي، خصوصاً أن الممثلة بسمة فنانة محترمة، كما أن جدها هو أحد العلامات المصرية الثقافية البارزة في التاريخ المصري المعاصر». وكانت الصحافية في «الأهرام» علا السعدني، ذكرت في مقال لها نشر في 9 نيسان (أبريل) الجاري تعليقاً على قرار الفنانة بسمة مقاطعة الصحافيين: «كان من المفروض أن تتبعي طريقة إذا بليتي بجد يهودي فلتستري نفسك، فكان هذا أفضل من مقاطعة الصحافة والصحافيين الذين ما زالت آثار مدحهم لفيلمك «رسائل البحر» لم تنمح بعد ولم تجف». واعتبرت بسمه أن «جذور جدها لأمها اليهودية لا تلغي افتخارها به، لأنه كان في حياته مناضلاً وطنياً مصرياً أصيلاً ولعب دوراً قيادياً في تاريخ حركتها السياسية اليسارية في الأربعينات وتعرض للاعتقال نتيجة مواقفه الوطنية في العهد الملكي وفي عهد الرئيسين جمال عبد الناصر وأنور السادات». وتابعت إلا أنه «لم يتنازل عن مواقفه المبدئية وبقي مدافعاً عن العمال والفلاحين في المحاكم من دون أن يتقاضى أجراً الى جانب انه كان من الشخصيات الرئيسية في تأسيس حزب العمال والفلاحين الشيوعي المصري». وأكدت أن «جدها أشهر إسلامه وهو في الثلاثين من عمره وعارض إقامة دولة إسرائيل كما أن هناك فارقاً كبيراً بين الديانة اليهودية والصهيونية ومشروعها السياسي». وأكد الصحافي حاتم جمال لوكالة فرانس برس الذي كان أجرى معها حواراً حول فيلمها الأخير «رسائل البحر» لداود عبد السيد الذي فجر الأزمة انه «كان يقصد بسؤال الفنانة بسمة عن جدها أن يعيد إظهار تاريخ رجل سياسي ووطني كبير عمل ضمن صفوف الحركة الوطنية المصرية وكان من رجالها الكبار». وتابع الى «جانب ذلك فأنا لم يخطر في بالي نهائياً أن يفهم أن بعض الصحافيين لا يعرفون جد بسمة اليهودي الذي أشهر إسلامه ودوره في الحركة الوطنية وكيف أن بعضهم حاول أن يصيغ تصريحاتها لمجلة الكواكب التي أعمل بها والتي حملت صفحاتها مقابلتي معها بطريقة غير صحيحة وخارج سياقها الحقيقي». وتحدث عن «كيفية قيام مواقع إلكترونية إسرائيلية بالاستفادة من تصريحات بسمة المفتخرة بجدها كأنه قضية دينية وقيام صحافيين بالمس بالفنانة على أساس أصول جدها وهذا ما لم يخطر على بالي إطلاقاً لأني احترم المناضل الراحل يوسف درويش جد الفنانة بسمة الى جانب احترامي الشخصي لها فأنا لم أقصد ما ذهب إليه هؤلاء». وفي الوقت نفسه أكد الصحافي وكاتب السيناريو سيد محمود لفرانس برس أن «الأزمة هذه التي وقعت دفعت المنتج محمد العدل أن يتفق مع المخرج عمر بيومي على الانتهاء من فيلم «يوسف درويش ... راعي الأمل» الذي قام بكتابة السيناريو له وقام عمرو بيومي بإخراجه. وكان العمل في الفيلم توقف قبل سنوات بسبب خلاف في وجهات النظر بين المنتج والمخرج. ويكشف الفيلم التاريخ الوطني للمناضل الراحل ودوره في الحركة الشيوعية المصرية كما يسلط الضوء على الخلافات التي نشبت بين قياداتها منذ الأربعينات وحتى نهاية عصر السادات. ويضم الفيلم لقاءات مصورة وتسجيلات نادرة مع درويش تصل لنحو 8 ساعات أجراها فريق العمل في الفيلم مع الراحل قبل عام من رحيله في 2006 كما يضم الفيلم لقاءات مع قيادات وطنية ويسارية من أجيال مختلفة. والتقى محمود خلال إعداده للفيلم مع أكثر من 20 قيادة وطنية في مراحل العمل السياسي المختلفة بغرض إلقاء الضوء على الدور الذي لعبه الجيل المؤسس للحركة الشيوعية المصرية والخلافات التي نشبت نتيجة وضع اليهود المصريين والأجانب في مراكزها القيادية. ومن بين الأسماء البارزة التي جرى التسجيل معها رفعت السعيد وصلاح عيسى وسعد زهران وحلمي ياسين وفخري لبيب وعطية الصيرفي وصابر بركات وعماد عطية كما يضم الفيلم شهادة من ابنته الناشطة نولا درويش وحفيدته النجمة بسمة وطبيبه المعالج بالإضافة الى الباحثين الأجانب الذين عملوا على كتابة سيرة الراجل ونضاله في صفوف الحركات العمالية واليسارية. ويكشف الفيلم لأول مرة عن رسائل متبادلة بين الراحل والرئيس جمال عبد الناصر والرئيس السادات ووثائق في شأن مشاركة الراحل في تعبئة حركة مقاومة الاحتلال البريطاني خلال عام 1951 وخلال حرب السويس. وقال محمود: «من المعروف أن يوسف درويش نشأ في أسرة مصرية يهودية من طائفة اليهود القرائيين وحصل على ليسانس الحقوق من فرنسا عام 1934 وعادلها بالليسانس المصري عام 1944 وأعلن إسلامه في عام 1947 وكان معادياً للحركة الصهيونية وموقفه معروف منها كما انه رفض استيطان اليهود في فلسطين». وأشار الى أن «الراحل كشف عن انضمامه للحركة الشيوعية إبان دراسته الحقوق في فرنسا واهتم عند عودته الى مصر بالدفاع عن العمال واعتقل عدة مرات وأسس مع زملاء له «منظمة طليعة العمال», ثم انضم لمنظمة حدتو عام 1948 وبعد حل الحزب الشيوعي المصري عام 1952 أسس مع ميشيل كامل «منظمة شروق الشيوعية». وتابع انه أسس بعدها مع أحمد نبيل الهلالي حزب الشعب الاشتراكي عام 1978 وتوفي في عام 2006.